في الحلقتين الماضيتين كنا قد تحدثنا عن القيم الليبرالية وعن الثقافة الليبرالية ، وعن دور المنتظم الليبرالي والفرد الليبرالي في تنشيط صناعة الحياة والتوكيد على صناعة المستقبل .
واليوم سنتحدث عن التحديات التي تواجه الليبرالية الديمقراطية وهي تخوض معركة البناء ، ليس في العراق وحسب بل في كل الأقطار العربية والإسلامية ، نقول هذا مع علمنا بان - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - قد تصدى لمواجهة هذه التحديات بالإرادة والإصرار على التمسك بالقيم وبالثقافة الوطنية ، إيماناً منه باهمية ذلك في العمل الوطني المسؤول ، وفي إيجاد القاعدة الأساسية لوضع حد للتردي في الوضع الأممي العام ، ولقد نمى على ذلك وترعرع جيل من المنتظمات والشخصيات الليبرالية في المنطقة العربية والإسلامية والفضل في ذلك يعود من دون شك – لحزبنا الليبرالي الديمقراطي العراقي – فهو الذي حدد بإتقان وبحرفية عالية معنى الثقافة الليبرالية ، والفلسفة الليبرالية ، والمجتمع الليبرالي ، والحياة الليبرالية .
وإليه يعود الفضل ايضاً ، في تقديمه لجيل من المثقفين العرب والمسلمين كدعاة لنهج الليبرالية وثقافتها …
نريد من هذا كله ان نوضح للشعب وللأمة بان - طريق الليبرالية الديمقراطية - هو ضرورة تاريخية جاء بها الحزب ، ليجعلها هي الممكن الوحيد في حياة الشعب العراقي والأمة العربية والإسلامية ، وهي تخوض معركة البناء الطبيعي من أجل الديمقراطية وبناء المجتمع الليبرالي .
إن طريق - الليبرالية الديمقراطية – صحيح في ذاته ، وقد أثبتت التجارب والأحداث ذلك ، كما أثبتت التجارب إن الحاجة إليه لم تضعف ، ولايمكن أستبدالها بانواع من التجارب والممارسات التاريخية ، كما إنها لم تضعف كذلك رغم القلق الذي احدثته سنوات ما بعد التحرير وما رافقها من دماء وقتل وفوضى ، لأننا أمنا بان التحرير كان هو البداية في الطريق الطويل ، لبناء وتأسيس النظام الديمقراطي المنشود ، كما يجب التأكيد بإننا مع التحرير قد دخلنا طوراً تاريخياً جديداً ، سيساهم في تحقيق أهدافنا في العدل والحرية والسلام ، وتحقيق مبادئنا وقيمنا الراسخة ، ونحن وبالرغم على مضي خمس من السنوات من حياة النظام الجديد في العراق ، نشعر ونلمس بعقولنا وقلوبنا وضمائرنا ، بان بقاء ديمومة وإستمرار حركة وفعل – الليبرالية الديمقراطية – هو ضرورة تاريخية وموضوعية بالغة الأهمية ، وإن أي تراجع في فكرها وقيمها يُعد كارثة حقيقية ، وإنهيار تام لطموحات وأحلام الشعب وللجهود التي بذلها المجتمع الدولي من أجل حرية العراقيين وحماية مستقبلهم ..
نقول هذا ونحن نعرف : ولربما أكثر من غيرنا ما ينتاب أمتنا من أزمات ومحن ، ومن تشويه لإرادتها ونعرف طبيعة الحرب الخفية التي تُشن ضدها ، فالمسألة كما يعلم الجميع ليست سهلة ، ولا يمكن وصفها بالمستحيلة ، المسألة هي ببساطة تعبير عن توجه حضاري وبرنامج حياة يجب أن تسلكه الأمة ، فلو فرضنا المحال وأفترضنا إن - الليبرالية الديمقراطية – قد طالها التشويه والتراخي ، فان الضرورة التاريخية والحتمية التاريخية لوجودها يجعلها حية في فكرها وإتجاهها وأهدافها وعمقها في ضمير الشعب الذي لا يستغنى عنها أبداً ..
فالفكر الذي طرحته - الليبرالية الديمقراطية – والثقافة التي تبنتها شيء لا يمكن تعويضه أو الإستغناء عنه ، ولهذا نقول : إن وجود - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – يعتبر ضرورة للعراق والعراقيين ودوامه حياة للعرب والمسلمين ، لكي يؤدي دوره ورسالته ويحقق أهدافه كاملة ، فالأمة العراقية والشعوب العربية والمسلمة لن تنهض ولن تحقق أهدافها إن لم تتبنى - الليبرالية الديمقراطية - وتتبنى رسالتها ، وهذا لا يتم بالتمني ، بل بالعمل الجماعي الحر المنظم المنفتح ، هذا هو الطريق ، وكل إبتعاد عنه يهدد كيان ووجود الأمة ويحطم آمالها في البناء والتقدم والعيش المشترك ..
ولسنا بحاجة للتذكير بامور يفترض إنها غدت واضحة ومحددة ومعروفة لدى الجميع ولليبراليين خاصة ، كما لسنا بحاجة للتذكير بقيم الأمة وحاجاتها ، لكن الشيء الذي يجب التأكيد عليه مرات عديدة هو : إن الحركة الليبرالية الديمقراطية يجب ان تكون حركة شعبية ، تدافع عن الإنسان وعن حريته وعن حقوقه وعن وجوده ، من دون تصنع ومن دون تكلف أو ممارسة التزوير الدعائي والشعاراتي ، فالهدف بل الغاية من الليبرالية الديمقراطية يجب ان يعيشها الشعب في وجدانه وضميره ..
ومن هنا نقول : ان قيم الليبرالية الديمقراطية هي قيم الشعب ، وهي إرادته ورغبته في الحياة الحرة الكريمة ، حياة العمل والنشاط والأبداع وصناعة المستقبل ، فجدير بنا التأكيد على قدرة الشعب من جديد وقدرته على الإضطلاع بواجبه تجاه مستقبله التاريخي والوجودي ، وجدير بنا ان ندرك هذه الحقيقة ، التي هي السبيل بل الطريق الوحيد لحماية الشعب من عنف الظلم وحركاته الفاسدة ، كما إنه يلزمنا بذل الجهد وكامل الطاقة للإرتفاع بمستوى حركة الليبرالي كي يكون جدير بحمل الرسالة الوطنية ، في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة ، كما يجب ان يعتبر كل الليبراليين في المنطقة ان خيارهم وإيمانهم بالليبرالية مرتبط ببرامج وتعليمات الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي ، فهو الحاضنة لكل توجه في هذا المجال وما النشاط الملحوظ الذي نشاهده إلاّ نتاج طبيعي له ، هذه هي المسؤولية التي يجب النظر إليها بعين الرعاية لأنها مسؤولية وطنية وشعبية ..
مركز الدراسات والبحوث في
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
18 – 03 -09