ننطلق هنا نحن في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - في تبيان الشخصية الليبرالية لأعتبارات ومفاهيم نعدها نحن من لوازم مجتمعنا العربي والمسلم ، ولذلك ومن أجل رفع الإلتباس والتشابك الذي تصنعه قوى مضادة لليبرالية تسعى لتشويه الحقيقة وتضليل الناس بالدعاية الفاسدة كما هو دأب مجاميع الظلام والقوى الجشعة والفاشية والعنصرية ، من أجل هذا كله نقول : إن الشخصية الليبرالية هي شخصية إجتماعية بالطبع .
لأنها صاحبة رسالة للإنسان وللحياة ، ولأنها كذلك لابد لها ان تعيش حركة الناس وردود أفعالهم تستمع لهم وتأخذ منهم النصيحة والمعلومة والخبرة ، تخالطهم ، تتعامل مع مشكلاتهم وتسعى من أجل إيجاد الحلول السريعة لها ، تبادلهم الأخذ والعطاء ، وهذه الصفات هي موجبات فعل وحياة ووجود الليبرالية ، وهي صفات - واقع فعل و فعل واقع - تنتمي إلى منظومة قيم ثقافية وفكرية رصينة .
فالإنسان الليبرالي : هو إنسان يتميز عن غيره بالسعي الدؤوب لخلق مجتمع التكامل والتكافل الإجتماعي ، ينطلق في ذلك من إيمانه - بالعدل والحرية والسلام - ، وهو في هذا يمكن ان نعتبره شخص كامل أو شخص يسعى للكمال ، والشخصية الليبرالية لا يمكن قياسها بالشخصية الأخرى التي تربت على البراء والولاء السلبيين تربية برجوازية أو رأسمالية جشعة ، ولا يجوز قياسها كذلك بما قدمه فكر فلاسفة العصور العتيقة والمروجين لهم .
وفي هذا الأعتبار تعتبر الشخصية الليبرالية شخصية راقية من وجوه عده : لأنها تسعى للرقي والإرتقاء بحياة المجتمع ، ولأنها كذلك تستند على منظومة القيم التي ذكرناها آنفاً ، والتي تحدث عنها الميثاق العام - للحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - والتي مارسها المنتظم الحزبي على صعيد الواقع ، وجعل منها منهاج حياة في الفكر وفي الواقع ، فالشخصية الليبرالية صادقة بالطبع ولذلك عممت هذا السلوك في الحياة ، وهذا التعميم نطالعه في الأدب الليبرالي وفي الثقافة الليبرالية ، المدون والمقرؤ والذي يدهشنا من غزارتة وسعته واستيعابه ودقته ، إذ لم يدع جانباً من جوانب الحياة الإجتماعية والسلوكية إلاّ تناوله ، وقال كلمته فيه ، مشير إلى الهدف النبيل الذي يسعى إليه ، ولهذا نقول : إنه متى ما أستقر الوعي الليبرالي في عقل وضمير وإرادة الإنسان تحول ذلك الإنسان بالفعل إلى صانع للحياة .
وطبيعي كلامنا هذا يكون في حدود الممكن والمتاح في ساحة العمل ، والذي يمثل عندنا أصل أو قاعدة من قواعد الفكر الليبرالي الذي يعكس طبيعة المضمون الثقافي والمعرفي لليبرالية ككل ،
فالصدق مثلاً : هو صفة معيارية ملازمة للشخص الليبرالي ملازمة وجود وعدم ، أي إن الليبرالي لكي يكون كذلك لا بد ان يكون صادقاً ، فلو كان غير ذلك لم يصح إطلاق صفة وأسم الليبرالية عليه ، والملازمة المقصودة تتجلى كذلك في الحياة وفي الفعل ، ذلك لأن منهج الليبرالية وقيمها حين تتغلغل في كيان الفرد تجعله صادقاً بالطبيعة والصادق في الطبيعة صادق بالفعل ، وهذه الجدلية السيكيومعرفية تجعل من كل صادق ليبرالي وإن لم يدعي ذلك ، وهذا الأمر أو هذه الدعوة إنما جاءت من خلال النواظم والمحددات التي نظمت وعينت حدود وموجبات وحقوق الليبرالي في الحياة ، نقرأ ذلك مثلاً في ملاحق الميثاق العام الذي جاء فيه : [ أن الصدق يهدي للعدل ، وان العدل هو أساس الحياة ، إذ لاحياة بلا عدل ، كما لا عدل بلا صدق ، وإن الكذب يهدي للظلم ، ولا حياة مع الظلم ] .
لهذا نقول إن الليبرالي هو من يتحرى الصدق في أقواله وأفعاله ، ولا يعد الإنسان ليبرالياً إن لم يكن صادقاً ..
وحين يكون المرء ليبرالياً صادقاً فانه لا يغش ولا يخدع ولا يغدر ، ذلك أن مقتضى الصدق النصيحة والإنصاف والوفاء ، وليس الغدر والخديعة والغش ، وهنا نقول إن وجدان الليبرالي الصادق لا يطيق الغش والخديعة في الأساس ، لأنه يرى في ذلك إنسلاخاً عن الليبرالية في محتواها وفي فكرها وفي قيمها ، كما إن مجتمع الليبرالية هو مجتمع عامر بالحب والصدق والوفاء ، ولا مكان فيه لمخاتل ومخادع غدار ، ومن يدعي إنه ليبرالي ويغدر ويفجر ويمارس السياسة كما تمارسها قوى الظلام فهو كاذب منتحل صفه ، من أجل هذا شنت الثقافة الليبرالية حملة تنديد شديدة ضد الغش والخديعة والغدر والنفاق بكل شقوقه ورسومه ، كما حاربت الليبرالية المنافقين بكل صورهم وتلاوينهم وحضت على تجريمهم ، كما ورد ذلك في ثقافة الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي قوله : لا يصح ان يكون الليبرالي فرداً سوياً ومعه خصلة من نفاق ، فالليبرالي الحق هو الصادق المؤتمن الذي لا يغدر ولا يفجر ولا يخون ..
والليبرالي الحق شخص تحلى بالخلق الإيجابي الرفيع ، خلق الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد ، وفي ذلك لا نبالغ إذا ما قلنا إن أهم عوامل نجاح الليبرالي في مجتمعه هو هذه المزايا وتلك الصفات ، فالعهد في المذهب الليبرالي ليس كلمة وحسب ، بل هو تعبير عن معنى ومضمون وجوهر الإلتزام والمسؤولية ، كما جاء في البند التاسع من ملحق الحقوق في الميثاق العام : [ إن الوفاء بالعهود هو الشرط المسبق الذي يحقق لليبرالي كينونته ووجوده ] ، ولهذا ربط المشرع الليبرالي في القانون وفي المسؤولية [بين القول والفعل ] وجعل من القول ملازم للفعل ، مذكراً بوجوب الوفاء بالعهد وعدم التحلل منه تحت أي ظرف ، طالما يحقق ذلك مصلحة للفرد ومصلحة للجماعة .
ومن صفات الليبرالي الشخصية الأخرى ، إنه حسن الخلق ، لين القول ، لا يبالغ في الوصف حباً أو كرهاً ، إذ إنه لا يقول إلا الحق ، ولا يوصف إلا الصدق ، لا يتكبر ولا يبخل على الناس بمشورة أو رأي أو قضاء حاجة ، همه سعادة الإنسان وحمايته ، فالتربية الليبرالية تكفلت بخلق مجتمع حضاري متقدم وفاعل ومنتج ، والليبرالي الحق لطيف متأن رفيق بالناس ، حين يحسن اللطف ، ويستحب الرفق ، فاللطف والرفق خصال حميدة ، لأنها تكسب الإنسان دماثة في الخلق ، ورقة في الجانب ، وتجعله حسن المعشر ، قريباً من النفوس ، محباً إلى قلوبهم ، ولقد جاء في الأخلاق الليبرالية مايلي نصه : [ لا يجوز المساوات بين الفعل الحسن والفعل القبيح ، ولا بد من فعل الخير حتى لمن هو في صف المخالفين والمعادين وناشرين البغض والفحشاء ] ، ولقد أكدت الثقافة الليبرالية على ضرورة الرفق معتبرة إيآه صفة ملازمة لمن يتحدث عن القيم الليبرالية في حياة الشعوب والأمم ، ولهذا قيل إن الليبرالي رفيق يحب الرفق في كل شأن وفعل وعمل ، والرفق المقصود عندنا هو عدم التعسير وتسهيل الأمور للناس في حياتهم ومعاشهم
...
وللحديث بقية