انا شاب عمرى 25 سنه، مثل شباب كتير اعيش حياتى كما يقولون بالطول والعرض، اتخرجت من كلية التجاره وبعلاقات ابى اتعينت فى احد البنوك ، وظيفه يحلم بيها كل خريجى كليتنا.
بصراحه انا بعيد عن الدين إلى حد ما، حياتى كلها بلغة العصر روشنه، شغل وروشنه، استمتاع بكل لحظه ممكنه، مش انا بس اللى كده كتير من جيلى على نفس شاكلتى، اهتماماتنا معظمها مركزه فى حياتنا الشخصيه خصوصا بعدما نزلنا الثوره ورجعنا زى ما رحنا زى ماجينا، اصل انا من بتوع 25 يناير من اول الناس اللى نزلوا بس مشينا بعد يوم 28 يناير لما الاخوان ملوا الميدان، كنا فاكرين اننا لما حنمشى زمايلنااللى بدأوا معانا حيمشوا هما كمان والموضوع ينتهى لكن للأسف الاخوان عرفوا يقعدوهم معاهم ويكملوا.
اه للاسف، ما هو بعد اللى وصلنا له ماينفعش يتقال غير للأسف، وللأسف برده رجعنا اتقوقعنا على روحنا وعيشنا حياتنا زى ما قلت لك كده بالطول والعرض. يمكن يأس يمكن قلة حيله ويمكن رد فعل. المهم اننا انضمينا لحزب الاغلبيه حزب الكنبه.
اوعوا تفتكروا اننا سعداء بحالنا وسلبيتنا دى، لكن احنا حاولنا وفشلنا، وفعلا ابويا كان عنده حق لما قال لى “اى حاجه مبنيه على عشوائيه لازم تنتهى بنتائج عشوائية”، انسحبنا لما شفنا الاتجاه رايح على فين واتأكدنا ان الاخوان حيسطروا على الموقف، رفضنا نكون جزء من المشهد ده او زى ما بيقول بعض الناس جزء من الجريمه دى اللى ساعدنا فيها من غير ما نقصد.
طبعا مش كلنا انسحب، فيه اصدقاء لنا استمروا فيه منهم اللى انسحب متاخر شويه وفيه اللى لسه مؤمن بالفكره زينا لكن بدل ما ينسحب بيحاول يصلح المسار، ياسر واحد من اللى استمروا وحاولوا يصلحوا المسار، حاول معانا كتير اننا نرجع ونكمل لكن معظمنا كان خلاص فقد الامل واعتنق فكرة “عليه العوض ومنه العوض”.
ماكنتش شفت ياسر من حوالى سنه، واتقابلنا بالصدفه الشهر اللى فات، ماعرفتوش اول ماشوفته، كان طالع من صلاة الجمعه، بدقن وجلابيه قصيره تحتها بنطلون ابيض وذبيبه كبيره تقريبا بعرض قورته ونظره عجيبه ماقدرتش افهمها. سلمنا على بعض بحرارة حقيقيه، صداقتنا القديمه غلبت على التغيير الواضح اللى حصل بيننا، قررنا نجمع بعض من أصدقائنا اللى ياسر ماشافهومش من سنه تقريبا لكنه طلب اننا مانتصلش بالبنات !!
اتجمعنا عند واحد صاحبنا فى البيت لأن ياسر رفض يروح النادى او يقعد على كافيه، كنا بنتعامل معاه على انه راجع من السفر وكنا بنرحب بيه من المنطلق ده. بدأنا بالأخبار العاديه والحكايات القديمه والجديده، ما كناش حاسين فى الاول بالتغيير اللى حصل على ياسر لحد ما هو افتكر وبدأ يلقى علينا محاضره فى اهمية الالتزام بالدين وتعاليمه وان حياتنا اللى احنا عايشينها دى حياة تافهه خسرانين فيها دنيا وآخره. اكتر من حاجه لفتت نظرى فى محاضرته، اول حاجه انه اول ما بدأ يتكلم لغته اتغيرت وبدأ يتكلم باللغه العربيه الفصحى، فصحى بجد بالتشكيل والاعراب، فكرنى باستاذ العربى فى ثانوى، تانى حاجه لفتت نظرى انه كان بيتكلم زى ما يكون حافظ الكلام اللى بيقوله مش ارتجال موقف، عرفت بعدها انها فعلا محاضره متكرره وهى دوره فى مجموعه منضم لها، تالت حاجه لفتت نظرى هو رد فعلنا كلنا بلا استثناء سكتنا خالص طول ما هو بيتكلم كما لو كنا فى محاضره بجد، وماحدش فينا قادر يرد او يناقش كما لو كان اعتراف ضمنى مننا بخطأنا.
انا شخصيا واحد من اللى اتأثره جدا بكلام ياسر، او تقدر تقدر تقول الشيخ ياسر، طلبت منه انى أقابله تانى وقلت له بصراحه انا عايز اقرب من دينى ومحتاج مساعدته، وان انا فعلا مش راضى عن حياتى بالشكل ده، زى ما يكون كسب جايزه او فاز فى معركه، ماسابنيش غير لما رحت معاه البيت وادانى كتب أقراها واتفقنا على ميعاد تانى يوم.
اتكررت مقابلاتنا ، اخدنى معاه حضرت دروس ، دروس هو بيديها ودروس شيوخ تانيه بتديها، الحقيقه دروسه هو كانت اكثر عقلانيه وهدوء من دروس المشايخ التانيين، بدأت أواظب على حضور وبطلت السهر والخروج مع اصحابى ، التغيير ما كانش جذرى فى حياتى زى ما حصل لياسر، وده اللى خلى ياسر يشعر انه ما انتصرش فى معركته، هو كان مسميها فعلا معركه مع الشر اللى جوايا.
كنت حاسس وانا مع ياسر انى بتعامل مع واحد من العصور الجاهليه وكان حاسس برده انه بيتعامل مع واحد من كفار العصور الجاهليه، اكتشفت ان ياسر استقال من شغله فى الشركة الاجنبيه درءا للشبهات، شبهات ايه؟ شبهات المال الحرام ونشر الكفر فى المجتمع. ياسر بطل ياخد ادويه وبيتعالج بالأعشاب والطب النبوى، طبعا ساب خطيبته وناوى يتجوز واحده من الاخوات الملتزمات والاخوات الملتزمات هن المنتقبات ولسن المحجبات كما يقول الشيخ ياسر. ما أثار فضولى حقا ولم اعرف له اجابة حتى الآن هو من أين يأتى ياسر بمصاريفه؟ من يأتى باحتياجاته الماديه؟ عمرى ما قدرت اوصل للمعلومه دى.
كنت بالنسبه لياسر معركه وتحدى، لم ينجح فيها بالقدر الكافى، لذلك اخدنى لأحد المشايخ من المرتبة الأعلى على حسب ما ارتأيت، ليهدينى إلى طريق الخلاص. ماعرفش ليه ياسر كان معتبرنى معركة وساعات كنت بحس انى فريسه لكن كنت مستسلم إلى حد ما لكن مش مغيب.
قابلت الشيخ عبد الله، بيقولوا له مولانا، اول ما شافنى حسسنى انه شاف شيطان رجيم، ماعرفش ليه اتعامل معايا على انى عاصى ومهمته انه يهدينى، يا ترى ياسر كان قايل ايه عنى، الله اعلم.
لماذا لا تلتزم يا بنى بما أمرنا به ديننا الحنيف؟
انا بصلى وبصوم وبعرف ربنا
أطلق اللحيه وارتدى الجبلباب
ماينفعش انا بشتغل فى بنك ومش حيرضوا بالشكل ده
أطلق اللحيه وارتدى الجلباب
حترفد
أطلق اللحيه وارتدى الجلباب
ولما اترفد اعمل ايه
نحن بعده سبحانه وتعالى كفيلون بك
حتعملوا لى ايه يعنى؟
انضم للدعوه يا اخى وستفتح لك جميع ابواب الرزق
مش مسألة رزق بس
أليس الدعوه عمل يباركه عز وجل؟
انا مانفعش فى الدعوه
كل مسلم يصلح للدعوه، اطلق اللحيه وارتدى الجلباب يا اخى
ربنا يسهل
قمت من المقابله، ما طلعتش غير ب”اطلق اللحيه وارتدى الجلباب” ، مش هو ده الدين ولا هو ده الالتزام، كلمت اصحابى وخرجت معاهم وقررت استمر فى حياتى اللى بلاقى نفسى فيها، حياه طبيعيه مناسبه لعصرى مع شوية تعديلات اتفقنا عليها كلنا وهى الاندماج فى العمل العام وايجاد رساله لنا تحمينا وتحمى مجتمعنا من الهجمه الجاهليه التى نتعرض لها.
كوننا جمعيه تثقيفيه وفتحنا فصول محو اميه فى احدى المناطق الشعبيه، على فكره البنات كانوا اكثر حماسه مننا وهما اللى دفعونا للتغيير، لقينا نفسنا بجد من غير ما نطلق اللحيه ولا نرتدى الجلباب