منذ أسبوع تناول الإعلامي المحلي والإقليمي والعالمي خبر رفض أب آسيوي إنقاذ ابنته من الغرق خوفا على شرفها، وقد ذكرني هذا الحادث بحادثتين أخرتين حدثتا منذ عدة سنوات واحدة في قرية باكستانية عام 2011 وأخرى في قرية هندية عام 2014، حيث حكم مجلس القرية في الحالة الأولى وقاضي القرية في الحالة الثانية على فتاة بالاغتصاب عقاباً لأخيها الذي أقام علاقة جنسية مع فتاة من عشيرة أخرى في الحالة الباكستانية أو تحرش بجارته في الحالة الهندية. فتدفع البنت الثمن من حياتها لتصرفات الأب أو الأخ في الثلاث حالات. فإذا أضافنا لهذه الحوادث جرائم الشرف التي ترتكب في بلادنا حيث تقتل الفتاة بمجرد الشك في سلوكها أو بناء على إشاعة، يثبت الطب الشرعي لاحقا أن الفتاة مازلت بكراً ولكن بعد فوات الأوان، وهى جرائم ترتكب أيضا من أجل الحفاظ على سمعة الأب أو الأخ ولتذهب الفتاة إلى الجحيم. لوجدنا أننا أمام ظاهرة تنتشر في المجتمعات ذات الثقافات الجامدة.
لهذا إذا أردنا القضاء على هذه الجرائم لابد أن نبحث عن جذور المشكلة ولا نكتفي بمعالجة الظواهر بالاكتفاء بسجن القاتل أو إلقاء خطبة عصماء في رفض مثل هذه الجرائم التي تخالف الدين.
من وجهة نظري جرائم الشرف هي مثل جرائم الإرهاب تنطلق من منطلقات ثقافية وعقائدية، تجعل من الجريمة شرف وجهاد يفتخر بها الإنسان وإذا مات وهو يرتكبها فهو شهيد. فهي جرائم لا تحمل العار لصاحبها ولا تجعله منبوذ من المجتمع بل على العكس. لذلك فلابد من ثورة ثقافية شاملة لمواجهة هذه الجرائم والقضاء عليها.
لابد من تغيير شامل في ثقافة المجتمع وليس فقط في نظرته للمرأة كما يطالب البعض. فالمجتمع المستبد الخاضع للسلطة الأبوية والسلطة الدينية، هو بطبيعته ضد المرأة وضد تصنيفها كإنسان مساوي للرجل، حيث يتم اختصار دورها في خدمة الرجل سواء كان أب أو أخ أو زوج، ولذلك فما المانع أن تتحمل عنه العقاب إذا أخطأ؟ ولماذا لا نتركها تموت إذا كان في موتها إرضاء لكبرياء وشرف الأب أو الأخ أو الزوج؟ أليست مخلوقة في الأساس لخدمة وإرضاء وإمتاع الرجل؟ فإذا كان في موتها خدمة وإرضاء للرجل فلتذهب إلى الجحيم.
التخلص من المجتمع الأبوي هو طريق التغيير الحقيقي في مجتمعاتنا المتخلفة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مشكلة المرأة الأكبر أنها تتحمل كل تراكمات التخلف فالرجال المقهورين سياسيا والمسحوقين اقتصاديا والمتخلفين اجتماعيا يصدرون في النهاية هزيمتهم النفسية وإحساسهم بفقدان رجولتهم، كما يفهموها في ثقافتنا الذكوريه، إلى المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف في المجتمع وبإعتبارها وعاء يفرغ فيه قهره وكبته سواء بصورة عنيفة بالضرب والسب أو بصورة جنسية يأخذ شكل التحرش والاغتصاب.
لذلك فالثورة الثقافية هي الطريق الوحيد لحصول المجتمع والمرأة جزء منه على حقوقه، وهى الطريق الوحيد للقضاء على الجرائم ذات الخلفية الثقافية مثل الإرهاب وجرائم الشرف.