لم تكن إنطلاقة أو لنقل ولادة - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - إلاّ حاجة شعبية للكرامة والعزة ، تتجسد هذه الحاجة في رغبة الشعب لخلق نظام إجتماعي وسياسي وثقافي جديد
تخرج فيه ومن خلاله من الواقع المر ومن الدكتاتورية ، لكن ذلك الأمر مرهون بجعل مبدأ الإنطلاق مرتبط بمعالجة الإختلالات والمشكلات التي عصفت بالأمة ، كما إنه مرتبط بتطور وسائل وأدوات الفعل لدى الأمة ، كل هذا يجعل من فكرة الحزب حول مبدأ المواجهة أمر مشروع ومرغوب ، إذ لا يمكن لنا ونحن في دور البناء والإعمار ان نتجاوز أو نتخطى الأسباب التي شكلت كل هذا الكم من التخلف والتراجع ، وهذا يعني قدرتنا على حل مشاكلنا بانفسنا ، وحين نعمم من هذا المبدأ الذاتي لا نلغي أو نطرد فكرة التعاون مع الغير من أحزاب أو منظمات دولية و أقليمية صديقة ، لكننا في الوقت نفسه لسنا مستعدين من جعل فكرة التعاون هذه طريقاً لرهن الأمة بيد الأخرين .
لكن التعاون الذي ننشده هو ذلك الشيء الذي يحقق للأمة وللوطن طموحاته وآماله ، كما إن التعاون الذي نرغب فيه لا بد ان يقوم على أساس صحيح ورغبة مشتركة واضحة وشفافه ، ومن أجل ان نعمم مبدأ التعاون هذا كنا في الحزب قد قدمنا ورقة عمل لجهات دولية مؤثرة يكون العراق فيها جزءاً فاعلاً وأساسياً .
وفي هذه القضية بالذات يجب التأكيد على الثوابت الوطنية والمجتمعية والثقافية لشعبنا ، من خلال إعتماد منطق المكاشفة والأستئناس برأي الشعب في قضاياه المصيرية ، وذلك سلوك أتبعناه نحن منذ إنطلاقتنا الأولى ..
كما يجب ان لا يغرب عن البال الرغبة التي أكدناها في الميثاق العام وفي البرامج الداخلية ، على ضرورة وأهمية قيام نظام دولي جديد ، يكون العراق جزءاً فاعلاً ومؤثراً فيه ، نظام يجسد ونجسد فيه شخصيتنا وهويتنا وإنتماءنا الوطني ، وبأننا جزء من هذه المنطقة ومن ثقافتها الإجتماعية ومن تكوينها النفسي ، إن الخروج بالعراق والأمة العراقية من دور التابع أو المتلقي هدف نعمل من أجله ، كي لا يكون العراق وشعبه وسيلة لتحقيق طموحات وأهداف الأخرين .
ولكي نكون كذلك يجب التذكير من جديد بأهمية الأهداف التي طرحها الحزب في - العدل والحرية والسلام - ، هذه الأهداف التي تحقق للعراق وشعبه الأستقلال والتحرر من كل ترسبات الماضي وشوائبه ، بإعتبارها مرتكزات نعتقد بصحتها وقدرتها على خلق أمة عراقية موحدة وخلق وطن عراقي موحد ، والتوحد الذي نطلبه هو في العمل والرؤية تجاه قضيتي البناء والأعمار .
إن - الليبرالية الديمقراطية - فكرة ومضمون ترتقي فوق كل منطق ضيق أو متعصب أو متعسف ، كما إنها تعلو فوق كل مصلحة تخل في مبدئي الحقوق والواجبات ، ومنطقها يربط دوماً بين منظومة القيم الإنسانية وبين حاجات الوطن والمواطن ، والربط هذا هدفه تعبئة شعبية وتثقيف شعبي ، يكون الإنسان فيه هو الغاية وهو الهدف ، فالليبرالية الديمقراطية هي حركة فعل ذاتي كما عرفها الميثاق العام تنبع من حاجة الأمة للكرامة والعيش الحر الشريف ، لذلك تتمتع الليبرالية الديمقراطية بمصداقية وعمق أكبر لأنها تستوحي مشروعها من حاجات الشعب وحاجات الوطن ، فهي ليست فكرة مثالية أو طوباوية لا تجسد الحقيقة ولا تستجيب للحاجات في كل الظروف !!
ولهذا الإعتبار تعمل القوى الليبرالية في العالم بجرأة أكثر وبوضوح أكبر وبصراحة أوسع من أية حركة أخرى ، وهي لا تؤمن بالتناقض أو العمل وفق التحول الفجائي ، بل تعمل وفق التطور الطبيعي في المجال الإنساني والمعرفي والعلمي ، ولهذا إحكامها مستوحات من وعي الواقع وطبيعته ، وهي لهذا الإعتبار لا تقيد حريتها الطبيعية وفق أو تبعاً لمشتهيات السلطة ، لذا تكون على الدوام متزنة في مطالبها وفي أحكامها ، وقيامها منبثق من الوعي المجتمعي الذي هو المستند وهو المرتكز ، إن ديالكتيك - الليبرالية الديمقراطية وحاجات الأمة - هو ديالكتيك مضطرد دائم البقاء ودائم الصيرورة ...