إننا في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – نرى إن الدولة في العراق لم تتشكل ولم تؤسس بعد ، ومعالم ماكان من الدولة القطرية القديمة قد تهدم وأندثر بفعل قوى الإحتلال وما رافقها ، ولم يبق من ذلك الماضي سوى أطلال خاوية
والعراق منذ ذلك التاريخ يغرق كل يوم في سلسلة من المشاكل التي لا تكاد تنقضي واحدة منها حتى تبدأ الأخرى ، ساهم ويساهم في ذلك قوى محلية وأقليمية ودولية لاتريد للعراق وشعبه سوى الشر ، كما لم تكن الأحزاب بمستوى المسؤولية الوطنية مما زاد في حجم الدمار والمعاناة ، والحق إن بعض هذه الأحزاب لاتنتمي للعراق ولا لكيانه ومنظومته وهويته الوطنية ، ولقد أثبتت تجربة الأعوام الماضية تلك الحقيقة ، كما ثبت للقاصي والداني إن جُل إهتمام هذه الأحزاب هو الإمساك بقوى السلطة وعلى أي نحو كان .
وإننا في هذه الحقبة من تاريخ العراق المرير ، نرى من واجبنا الوطني المسؤول تنبيه الأمة العراقية لحجم وضخامة هذه المخاطر التي تؤخر عملية البناء وعملية التنمية ، كما إننا نرى إن من واجبنا التأكيد هنا على أهمية وضرورة التفريق بين مفهوم الدولة ككيان وبين مفهوم الحكومة كسلطة تنفيذية إجرائية ، وهذا التفريق نابع من طبيعة كلا المعنيين ، فالدولة هي الوطن وهي الكيان وهي الهوية التي يُعرف بها شعب العراق عن غيره من الشعوب ، ولايجب في هذه الحال الدمج بين هذين المفهومين لخطورة ذلك على الوضع السيادي والأمني .
إننا في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - كنا قد أشرنا ونبهنا في ثقافتنا التظيمية وفي سلوك أفرادنا وفي إعلامنا إلى أهمية هذا التفريق ، لكي لا يُستغل العراق كله لمصلحة فئة أو جهة أو حزب ، وكنا نراقب عن كثب توجهات وتطلعات البعض الذين زعموا وهم قاصدين ذلك بانهم هم الدولة وهم الحكومة ، وقد أنبرى واحد منهم ليقول إننا قد أسسنا الدولة العراقية وهو قول خطير ومصادرة مقصودة ، إننا جميعاً شهود على ان ذلك التوجه وذلك السلوك الديماغوجي قد أفقد العراق سيادته وكينونته ووجوده بين الأمم والشعوب .
ولقد كنا ولانزال ننبه ونشير بين الحين والآخر إلى الطريقة السيئة التي يُعامل فيها العراق وشعبه من قبل دول الجوار العربي والإسلامي ، كل هذه وغيرها نقاط ضعف مضافة ساهمت في تفتيت الجسد العراقي ووحدته و ماتبقى له من كيان ومؤوسسات ، واليوم وفي ظل هذا الواقع المرير الذي لا تستطيع معه أحزاب الطوائف والمذاهب حتى من تشكيل حكومة ورقية ، نرى من واجبنا الوطني الدعوة أولاً : لكتابة الدستور على نحو جديد ومختلف ، وثانياً : تنظيم الهيئات والمؤوسسات ، وثالثاً : إعادة تعريف معنى الهوية من جديد ومعنى الكيان الوطني ولوازمه ، وماهية الطبيعة العراقية وكيف يجب ان تكون ؟؟ .
ونود التأكيد هاهنا من جديد على ان إيماننا بالوحدة العراقية ذلك الكيان وذلك المفهوم الجامع لكل مكونات وخلايا الأمة العراقية الواحدة ، هو إيمان أصيل ومتجذر ولايقبل الشك ، لأننا نرى فيه ومن خلاله معنى الحياة للعراق وشعبه ، ويجب ان يكون معلوماً إن هذا المعنى الذي نقصده من الوحدة لايعني تلك الوحدة الإكراهية أو الوحدة الإندماجية التي لاتقوم على أساس من القناعة والإيمان ، ولهذا فنحن نعتبر إن : - تشكيل الأقاليم العراقية الثلاث - في هذه اللحظة من تاريخ العراق المعاصر حاجة و ضرورة وطنية وشعبية ، وهي عندنا ومن وجهة نظرنا ستُساهم في دفع الضرر الذي لحق بالشعب والوطن جراء شعارات زائفة وبرامج هدامة .
إن قناعتنا في إنجاح تجربة - الأقاليم - راسخة بفعل مانراه ومانشاهده في تجربة - أقليم كردستان العراق - تلك التجربة العملية الرائدة ، والتي تنبض بالحياة وتعمل للخير والبناء والإعمار والتنمية الشاملة في تمام محافظات الأقليم ، بل وإننا نرآها عنصراً إيجابياً في المشاركة في قضايا الوطن الكبيرة ، ومنها يمكننا أخذ العبرة والدروس في تأسيس أقاليم العراق في الجنوب وفي الوسط ، وهذا سيُسهل علينا الكثير من الجهد والكثير من الوقت ، وإننا لعلى ثقة بان مشروع الأقاليم في العراق سيكون له دوراً بارزاً في الحد من مخاطر الإنقسام السلبي والتشرذم الداخلي المفروض والمفترض .
إن تجربة السنوات السبع الماضية شاهدة على ما نقول ، فلقد دخل العراق في ظلها بحرب أهلية طائفية ومذهبية حصدت وتحصد الكثير من أرواح الأبرياء من المدنيين العزل .
وإننا أمام كل هذه التحديات ندعوا الجميع من غير تمييز ومن غير تفريق ، للمكاشفة والمصارحة في قضايا الوطن وعناوينه الكبيرة ، كما ندعوا للإبتعاد عن التطبيل والتهويل وعن ثقافة الماضي ، فالعراق ما عاد يحتمل كل هذه المعانات وكل هذا الألم ، ولذلك نرى نحن في – الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - أهمية تأسيس العراق على - أساس الأقاليم الثلاث الكاملة الصلاحية - ، في الوقت الذي ندعوا فيه للحد من سلطة المركز ونبذ مفهوم السلطة المركزية للدولة ، كي لاتكون هي الهدف وتُنسى قضايا المواطن والوطن كما هو الحال اليوم ، وفي ذلك نرى في الحل للمعضل الذي يمر به العراق وشعبه ونرى فيه الأمل بالإستقرار والأمن والعدالة .
ولقد أثبتت الشهور الماضية بما لا يدع مجالاً للشك إن المناكفات والخلافات سببها العامل الطائفي والمذهبي وليس الوطني أو القطري ، كما إن تجربة السنوات الماضية أثبتت إن المتنفذين في مقاليد الحكم ، لم يمتلكوا مشروعاً وطنياً خالصاً يعبر عن آمال كل العراقيين ، وليس عندهم مشروعاً يرقى فوق هذه التقاسيم الطائفية والمناطقية ، بل إن هذه الأحزاب التي تسللت إلى البرلمان وإلى الحكومة ، إنما جاءت كتعبير عن توجهات طائفية ورؤى مناطقية ومذهبية ، وهي لهذا لا تنتمي لمشروع الدولة الوطنية ولا تتحرك في سياق إرادة الوطن وحاجاته .
إن مشروعنا في تأسيس الدولة العراقية الجديدة ينطلق من قيم يؤمن بها المجتمع العراقي بكل أطيافه ، وهي تلك القيم التي أنتظمت في وجدان وعقل كل عراقي مختزلة ثقافته وفكره وتاريخه وعمقه الحضاري ٠
إن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – إذ يفرق في الواقع بين مفهوم - الدولة - ومفهوم - الحكومة - ، ولذلك يرى الحزب إن التأسيس الجديد للدولة العراقية ، يجب ان يخرج من عباءة الماضي ومن شعاراته ، كما لايجب إختزال المراحل التاريخية من خلال مفهوم الإعادة الغير ممنهجة والغير دقيقة للدفاتر والأوراق والملفات الوطنية ، كما إننا نرفض الترميم والسكوت عن الخطأ وتجاوز ماهو واقع بالفعل ، فهذا ما نرفضه وترفضه الثقافة الليبرالية وفكرها التنظيمي ، ومن هنا يعتبر الحزب إن التأسيس المنشود ينطلق من الواقع وبما هو بالفعل ، والتركيز في التأسيس على الواقع الجديد والذي يمثل الحقيقة بالفعل ، وهذا ما نوهنا إليه في توطئتنا ، عبر تقسيم العراق إلى - أقاليم ثلاث للشمال والجنوب والوسط - ، والتأسيس الذي نعده ناظراً إلى الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي والأمني والثقافي وفي التربية والتعليم ٠
إن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – يرى إن المجتمع العراقي وبنيته العامة قد دمرت بالفعل عبر السنوات الماضية والسنوات التي سبقتها : والحزب يعتبر إن ذلك سببه الرئيسي طبيعة الفكر الثقافي والسياسي الذي تصدى للحكم بعد سقوط صدام .
إن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - يرى إن الشخصية العراقية قد أصابها الوهن جراء ما مر بها و عليها من نكبات وأحداث منذ العهد البائد وحروبه الطائشه ، وإلى يومنا هذا المليء بكل عقد التاريخ والجغرافيا ، وهذا يعني إن الشخصية العراقية التي تكون المجتمع العراقي هي ليست واحدة ، بلحاظ الواقع القومي والأثني والطائفي الذي يعيشه العراق كواقع ثقافي وحياتي وإجتماعي ، والعراق حسب ذلك الواقع عبارة عن قوميات ثلاث رئيسية هي - العرب ، والكرد ، والتركمان - والعراق على المستوى الديني ينتمي شعبه إلى - مسلمين ، ونصارى ، وصابئة ، وأيزديين - والمسلمون ينقسمون بحسب هذا الواقع إلى - شيعة وسنة - وهذا التقسيم طبيعي جداً لأنه التقسيم الذي يمثل بالفعل ثقافة الواقع ، وقد فرض هذا التقسيم نفسه من خلال جملة الإجراءات والمطالبات التي دعى ويُدعى إليها في الواقع ، لكن هذا الواقع إن أريد له التكامل والعيش المشترك فيجب ان تسود فيه الحرية وثقافة العيش المشترك والتسامح وحماية الحقوق ، كي يعيش الجميع من غير تفاوت في ظل كيان الدولة الواحدة :-
إن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - يرى إن الواقع السياسي في العراق يُمثل الأسوء من بين كل دول العالم ، وإننا نؤمن بان تغيير ذلك الواقع يتم من خلال :
١- تأسيس نظام سياسي إجتماعي جديد يقوم أساس فدرالية الأقاليم ، يعضد هذا ويوثقه ثقافة ليبرالية ديمقراطية خالصة ، إن نظاماً يقوم على هذه الأسس فإنه حتماً سيحترم إرادة الجميع ويهب لهم الحرية ويحقق لهم المساوات في كل مؤوسسات الدولة وهيئاتها ٠
٢- ولايتم ذلك من دون الإعتماد المطلق على ثقافة الليبرالية وعلى وعيها الإجتماعي والإنساني ، هذه الثقافة وحدها تحقق العمل الطبيعي للديمقراطية بشكل صحيح ، كما إن ذلك وحده الكفيل بمحاربة الفساد والطائفية والنظرة الشوفينية ٠
٣- إن تأسيس الدولة على أساس الأقاليم والفدرالية يعني ذلك رفضاً ومحواً لمفهوم الطائفية السياسية الذي وفد إلينا مع المحتل ومن دول الجوار ٠
٤- كما الدولة الجديدة يجب أن تؤسس على مبدأ فك الإرتباط بين السياسة والدين ، ذلك لأن الربط والدمج بينهما يمثل أساس الفساد الذي يهدمُ أركان كل دولة وكل أمة ٠
٥- ولقد كتبنا في دستورنا للدولة سنة 2004 م ، إن العراق لابد له من الإنتقال من حالة الشعارات إلى حالة البناء ، يأتي هذا بالعمل وفق نظام الأقاليم ، ونحن هذه المرة جادون لتعميم هذا الدستور وتوسيع هذه الرؤية الأقليمية فيه .
٦- ولابد من التأكيد بان خيار الديمقراطية ليس خياراً ترفياً ولا هو تغطية إعلامية ، بل إنه قاعدة في التقديم وفي التأخير وكذا في الفصل بين المهام والسلطات ٠
٧- وفي ظل الدولة الجديدة المؤسسة على أساس الأقاليم ، يجب صياغة قانون مرن للأحزاب ولتنظيمات المجتمع المدني تراعى فيه هذه الفروقات ، مع التأكيد على القيم الليبرالية في - العدل والحرية والسلام - ٠
8 – ولايتم كل هذا من دون العودة إلى مبادئ الحوار السياسي والإجتماعي ، لأنه يُمثل الطريق الوحيد والواجب إتباعه تجاه كل المخالفين وكل المعارضين ، ولايجوز في كل حال إستخدام القوة المسلحة لأن ذلك ممنوع بل محرم ، ولقد قلنا : إن إستخدام القوة المسلحة مشروط بوجود جريمة منظمة بالفعل من خلايا إرهابية وشبكات عدوانية ، فالحوار وحده القادر على ترشيد العمل السياسي في الحاضر وفي المستقبل ٠
9 - وذلك لايتم من دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية ، لأن المشاركة في ذاتها حق طبيعي وحق وطني ودستوري ، ولا يجوز بحال منع فئة أو جماعة منه ، كما لا يجوز التمييز في العمل السياسي بين المكونات الشعبية والسياسية ٠
10 - إن مسؤوليتنا ومسؤولية كل القوى السياسية ، هو تعميم ثقافة الديمقراطية وآليتها في الإنتخاب وأختيار ماهو أفضل من بين المتقدمين ، فالسلطة التنفيذية وكذا جميع السلطات الأخرى يجب ان تولد من رحم الإنتخاب ، ولا يجوز إعتماد الفرض والتعيين بحسب الولااءات والإنتماءات الحزبية والمذهبية ٠
*
إن مشروعنا لتأسيس الدولة يعتمد في الأساس على السياسة واﻷمن بإعتبارهما الركن الأساسي في بناء وتأسيس كل دولة ، والسياسة والأمن قد تحطما بالفعل نتيجة لسيادة ثقافة الطوائف والملل التي أعقبت سقوط بغداد ، وكان من جراء ذلك ما نشاهده اليوم وكل يوم من مجازر ومأسي طالت كل بيت وكل شارع وكل حي من أحياء العراق ، كل هذا يجعلنا نشعر بأهمية مشروعنا الذي نقدمه إلى الأمة والشعب ، ونحن على يقين بان مايقدمه هو الخيار النهائي الذي يمكنه المساهمة في خلاص العراق والعراقيين من كل عذاب ودمار ، و لايتم القضاء على هذا بالشعارات وبالخطب وبالزيف ، فالعراق اليوم هو غير عراق الأمس وشعبه اليوم هو غيره كذلك ، ولكي يعيش العراقي الحياة نتقدم بمشروعنا هذا إلى الأمة وإلى جماهيرها ، وإلى الأحزاب والمنظمات الوطنية وإلى رجال العشائر ورجال الدين الغيارى ، إلى هؤلاء جميعاً نقدم مشروعنا هذا وكلنا رجاء وأمل ، [ لكي يعيش العراق اليوم خير ان لايعيش أبداً ] .....
مركز الدراسات والبحوث في
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
04 – 11 - 2010-