لازلنا نحن العراقيين نعيش ردات الفعل وحالات الأنفعال كلما تعرضنا لقضية ما أو عرضت علينا قضية ما ,وهذا الحال فينا ناتج إما لأننا لا نكون بحجم هذا الفعل أو لا نكون قادرين على التعاطي معه
لأننا ننبذ الحوار في سلوكنا السياسي والأجتماعي والفكري والثقافي بل في كل القضايا التي نعتقد بها أو هكذا يخيل إلينا على أنها من المقدسات , والحالة هنا موضوع المقال هو ما دار من حوار في حلقة نقاشية في برنامج تعرضت فيه قناة الجزيرة بشكل ما لشخص السيد السيستاني المرجع الشيعي ,
وهو كلام إذا تتبعناه في كل مدياته لا يخرج من كونه تعبير عن واقع الحال السائد في العراق اليوم ,
ويجب أن يعرف الجميع هنا بأننا لسنا مدافعين عن الجزيرة ولا عن سياستها البرمجية , وليس ذلك هدفنا على الأقل بل الذي أردناه هو التنبيه إلى خطورة وفوضى العقل لدى من أخذتهم ردات الفعل بعيداً عن جو الحوار لتنهال بالطعن والشتم على مقدم البرنامج الذي قد نتفق وقد نختلف معه في شكل وطبيعة الحوار والمتحاورين ,
ردات الفعل التي نقرئها تثبت أننا بالفعل أمة ينقصها الكثير وإنها بالفعل تعاني من أمراض شتى وكثيرة ومستعصية , أمراض نفسية وعقلية ولو لم نكن نحن كذلك لجعلنا الأمر يتحرك في سياقه الموضوعي العام ولنظرنا للسيستاني كشخصية أعتبارية عامة لها وعليها كل ما للداعين في العمل السياسي والعاملين فيه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ,
ولأنه كذلك فيجب أن نعلم أن كل شخصية في هذا الأطار هي معرضة بالفعل وبالواقع للنقد والتعريض والأتهام , وهذا لا ينقص من قدرها ولا يحط من دورها وتاثيرها ,
بل يجعلنا ننظر إليها بكل الأحترام والتقدير , لأنها بذلك سوف لن تكون منفصلة عن الناس وعن همومهم بل هي منهم وإليهم وهذا الأمر يتطلب ما يلي : النظر إلى رجال الدين أو من هم في صنفهم في أطار الواقع ,
وأخراجهم من دائرة التقديس التي نظنها بهم ونعتقدها فيهم , وعلينا في هذا الشأن إعتماد الحوار والجدل بالحسنى طريقاً ودليلاً على التعرف بقضايانا .
وأشهارها بدل الأعتماد على الوسائل الغير منطقية والتي تزيد من العزلة وكذا تشعر الأخرين بعجزنا , الواجب يقتضي أن نبتعد عن الأنفعال ويقتضي كذلك الأنصات وتحليل الأشياء قبل الحكم عليها , ويجب كذلك أن لا نخلق من كل مقال وكلام قاعدة لزيادة التوتر كما فعلنا ذات مرة مع الرسوم الكارتونية الدنماركية وفي النهاية نقف على لا شئ ,
كذلك يجب التدريب على أن السيستاني ليس ذاتاً مقدسة حتى لا يجوز إتخاذ الموقف منه مع كل أحترامنا له بأعتباره أنسان كرمه الله وبأعتباره طالب علم ينتفع به , لكن هذا لا يمنع من رد كلامه وتخطئته ما دام الرجل رضى أن يكون مبشرا وداعيا إلى وجهة نظرسياسية ما , وهذا منا ليس أتهام للرجل فهو بين الفينة والأخرى يصدر البيانات والفتاوي مشجعاً تارة وطوراً مشاركاً ,
وهذا وحده يغري الأخرين بأتخاذ الموقف منه , وكما قلنا نحن بحاجة للتدريب كثيراً على الخروج من دائرة التقديس والتسبيح بحمد زيد أوبكر ,
لأن هذا هواس الديكتاتورية وأساسها فرجل الدين مهما علا شأنه كما نتصور هو طالب علم في مجال الفقه والأصول الدينية ليس إلا ,
وأضفاء الصفات الزائدة كما يحلو لا تنفع في مقام الدعوة للخير والتقرب من الله ,
ونحن هنا نريد التنبيه لكي لا يتم الخلط في ذهن العوام كما يقولون بين الشخصية المعصومة وبين هذه الرجال ,
الذي حداني للكتابة في هذا الشأن هي الكثرة الكثيره للردود متناسين بأن في العراق هموم اكبر من هذه وأهم , والواجب تحرير العقل العراقي من حجابات الظلام التي تشكل عبء كبير على وعيه وأدراكه وحكمه على الأشياء ,
وليس تعميق التخلف لديه وأنا واثق أن السيستاني لا يرغب بذلك ولايحب هذا العبث أو الأستخدام لشخصه فيما يعزز الخلاف والفرقة ,
والعراقيين مدعويين للوقوف صفاً من كتابة عقد أجتماعي جديد يكون قادراً على التعاطي مع العهد الدولي الذي كشف عنه بشرم الشيخ , بهذه المقولات عمل دبر بليل ويستهدف إعطاء العبور لقوى الأرهاب أن تبق هي سيدة الموقف ,
كما يجب أن نتعود من الرسول محمد (ص) في قبول الغير والمتخلف وليس التحريض عليه في جو من الشتائم كريه ,
الجزيرة قناة فيها نسبة عاليه من الدقة والوضوح وفيها أحياناً التحريف واللاموضوعية , ولكن هذا لا يعني أن نمتدحها حين تطرح ما يوافق رغباتنا ونكيل لها التهم حين لا يقع ما تقوله موافقاً لهوانا , الحرية ثقافة وقيمة وهي الباب الذي يربطنا بالديمقراطية أن أردنا لها أن تحيا في بلادنا ,
وهذه الثقافة نفتقدها نحن العراقيين لأسباب كثيرة سيأتي يوم نتطرق إليها , فكل شخصية أعتبارية مهما علا صيتها ستكون موضعاً للرفض والقبول من تيارات المجتمع وهذا السر في الخلق بعض من سر وجوده !!!