الليبرالية الديمقراطية ليست الرأسمالية بل هي مشروع إنساني تنموي طموح غايته حماية الإنسان من عنف الدكتاتورية والتسيب واللامبالات ، وتحويل المسار المجتمعي من مسار طبقي نخبوي إلى مسار شعبي ، وهذا ما نرغب ان يكون عليه حال عراقنا الجديد .
وهذه فلسفة الفكر الليبرالي كما هو وهو ليس ترويج إعلامي أو دعائي كما قد يظن البعض أو يصوره البعض الآخر ، فالقراءة الموضوعية للفكر الليبرالي ، وكذا طبيعة مشروعه في الحرية والعدل والسلام ، تدلنا على إنه فكر تنموي هدفه الإنسان أولاً والإنسان أخراً ، ومن هنا تبدو عداوة الفكر الشمولي لليبرالية الديمقراطية تنطلق من هذا الإطار .
والحق إن فلاسفة ومنظري الفكر الليبرالي الديمقراطي يجمعون بين الحق والعدل وإرتباطهم بحياة الكائن الحي ، أي إن القيمة المفهومية والدلالية لليبرالية هي قيمة علمية وفكرية تستهدف تغيير إرادة الوعي الجمعي للناس عن طريق فهم الحياة على نحو مختلف يحقق للانسان الفرد والانسان الجماعة فيها القدر اللائق من الحرية المطلقة والعدل المطلق والسلام للجميع ، وهذا خيار أستراتيجي تقدمي ، يقوم على الطبيعة ذات الانساق المعرفية المتنوعة .
والمشروع الليبرالي الديمقراطي للعراق الجديد هو ليس عملا جبريا ، يقوم على الغصب والإكراه بل هو حاجة وغاية وهدف ومطلوب في ذاته لذاته ، لانه ينفع العراقيين :
1 - في ترمييم ما اصابهم من ظلم وكبت واستبداد .
2 - وهو سلوك اجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي بعيد عن الاطر الأيديولوجية الراديكالية القديمة .
3 - وهو تعزيز لإنسانية الانسان وتاكيد على حقه في الحياة .
المشروع الليبرالي الديمقراطي هو القادر على حماية حرية العمل الحزبي والتنظيمي ، وهو القادر وحده على المساهمة في تطوير العمل الديمقراطي في كل مؤوسسات الدولة العاملة ، وهو وحده القادر على تعزيز سلطة القانون من اجل الجميع وذلك حماية للمجتمع المدني من الشوفينية والأستبداد الذي يميل إليه في الغالب دعاة المشروع الشمولي .
وللمشروع الليبرالي الديمقراطي القدرة على تفعيل وتنشيط الذاكرة الوطنية ، واعطاء قدر لائق للدين الشعبي ، ومحاربة الأستبداد بكل اشكاله ومسمياته ، وبالتالي فهو حصانه وحماية للجميع ، وهو ابتعاد عن الصناعة الديكتاتورية للفرد وللجماعة ..
بل إن المشرع الليبرالي يعتقد بانه مسؤول مسؤولية قانونية واخلاقية عن مجمل الكيان الجمعي للوطن والمواطن .
وبناءاً على هذا تناصب المشروع كل قوى الظلام والدكتاتورية والشوفينية والإنتهازية والوصولية ، والليبرالية الديمقراطية تعتقد بوحدة الأديان والأوطان من حيث الشعور بالمسؤولية تجاهها ، لذلك فهي السباقة في تحرير البوسنة من الإبادة الجماعية للعنصريين الصرب ، وكذا تساهم وساهمت في تحرير العراق من الظلم والدكتاتورية ، وساهمت بشكل فاعل من إنقاذ الشعب الأفغاني من سلطة منظمات الظلام التي كانت تحكمها .
المشروع الليبرالي الديمقراطي بديل واقعي للشعوب المستضعفة والتي تحكمها قوى رجعية شمولية كما هو سائد في بلادنا العربية والإسلامية ، أي إنه البديل عن الطائفية والمذهبية والدينية البغيضة التي تعرض هنا او هناك من عالمنا العربي والإسلامي .
وبالتالي فلااحد من الليبراليين ا لحقيقيين يسعى ليكون دكتاتورا او صورة اخرى عن الدكتاتور ، لا في الشكل ولا في المضمون ، و لهذا يجب ان يعطى للمشروع فرصته ليثبت ذاته ومصداقيته وصلاحيته
للشعب العراقي محل التجربة .
كما اننا نرى من المصلحة ان لانخلط الامور مع بعضها فيتوهم القارئ ان الديمقراطية في الفكر الليبرالي هي نسخة بدل عن الديكاتورية في الفكر القومي او الفكر الشمولي لدى بعض الاحزاب او عند بعض الافراد .
ولكي نكون اكثر دقه في عرضنا هذا ، يلزمنا التاكيد على القراءة الهادئة للثقافة الليبرالية ، قراءة في اصولها ومبانيها وفي فلسفتها و ثقافتها المنتشرة في الافاق ، والتي تحاول فيها دائما التاكيد على اهمية الحوار ، واحترام الراي الاخر ، والابتعاد عن كل الدرجات والاحكام المسبقة والقبلية ، واباء الليبرالية القدامى كانوا اكثر حرصا في حربهم ضد النرجسية والشخصانية .
وليس من الحكمة ان نساوي بين دعاة الديمقراطية وصناعها وبين جلادين وطغاة ، انما من الحكمة بمكان ان نعزز تجاربها في دول العالم ونسعى لتركيزها في بلدنا ومنطقتنا ، لانها حاجة في نفسهاولغيرها .
والمشروع الليبرالي الديمقراطي : وحده القادر بالفعل على تحويل العراق من بلد متخلف الى بلد متقدم وعصري وفاعل ومنتج ، وهو ذاته القادر على اخراجه من الضبابية والظلامية والانغلاق وحكم ما قبلنا .
وعلى ذلك يمكننا اعتبار الليبرالية الديمقراطية هي مشروع كل العراقيين ، بل هي حزبهم جميعا وهي وحدها التي تصلح موؤسساتهم ووزاراتهم وحوزتهم ومدارسهم ومساجدهم ومستشفياتهم ، وهي وحدها القادرة على اخراجهم من دائرة التنابذ والتناحر ، وترسي فيهم دعائم وقيم المحبة والاصلاح.
والمشروع الليبرالي الديمقراطي حصانة للجميع من التطرف اليساري واليميني ، ولذا فنحن نتبناه في العراق حزبا ومشروعا وساحة عمل ومنظومة قيم ، وهو للمنطقة درء من المفاسد والفتن ، وهو اصلاح لذات البين ورخاء في الحياة ، ولامشاحة في الاصطلاح لمن لايعرف من فنون اللغة الا الوقف والتوقيف .
واننا على يقين ثابت بان العراق الجديد في ظله سيكون المدينة الفاضلة والقدوة للجميع ..
الدائرة السياسية
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
20 - 04 - 2004