المشاهد الثقافية بطبيعتها متغيرة متقلّبة، تأخذها المعطيات المؤثرة ذات اليمين تارة وذات الشمال تارة أخرى. إنها في حالة "ارتحال" مستمر إما إلى الأمام وإما إلى الخلف، ومشهدنا العربي يسجّل ارتحالاتٍ تثير القلق، إن المشهد الثقافي العربي يشهد نكوصاً عن العقلانية، ويشهد خضوعاً وتحوّلاتٍ تدعو إلى الريبة لمنظومة فكرية صنعها وروّجها منظرو الإسلام السياسي وجماعاته. لقد أصبح الانتساب إلى الليبرالية جريمة، والانتماء إلى العلمانية كفراً، وتأييد القوميّة ردةً، وعلى الرغم من التحفّظ على مثل هذه المفاهيم والمصطلحات، إلا أن الموقف منها تحكمه عوامل متعددة فيها الإيجابي وفيها السلبي، ولكن الأهم هو الحذر من تضخيم هذه المصطلحات والمفاهيم وتشويهها وجعلها بمثابة العداوة للدين أو للثوابت