رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية لا نعرفُ بالتحديد متى ظهرت تسميةُ «الفقيه» وصارت مصطلحاً يعني ثلاثة أُمور: التبحُّر في معرفة الكتاب والسنّة وأعراف الأمصار، والحقُّ في اصدار الفتاوى، واعتراف الدولة له بالمرجعية في الشأنين الديني والتشريعي. ويذكر صاحب «الإمامة والسياسة» (يُنسبُ لابن قتيبة، المتوفَّى عام 276هـ) أن «الفقيه» سلمة بن ذؤيب الرياحي رفع عام 65هـ رايةً في البصرة دعا تحتها لمبايعة الورِع التقي عبدالله بن الزبير، بعد وفاة يزيد بن معاوية. والكلمة وقتها كانت غريبةً على الأسماع، لأنّ المعنيين بالشأن الديني والمتحدثين باسمه كان يُسمون «القراء»، وبهذا الاسم شاركوا كمجموعة في ثورة ابن الأشعث عام 82هـ. وصارت الإشكالية بعد فشل الثورة عام 84هـ، هل كان مشروعاً للقارئ حمل السيف في وجه السلطات، والمشاركة في سفك الدم، وتحت قيادة زعامةٍ قبليةٍ كزعامة ابن الأشعث. ففي «وقعة صفين» لنصر بن زاحم (المتوفى عام 236هـ) أنّ «القراء» هم الذين رفعوا المصاحف أثناء حرب صفين عام 38هـ بين علي ومعاوية، داعين الطرفين المتقاتلين الى التوقف عن سفك الدم، والاحتكام الى كتاب الله عز وجلّ. ولذلك فالراجحُ أن مصطلح «الفقيه» ما استُخدم في القرن الأول، لكن «القراء» أسلاف الفقهاء بدأوا يتدخلون في الشأن العام في وقتٍ مبكرٍ كما يظهر من النصّ في كتاب وقعة صفين، ومن مثل سلمة بن ذؤيب الرياحي، ومن مشاركة «القراء» في ثورة ابن الأشعث