منها،
من الطين في أهوارها جبلوا
من غيمها،
من أقاص ضيمها هطلوا
وشيدوا من بقايا طينها مدنا
توهجت معهم في الخلق
فاكتملوا
من حزنها في الليالي،
من ملامحها
تلك التي سكنتهم أينما رحلوا
الناصرية، يا حزنا، ويا ترفا
يكاد يجرحها خيط،
إذا غزلوا قطن الحكايات في المنفى،
فإن سكنت،
ناموا،
وإن نشغت أنفاسها .. جفلوا
وكلما أكلت غصّت بلقمتها
فربما رقدوا ليلا وما أكلوا
لكم أقاموا على أكتافها عمرا
وكم أقيمت على أكتافهم دول
ذاقوا رغيف الرحيل المر،
فابتعدوا عنها،
وعادوا،
ولكن بعدما ذبلوا
وبعدما انسل عمرٌ
من حقائبهم
وظل في وحشة البلدان ينشتل
يخضرّ، تسع شجيرات،
ويخذلهم في ليلة العاشر السوداء،
أن حملوا، وزر الضحايا
ووزر القاتلين .. معا
وشب في دمهم جمر،
فما سألوا
وحين فاضت على موالهم شجناً
وحين أفقس في أعشاشه الفشل
من هجرة الطير،
لموا ريش رحلتهم
لكنهم عبروا الدنيا
وما وصلوا
******
أتذكرين صغار الفجر؟
يقظتهم؟
إذ غمَسوا خبزهم بالشاي
واتّكلوا؟
بابٌ رماهم إلى بابٍ،
وناصيةٌ، تحكي لناصيةٍ،
حتى إذا وشلوا
يا أمنا ذبلوا،
يا أمنا كبروا
ورفرف الآن في أجفانهم حجل
ينزُّ ريشا على الخدين،
هل كبروا حقا؟
وهل ولدوا حقا؟
وهل أفلوا
*****
من وحشة النجم في أغصان غربتها
تنمو السلالات أقمارا وتكتمل
السومريون،
هز الله نخلتها على سماواتهم،
فاسّاقط الرسل
هم شكلوا الطين
زقوراتِ بسملة أولى،
ونثّوا دموع الخوف، وابتهلوا
هم أطعموا الخوف
أربابا، وآلهة،
فالنار .. والريح .. والأنهار .. والأثل
العاشقون،
وإينانا إلهتهم
أنثى على شفتيها الماء والعسل
قيثارة صوتها،
غنّت،
فخلّدها، أن سوف تولد من أقدامها السبل
الضافرون حضارات،
جدائلها شعر،
ومن خصرها تستنبت الخصل
كانوا،
وكان دخان القار يخنقهم
وما تزال عيون القار تشتعل
وما تزال شفاه الحرب تلثمهم
حتى كأن المنايا عندهم قُبَلُ
من قال أن جراح المحنة اندملت؟
هذي الجراح ستبقى،
نحن نندمل