يقدم الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي إلى الأمة العراقية تصوراً وطنياً لمشروع المصالحة ودوره في عملية البناء والتنمية القطرية ، وهو تصور يستهدف بدرجة أولية تحرير مفهوم المصالحة من صيغته اللفظية الجامدة إلى الصيغة العملية الواقعية بعيداً عن التضخيم الإعلامي والتفخيخ المعادي الذي عادة ما يستخدم في غير محله ومعناه الذي وضع له في الخطاب والأدب السياسي ،
ولقد عانت الأمة العراقية من هذا التوظيف السيء خاصة في المرحلة التي تلت سقوط بغداد وما بعدها ، حين حاول البعض قاصدين العبث وتخريب الروح العراقية والثقافة العراقية من خلال الضرب على وتر الطائفية تارة و على وتر القومية تارةً أخرى .
ولايخفى ماقام به الإعلام المعادي لتطلعات الأمة العراقية في تحريك النزعات العدوانية لدى البعض من اجل تأخير عجلة الإنتقال نحو الديمقراطية ودولة القانون والمؤوسسات ، وبما يحمله ذلك من تطلعات جدية لتغيير السلوك السياسي والفكري لدى حكام وشعوب المنطقة ..
إننا في الوقت الذي كنا نطالب فيه بتحقيق الشرط الموضوعي للمصالحة لم يغب عن بالنا يوماً ذلك التناقض الطبقي والمناطقي الذي أفرزته ممارسات العهد البائد على السلوك والتربية والنفس العراقية ، ولهذا تعامى البعض عن القيمة الفعلية لمفهوم المصالحة وتوجه البعض لتعزيز روح الإنقسام البيئي والمذهبي والديني على أمل إن يجد هؤلاء لهم دور في هذه الفوضى ومن اجل تحقيق أهداف سياسية مريضة على حساب وحدة الشعب ووحدة الوطن ، وقد استغل البعض النزعة الدينية في قبال مشروع الوطن ومصالحه من خلال الترويج الكيدي والطعن في كل تدبير من شأنه أن يقرب ويمحي سنوات العقم والظلام التي فرضتها النزعة الأحادية والتفسير الخاطئ لمفهوم الوحدة والدولة الشمولية ، ولأن هذه التربية السياسية خلطت بين المشاعر الوطنية والأنانية السياسية والرغبة في الهيمنة والتفرد لدى البعض ، كل هذه العوامل حجزت مفهوم المصالحة في دائرة القلق بين ماهو ديني ومذهبي وقومي ، وكأن الصراع المفترض بين أبناء الأمة العراقية هو على هذا الأساس ، فأنخرط الجميع في تفسير وتحليل مايجب من شروط لكي ترضى السنة عن الشيعة والتركمان عن الأكراد والمسيحيين عن المسلمين ، والحال إن ميدان فعل المصالحة ليس هذا بالضبط بل إنه في محل أخر إنه في السياسي والكلامي ونعني به تلك الفكرة الجديدة الوافدة - الديمقراطية - بمشروعها الثقافي وخطابها الإجتماعي ، أي إن الخلاف والصراع حول هذه الفكرة ومستلزماتها ، وليس الخلاف حول مذاهب الناس ، ولهذا إعتبرنا نحن في الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي : - إن المصالحة الوطنية لاتعني أبداً أن يصالح الشيعي السني أو بالعكس ولا ان يصالح الكردي التركماني أو بالعكس ولا العربي يصالح الكردي ولا المسلم يصالح المسيحي لأن ذلك عندنا بالفعل تحصيل حاصل - والقضية كما يرآها الحزب هو بالكيفية الواجب إتباعها في جر المختلفين إلى الإيمان بالواقع الجديد عبر الحوار والإيمان بالوطن الواحد والمصلحة المشتركة الواحدة ، وتذليل الصعوبات أمام المخالفين لفهم الديمقراطية بعيداً عن الذاتية ومبدأ المحاصصة السيء الصيت ، وتدريب الجميع على الثقة بعملية التغيير التي حصلت بالفعل ، وإن هذه العملية نادت وتبنت بتجرد - الديمقراطية - كمحتوى وكمضمون وبانها سلوك سياسي وإقتصادي وإجتماعي وثقافي وفكري ، بل وفي كل إتجاه يدعم المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والتساوي في الحقوق والواجبات ، ونبذ العنف والإكراه ورفض الأخر ، والإيمان بالإختلاف في الرؤى والتوجهات ، والإختلاف في الإيمان وإحترام ذلك ، ولهذا تغدو عملية المصالحة مشروعه حين يتم التركيز على كل ما من شانه إشعار الجميع بان ماينفع الأمة العراقية هو الممكن الوحيد الذي يمكث في الأرض وما عداه فزبد ذاهب مع الريح ..
لإن إيمان العراقي بوحدته عميق عمق علاقة هذا الإنسان بأخيه الإنسان على مر العصور .
ولقد قامت تلك الوحدة على فرضية التاريخ المشترك والمصير الواحد والهم الواحد حول مجمل القضايا التي عصفت بهذا الإنسان ..
إن ما يعزز من فرص نجاح هذا المشروع هو إيمان العراقي بوحدته التاريخية ، وإيمانه بالحوار على ما يختلف حوله من أشياء ، وهذا يتطلب روح من المسؤولية والشعور بالواجب تجاه مجمل قضايا الوطن والعمل على إخراج كل ما من شأنه تعكير حركة المصالحة الوطنية ، وقد أثبتت مسألة النزاع حول الكيفية الواجبة إتباعها في حل قضية حزب العمال الكردستاني شعور وطني مفعم من كل التيارات والأحزاب والقوى ، وبدى للجميع إن الشعور بالعراق الواحد هو شعور فطري غالب ..
دائرة الإعلام المركزي
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
11 – 11 – 2007