كانت آخر مرة زرت فيها العراق في سنة 1976م ، وقصة هروبي من العراق قصة معروفة كنت من قبل قد نوهت إلى ذلك ، وهي بإختصار تعبر عن حكاية الشعب العراقي الذي أبتلاه الله بحكم دكتاتوري مجرم تفنن في قص أنفاس الخلايق وصادر منهم قيم الحياة ، ومنذ ذلك الحين والتاريخ يشهد بأننا كنا مع غيرنا نعمل ونكافح ونجاهد حسب المستطاع وحسب الممكن من أجل أرساء دعائم الحرية والعدل والسلام في بلادنا ، وعبر تلك الأيام والسنيين طاف بنا الدهر بين المنافي وساحات الإغتراب من شرقها إلى غربها ، ولم يستقر بنا الحال بعد ولم نهدأ ولم نركن لأن ما في النفس من أماني وأحلام لم تتحقق بعد وشعبنا هذا الكسير الحال لازال يعيش الهوان وفقدان الرؤية وإنعدام النور ، بلادي هذه التي زرتها وجدتها منكوبة بكل مصيبة مفتتة مبعثرة أشلاء ، بلادي هذه التي زرتها يسكنها الموت والنفاق وفقدان الأمل وتباعد الروابط وكثرة القيل والقال ، بلادي هذه التي زرتها غريبة الأطوار تختنق من كثرة العبرات والأحزان ويعشعش الظلام في كل جزء منها ، فالسراق والمفسدون في الأرض وأشباه الرجال هم من يتصدون للواجهة ولم أرى فيها رجال كنا نعدهم من الأخيار .
تتمة موضوع "كنت هناك.....راغب الركابي "