تُعرف الفتوى أو الفتيا عند الفقهاء بأنها إخبار بحكم شرعي في أمر من الأمور الطارئة، وتأتي غالباً جواباً عن سؤال لقضية مطروحة. وهي نوعان: نوع لا يحتاج إلى اجتهاد لوضوح حكمه من القرآن أو السنة، ونوع يحتاج إلى اجتهاد، وهو الذي يثير الإشكاليات العديدة في مجتمعاتنا المعاصرة، وبخاصة أن أهل الإفتاء ينسبون آراءهم الشخصية إلى الله، فيقولون عن فتاواهم، ولو في أمر سياسي أو اقتصادي أو علمي أو اجتماعي مختلف فيه حتى بين أهل الاختصاص أنفسهم، بأنها حكم الله أو رأي الدين في تلك الأمور الخلافية، انطلاقاً من أنهم يبلغون عن الله، وهم الوكلاء والأوصياء والحراس على الدين، وهذه هي الإشكالية الحقيقية للفتيا. ولو أن أهل الفتوى قالوا ووضحوا للناس أن فتاواهم في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من القضايا العامة، والتي هي بطبيعتها محل اختلاف بين الناس، إنما هي مجرد اجتهاداتهم الشخصية بناء على فهمهم للنص الديني في تفاعله مع السياق الاجتماعي والسياسي، لما كانت الفتاوى مثيرة للاضطراب والبلبلة والحيرة، ولما تحولت إلى أداة لعرقلة التنمية والإنتاج وسبباً لتغييب العقل في مواجهة القضايا المعاصرة.
تتمة موضوع "أزمةالفتاوي ... هل يحلها العلماء الثقات ؟ ــــــــ د .عبدالحميد الأنصاري"