يرغب الكثيرون في قراءة الفكر ما بعد الحداثي كانعكاس لما يحصل من تحولات اجتماعية واقتصادية ونفسية في المجتمعات الغربية، وهم بذلك يعودون بظاهرة ما بعد الحداثين الى نقطتين رئيسيتين أولاهما التأكيد على خصوصية الظاهرة بحكم نشأتها في المجتمعات الغربية وعدم خضوع المجتمعات الأخرى لتحولات من نوع مماثل مما يجنبها أو يبعدها عن الجدل الدائر حول ما بعد الحداثة، أما النقطة الاخرى فهي الاصرار على الربط الميكانيكي بين الفكر ما بعد الحداثي وتحولات المجتمع الغربي، بحيث تصبح كل أفكار ما بعد الحداثيين إفرازا طبيعيا لما عاشه الغرب من تناقض في الايديولوجيا الحداثية لا سيما في علاقات المركز بالهامش وما نشأ عنها من علاقات الاستغلال، وفقدان للمساواة وسيطرة للنخبة وفرض هيمنة التغريب على مجتمعات العالم الثالث، لذلك وكرد فعل على ذلك ستنشأ حركات ذات اصول اجتماعية تنادي بنهاية الايديولوجيات والمعتقدات وتطالبها بالخروج عن كل قياس معياري وترسخ الانتماء الفردي وتشيع الثقافة السلعية والاستهلاكية وترفض مقولات سطوة العقل وتتحدث بدلا عن ذلك عن لا عقلانية العقل، إنها باختصار كما وصفها أحد الباحثين تبحث عن السلطة في كل شيء، من اجل إدانة اي شيء، وهي وفقا لذلك لا تتحدث عن المجتمع وتحولاته بقدر ما تطنب في الكلام عن أرخبيل السلطات التي يخضع لها هذا المجتمع.
تتمة موضوع "المجتمع مابعد الحداثي سوسيولوجيا السوق والموضة ـــــ رضوان جودت"