سنقدم لكم في هذه الورقة وجهة نظر - الليبرالية الديمقراطية - من المسألة الكردية ، ونقول : تبنت الليبرالية الديمقراطية ومنذ نشأتها الأولى في منطقة - الشرق الأوسط - الحرية وحق تقرير المصير لكردستان الكبيرة ، وقد عبرت الليبرالية الديمقراطية عن ذلك بمواقف وأفكار ونشريات وثقافة عُممت على الجميع ، إن إيمان الليبرالية الديمقراطية بهذا الحق ثابت وقد أشار إليه الميثاق العام والتفريعات اللاحقة في ذلك .
إن - الليبرالية الديمقراطية - تؤمن بان المسألة الكردية قد أصابها الكثير من الظلم وعدم الإنصاف والعدل ، من معظم الفئات والتيارات والأحزاب في المنطقة ، وكانت القضية الكردية لا تتجاوز التنظير أو الإستخدام المحلي لجهات الصراع في المنطقة ، ولم تتبناها جهات دولية فاعلة على نحو الإلزام والتوجيه ، وقد كلف ذلك الأكراد الكثير من المعانات والألم والخوف والتهجير وسوء المعاملة ، ولم تنل - المسألة الكردية - ما تستحق من الإهتمام والرعاية الدولية ، ما يجعلها تستحق أن تكون أولوية من بين الأولويات التي يُحكى ويتحدث عنها ، والتبرير الذي يُقدم هنا وهناك هو تذويب وتخدير وإلهاء للشعب الكردي ، فثمة مفارقة تاريخية وأخلاقية يرتكز عليها أولئك المبررون .
ودعونا نعترف بأن اللامبالات التي أظهرها المجتمع الدولي كذلك ومن أطراف في المنطقة ، كانت من العوامل التي أثرت سلباً في أحداث ماهو مرجوا ومطلوب في تثبيت الحقوق ودعمها بما هو مطلوب ولازم ، وفي هذه المناسبة لا يفوتنا التذكير بتلك النضالات المتنوعة والتضحيات التي قدمها الشعب والأمة الكردية ، في صراعها المستديم من أجل نيل الحقوق وتقرير المصير .
ومن نافلة القول التأكيد على أن - الليبرالية الديمقراطية - كانت سباقه و تعي مسؤولياتها في ذلك ، ولهذا أعتمدت في ثقافتها وبرامجها على التوكيد على هذا الحق وبيانه ونشره في المحافل والمؤتمرات والندوات ، ولم تقف الليبرالية الديمقراطية عند هذا الحد بل ساهمت ودعمت مشروع الدولة الكردية المستقلة ، على كامل الأراضي والجغرافيا الكردية ، ولهذا أيدت الليبرالية الديمقراطية مشروع الإستفتاء من غير تردد ، معتبرة ذلك مقدمة صحيحة في نشر الوعي الأممي عن الحق الكردي وإن كان ذلك في جزء من كردستان الكبيرة .
لقد عبرت - الليبرالية الديمقراطية - عن ذلك بوضوح ومن غير لُبس ، ومن خلال سلسلة من الأفكار والبيانات الصريحة الدالة على ذلك والتي لا تقبل التأويل ، إن إيماننا بحق الشعب الكردي في دولة مستقلة ذات سيادة ، إيمان لا يوازيه شيء وهو منغرس في كيان ووجدان كل ليبرالي ديمقراطي مؤمن بثقافة الحرية والإستقلال ، إن تاريخ الشعب الكردي حافل بكل ماهو نافع ومفيد للمنطقة والعالم ، ولم يكن الشعب الكردي إلاَّ في مقدمة الشعوب المؤمنة بالعدل والحرية والسلام للجميع ، ومواقف الأكراد في ذلك حاضرة ومشهودة ولهم مشاركات في كل ما يمكنه تقدم البلدان التي عاشوا فيها ، ولم يحملوا تجاه أحد ضغينة أو كراهية يشهد على ذلك التاريخ و التجربة ، إن الشعب الكردي يحمل حساً أستراتيجياً متقدماً في التعامل مع القضايا المصيرية في المنطقة .
ونحن ننظر إلى ما يمكن لليبرالية الديمقراطية فعله وتقريره في هذا الشأن ، فهناك ثمة إشتراك أخلاقي وقيمي يدعونا لإعادة تركيب المنطقة وجغرافيتها من جديد ، ونعني بذلك تلك الإعادة لرسم الخارطة المنتظرة الجديدة - للشرق الأوسط - والتي تكون فيها دولة كردستان حاضرة ومعبرة عن طموحات شعبها ، وعن هذا التلاحم المصيري بينها وبين جيرانها ، وليس من شك إن ما أسسه الظلم في - سايكس بيكو - يجب أن ينتهي ويزول ، وتلك يجب أن تكون حقيقة من الحقايق التي يعمل عليها المجتمع الحر ، وهو يُعيد صياغة رسم الخارطة الموعودة للعالم والمنطقة ، كما إن هناك ما يوحي في هذا المجال ويشجع على ما ننادي به ونعمل مع غيرنا من القوى والتيارات الحرة .
إن مشروع - الليبرالية الديمقراطية - هو المشروع الحيوي الذي يمكنه ، التعامل بروح منفتحة وقابلة على الحياة مع التوجهات الدولية لرسم حدود ومعالم - النظام الدولي الجديد - ، وفي هذه المناسبة نؤكد من جديد ما كنا نطالب به ونتبناه ، ونوصل ذلك لمن يهمه الأمر .
إن المسألة الكردية وحق تقرير المصير والإستقلال لا يجب نسيانه أو تكرار تجربة المئة عام الماضية ، إن ثقتنا بالمجتمع الدولي وتفهمه للواقع هو ما يجعلنا نؤمن بأن الصيرورة وحق الشعوب الحية والفاعلة والنشطة والمشاركة في كل فعل فعل إيجابي ، هو الممكن الوحيد اللازم من لوازم تشكيل وبناء النظام الدولي الجديد .
إن ما يضفي على - المسألة الكردية - أهمية خاصة في هذا الوقت بالذات ، تطور الوعي لجيل من الشباب والشابات الأكراد ورؤيتهم الجديدة نحو عالم تسود فيه قيم الحياة من العدل والحرية والسلام ، وان ما يُشاع عن الماضي بكل تراكماته ذهب مع الأيام ولم يعد له وجود لا في الذهن ولا في الضمير الكردي اليوم .
إن الدينامية التي يتحلى بها شعب كردستان هي من الضواغط التي تدفع بمؤوسسي العالم الجديد للنظر بعين الرعاية والإهتمام لمستقبل المنطقة وكيف يجب ان تكون ؟ ، ومن هنا تتبنى - الليبرالية الديمقراطية - هذا الخيار كواحد من الخيارات التي لا تقبل القسمة أو التجزئة ، مستشهدت بأراء وأفكار لرجال أكراد من العيار الثقيل المدفوعين بحب الحياة ولا غير ، وأما نظرتهم القومية فهي لا تنفك عن ذلك الإطار الإنساني الرصين ليس إلاَّ .
إن المشرع الكردي يعترف اليوم بان قضيته خضعت لتدخلات من هنا وهناك من اطراف وقوى داخلية وخارجية ، وقد أستفاد مغرضون من ذلك في التنكيل والنكاية ، لكن عمق إيمان الأكراد في مصيرهم المشترك ساهم في سد باب الذرائع للمغامرين من كافة الأطراف .
لذلك سنكرر ما قلناه في البدء إن - المسألة الكردية - يجب ان تكون أولوية في المرحلة القادمة ، أي إننا كليبراليين ديمقراطين سنوصل ذلك الجهد وذلك المسعى وعبر قنوات متنوعة ، لمن يهمهم الأمر لحسم هذه القضية على نحو إيجابي يحقق طموحات وآمال الشعب الكردي التواق - للعدل والحرية والسلام - .
ونعيد التأكيد من جديد : إن الحق في تقرير المصير سيحمي الجميع في المنطقة ، وسيحقق لهم القدر الكافي من التوازن والثقة في ظل بعض التناقضات في المنطقة والعالم .
يوسي شيخو
الحزب الليبرالي الديمقراطي في العراق وسوريا
12 – 09 - 2020