عدت صحيفة أميركية، اليوم الجمعة، أن السياسة الأميركية تجاه العراق تميزت بنوعين من "الفشل المستمر" من خلال "ثقتها المفرطة" بكل من نوري المالكي وحيدر العبادي، و"رفضها" الإقرار بعدم إمكانية بقاء العراق على ما هو عليه، وأكدت أن العبادي اثبت بأنه "غير قادر" على حكم البلاد أو تسوية النزاعات فيها بعد "احتلال" الصدريين للبرلمان، فيما رأت أن بقاء العراق كدولة مرهون بـ"انتزاع" سيطرة بغداد على السلطة وموارد النفط وصياغة روابط "أكثر قرباً" مع كردستان وتشجيع إقامة إقليم فدرالي سني.
وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) في تقرير لها إن السياسة الخارجية الأميركية تجاه العراق تميزت بنوعين من "الفشل المستمر"، تمثل الأول بـ"ثقتها المفرطة" بشخصين من القادة في العراق "اللذين فشلا" وبشكل متكرر في تحقيق ما يطمح إليه الأميركان، والثاني "رفضها" الإقرار بأن الوضع الراهن لا يمكن له أن يستمر، حيث ارتكبت إدارة اوباما هذين الخطأين في العراق، وكررت ذلك أكثر من مرة.
وتضيف الصحيفة الأميركية، أن الإدارة الأميركية ومن خلال تحمسها لسحب قواتها بالتزامن مع موعد إعادة انتخاب الرئيس اوباما لدورة ثانية قي العام 2012، "ألقت بكل ثقلها" وراء رئيس الوزراء العراقي في ذلك الحين نوري المالكي، والذي أدى لـ"حدوث عواقب وخيمة"، حيث ساهمت "السياسة الطائفية" للمالكي بتفتيت النظام السياسي "الهش" للعراق و"فتحت الطريق" لتنظيم داعش بالظهور، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية و"في سعيها" لإزالة المالكي في العام 2014، "راهنت" على حيدر العبادي.
وترى الصحيفة الأميركية، أن الإدارة الأميركية ومع "نفاد صبرها" في القضاء على داعش قبل أن يغادر اوباما الإدارة فإنها "تتشبث" برئيس وزراء اثبت بأنه "غير قادر" على حكم البلاد أو تسوية النزاعات فيها، معتبرة أن عجز العبادي "اتضح بشكل أكثر دراماتيكية" نهاية الأسبوع الماضي، عندما اقتحم أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أسوار المنطقة الخضراء و"احتلوا البرلمان".
وتشير (واشنطن بوست)، إلى أن المحتجين من "الناحية النظرية" يدعمون بعملهم ذلك احد أهداف العبادي والتي تمثل بتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة لتحل محل النظام "السياسي الفاسد" في تقسيم المناصب الوزارية وفقاً للانتماءات الحزبية والطائفية، لكن العبادي استنكر هذا الهجوم الذي "اظهر عجزه" في بسط سيطرته على "المناوئين السياسيين"، والأحزاب المتنفذة التي دائماً ما كانت ترفض مقترحاته الإصلاحية.
وتعد الصحيفة الأميركية، أن هذا "الصخب" قد حدث في وقت "حرج" بالنسبة لإدارة الرئيس اوباما التي "ضاعفت أصلاً" من دعمها للعبادي خلال زيارة نائب الرئيس جو بايدن لبغداد، مؤكدة أن احد مسؤولي الإدارة لخص في تصريحات للصحافيين بخصوص هذه الزيارة بقوله إن "زيارة بايدن لبغداد تمثل رمزاً للثقة التي توليها الإدارة الأميركية برئيس الوزراء حيدر العبادي"، وأعرب عن تفاؤله بأن الحكومة ستصبح "أقوى".
وتبين الصحيفة الأميركية، أن احتمالية تجاوز العبادي لهذه الأزمة ستعتمد بدون شك على مدى تمكن الأحزاب الشيعية وبمساعدة من إيران, من أن "تلملم نفسها" وتنهي خلافاتها، عادة أنه اثبت أيضاً "عدم قدرته" على معالجة المشكلة السياسية الأساسية للعراق والتي تتمثل بالانشقاق الحاصل بين المكونات الشيعية والسنية والكردية.
وتعد الصحيفة الأميركية، أن هذا هو "ما يجلبنا" للخطأ الثاني الذي ترتكبه إدارة اوباما، وهو "عدم رغبتها" بالإقرار بان العراق لا يمكن أن يبقى ضمن منظومة حكمه الحالية التي تركز سلطة الحكم في بغداد، مؤكدة أنه منذ بروز تنظيم داعش في المناطق ذات الغالبية السنية في العراق "تتشبث" الإدارة الأميركية وبشكل "متعصب وعنيد" بشعار (العراق الموحد)، رغم أن ذلك الشعار يعني بحقيقته "حرمان" حكومة إقليم كردستان وقواتها المسلحة من الموارد التي يحتاجونها لخوض المعركة، وساهم بشكل مؤثر أيضاً في "تأخير" بناء قيادة وقوة سنية تكون قادرة على حكم وإدارة المناطق المحررة من داعش بشكل فعّال.
وترى الصحيفة الأميركية، أن الأزمة الحالية يجب أن "تثير التحفيز لإعادة النظر"، فالقادة الكرد بدأوا يقولون الآن وبشكل علني بان بنية العراق السياسية لما بعد عام 2003 قد انهارت، وعلى الولايات المتحدة أن تصوغ الآن روابط "أكثر قرباً" مع حكومة الإقليم، وعليها أيضاً أن تعمل على "تشجيع إقامة إقليم فدرالي مشابه للمناطق السنية في العراق"، مختتمة بالقول "إذا أريد للعراق أن يستمر ببقائه كدولة فإن ذلك يتطلب انتزاع سيطرة الحكومة المركزية لبغداد على السلطة وموارد النفط، وان بقاء الولايات المتحدة بتركيزها على اختيار قائد واحد للعراق فيما إذا كان العبادي أو أي شخص آخر فإنما هي تعد وصفة طبية لفشل آخر".