الدستور الذي يعتبر القانون الأسمى في الدولة , وكانت فكرة السيادة قد نشات في التأريخ السياسي الأوروبي للدفاع عن حق الملوك والأباطرة في مواجهة القوى الخارجية ,
, التي كانت بأستمرار للتدخل في اختصاصاتهم السياسية لأعتبارات متعددة . منها ما يدخل ضمن الصراع الديني الذي كان قائماً . بأستمرار بين السلطتين الزمنية والدينية حيث كانت السلطة الكنسية تحرض على ان تمد سلطانها وتبسطه باسم الكنيسة . للحد من سلطان الملوك كمظهر من مظاهر الأقوياء . للتحكم في شؤون الشعوب التي تجد نفسها بأستمرار أسيرة غير أخلاقية . للحد من تطلعها للحرية وللمطالبة بحقوقها المشروعة ؛ ولما تمكنت السلطة من احكام قبضتها على السلطة . وتصفية نفوذ السلطة الكنسية بأسم السيادة توسع من مدلول كلمة السيادة على المستوى الداخلي . لكي تكون اداة القمع لمواجهة تطلعات الجماهير ومطالبها ؛ ولهذا فسر معنى السيادة حسب مراد السلطة السياسية . ذلك انه لم تكن كلمة الشعوب مطروحة في ذلك الحين . في مجال البحث عن الفكر السياسي . وذلك لأن السيادة كما حرص اباطرة أوروبا على تفسيرها . يستمدها الحاكم من الله مباشرة , بأسم الحق الإلهي المقدس وبالرغم من الجهود التي بذلتها الكنيسة لتقليص نفوذ الملوك . فقد اضطرت للاقرار بفكرة التفويض الألهي الذي يمنح الملوك سلطة دينية عليا يتمكن بها الحاكم من تدعيم نفوذه امام الجماهير , ومن الطبيعي ان تلك النظريات لم تكن في مصلحة الجماهير والتي بدات تشعر بتحالف غير اخلاقي بين الكنيسة والملوك .لذلك تخلت عن التزاماتها تجاه الكنيسة شيئاً فشيئاً , وهذا ما جعل صورة الكنيسة تهتز في المجتمعات الأوروبية , وبالذات خلال ظهور النظريات الأجتماعية التي يقودها فلاسفة الثورة الفرنسية , وعندما ابتدأ عصر ما يطلق عليه بالنهضة الحديثة . بدأت تلك النظريات العتيقة تتساقط امام موجة الرفض الجماهيري لها وظهور النظريات الأجتماعية في الفكر كنظرية العقد الجتماعي . ولعل هذا المصطلح قد طرح عند فلاسفة عصر النهضة من امثال هوبز وروسو ولوك . ولكنهم اختلفوا في تقدير حجم التفويض الذي منحته الجماعة للحاكم . وبالرغم من نظرية العقد الأجتماعي بالمفهوم الذي طرحة فلاسفة عصر النهضة لاقت نقداً شديداً من رواد الفكر السياسي المعاصر . لأنها تقوم على أساس أفتراض وهمي خيالي ليس له أي أساس من الصحة , لكنها على أي اعتبار ساهمت إلى حدٍ معين في تقيد دور السلطة المطلقة . التي كان الملوك يمارسونها . وأنها ساهمت في ما يبدو في بروز فكرة الدولة القانونية . التي يخضع فيها الكل إلى حكم القانون . القانون الذي ترتضيه الأمة والمسمى بالدستور !!
ــــــــــــــــــــ
المصدر : كتاب رسالة في التوحيد والسياسة
المؤلف : الشيخ الركابي
المطبعة : مؤسسة البلاغ , بيروت 1988