يعرف الجميع المقولة التقليدية المتداولة عن المجتمعات الماقبل حداثية، وهي أنها تعيش في حَمْأة أزماتها مع المحرمات الثلاثة: الدين والسياسة والجنس. وبالنظر إلى الواقع نجدها مقولة لا تبعد عن الحقيقة، إذ الاختلاف مرتبط بعلاقة غير سوية مع الدين، ومع السياسية، ومع الحريات الشخصية. فقد كان بعض رجال الدين في تلك المجتمعات البدائية كهنوتاً تسلطياً يقمع أنفاس الأسئلة البريئة، والسلطات السياسية أحادية دكتاتورية قمعية متألهة، لا تسمح بالنقد ولا بالمساءلة، والجنس هو أقنوم المحرمات، حيث تتشكل فيه وعلى ضوئه جميع العقد الاجتماعية على اختلاف تمظهراتها. ومن يتجرأ على أيٍّ من هذه المحرمات؛ يتعرض للاضطهاد على مقدار نصيبه من الجرأة التي قد تكون قاتلة في كثير من الأحيان.
تتمة موضوع "التحرر الليبرالي ليس انحلالاً.....مـحـمـد بن علي الـمـحـمـود"
يُعاني العالم الإسلامي، والعربي منه على وجه الخصوص، من أزمات طاحنة، وصراعات مدمرة، تصدر في مجملها عن تصورات دينية مأزومة تضرب في عمق تاريخنا الطويل. ومع أن هذه الأزمات التي تكاد تعصف بالجميع تبدو وكأنها من نتائج الاحتراب السياسي في علاقته المباشرة بالواقع؛ إلا أنها في العمق تصدر عن وعي كُلّي ينتظمه الخطاب الديني الذي يُهيمن بشكل مباشر أو غير مباشر على مُجمل السلوكيات التي تصدر عن الجماعات أو عن الأفراد. ما يعني أن تغيير الوعي العام؛ من حيث هو شرط لتغيير الواقع، مرهون بمتغيرات جذرية لا بد أن تمس جوهر الرؤية الدينية الموروثة. وهذا لا يكون إلا بخطاب ديني جديد يجري تفعيله في الواقع على أوسع نطاق.
تتمة موضوع "استراتيجية إعلامية للتجديد الديني.....مـحـمـد بن علي الـمـحـمـود"