ان الانطلاق في فحص طبقات الموروث القديم في الثقافة العربية من الصورة التي تقدمها لنا عنه المؤلفات العربية القديمة قد جعلنا أمام أمشاج من الآراء الفلسفية والدينية لا نجد لها مكاناً في التاريخ "الرسمي" للفلسفة السائد اليوم. وهذا ليس راجعاً إلى أن تلك الأمشاج خالية تماماً من كل ما يثير اهتمام الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة، بل لأن تاريخ الفلسفة "الرسمي" المعاصر تحكمه "المركزية الأوروبية"، وبالتالي فهو لا يهتم إلا بالطريق الذي سلكته الفلسفة من بلاد اليونان موطنها الأصلي الى روما وأوروبا العصور الوسطى ثم أوروبا الحديثة. أما الطريق الذي سلكته الفلسفة من أثينا إلى الشرق، خلال فتوحات الاسكندر وبعدها إلى أن استقرت في بغداد عاصمة العباسيين، فهو لا يهتم بها. وإذا مر مرور الكرام بمدرسة الاسكندرية في القرن الثالث الميلادي فليشير فقط إلى أن أفلوطين (205م _ 270م) درس بها، على شخص
تتمة موضوع "العقل المستقل في الموروث القديم ـــــــ الدكتور محمد عابد الجابري"