سأثير معكم في هذه المرة طبيعة ونوع العقيدة – الليبرالية الديمقراطية – التي نتبناها والتي هي عندنا روح الحياة ومعناها وجوهرها ومنطلقها لذلك فهي ليست شيئاً كمالياً يمكن الإستغناء عنه ،
، وفي ذلك نقول : إن الليبرالية الديمقراطية هي كل واحد لاتتجزء وحين نقول ذلك ، إنما نتحدث عن قيمها الخالدة في - العدل والحرية والسلام - هذه القيم هي التي تجعل للحياة طعم ولون وتجعلها كذلك ممكن العيش فيها ، فحين نتحدث عن الحياة الصحيحة الممكنة إنما نتحدث عنها من غير ظلم ، كذلك حينما نتحدث عن الحياة بكرامة وعزة فإننا نتحدث عن الحرية التي توفر كل ذلك للإنسان ، وهكذا حين نتحدث عن السلام فجوهره ومعناه عندنا هو تلك الحياة المتسالمة للجميع من غير أحقيات مزيفة أو دعاوى باطلة سلام شامل تام ، وهنا نقول : إن - الليبرالية الديمقراطية - تحرك هذه الأشياء في النفس الإنسانية وتحرك هذه الكوامن لتخلق طبيعة منسجمة ومتوافقة مع ذاتها لتحقق روح الحياة ، كتلك التي أفترضها الخالق حين خلق الأرض وجعلها للأنام .
ونحن مقتنعون جداً بأن التأسيس - لليبرالية الديمقراطية - في العالمين العربي والإسلامي من قبلنا هو مهمة لابد من الإضطلاع بها وتبنيها خدمة للإنسان ولوجوده ، وهكذا فعلنا لشعورنا بالمسؤولية أولاً ، ولعلمنا إن - الليبرالية الديمقراطية - هي سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ، وقولنا هذا تدعمه التجربة التاريخية التي عاشتها الشعوب المتقدمة ، كذلك وما عاشته الشعوب العربية من أنواع لأفكار ومشاريع لم تساهم جميعها ولم تساعد في بنائها وتطوير قواها ، بل على العكس من ذلك فإنها صنعت لنا أجيال عاجزة مهزومة ، ولهذا حتمت علينا المسؤولية الإنسانية والأخلاقية لكي نعمل منذ سنيين مع أصدقاء لنا في العالم الحر لتحرير العقل العربي من هيمنة ميثيولوجيا التراث ، ورسم مسارات صحيحة لهذه الأمة تنسجم و تسير وفق سياقات الطبيعة الإنسانية التي تؤمن بتغيير السلوك والعقيدة ، ويكون ذلك التغيير من أجل الجميع من غير إستثناء ، ولم تكن غير - الليبرالية الديمقراطية - حاضرة وقريبة لعقل الإنسان كذلك ولتجسد للإنسان العربي والمسلم على نحو واقع ماهو مفيد ونافع وماهو ضار ومسيء وهدفها هو إنتشال الإنسان من الضياع والتوهان ، وكان ذلك الممكن قد بدأ بالفعل مع التغيير في بناءات الدولة العراقية العتيقة ، هذا التغيير الذي نعتقد إنه من شجع قوى الخير في البلاد العربية للتأسيس عليه وممارسة دورها في عملية التغيير ، إذن فالدافع للتغيير هذا هو واقع تعيشه الأمة وكذلك هو طموح تعمل من أجله الشعوب لتعيش الحياة من دون قبول بالإستهانة أو الرضا بالخنوع .
والشعب العربي في هذا الوصف ليس منفصلاً في ذاته عن باقي شعوب العالم ، أعني إن القابلية على التغيير نحو الحياة الحرة هي قابلية ذاتية وموضوعية في آنٍ معاً ، كذلك هي إمكانية ذاتية في القدرة على الحاكمية من غير وصاية أو سلطة قمعية ، والشعب العربي وثقافته الشعبية الرائجة تنفي بشكل غير مباشر ذلك الإستعباد وتلك الهيمنة من قبل الغير ونتذكر تلك الجملة التراثية التي تقول - متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا - ، في هذا الواقع نما وأزدهر فكر - الليبرالية الديمقراطية - نما في داخل النفس العربية والمسلمة نما في داخل التناقض التاريخي والقيمي ، مما حفز هذا النمو دواعي القوة ودواعي الرفض للظلم وللخديعة ، وبيّن لهم إمكانيته الذاتية في التخلص من الخوف والسعي لبناء مجتمع العدل والحرية والسلام ، وأرآهم حقيقة معدنه في الكيفية وفي الطبيعة التي يستطيع معها التخلص من الدكتاتورية ومن ذل السلطان ..
إذن فالتأسيس - لليبرالية الديمقراطية - ضرورة مجتمعية وضرورة تاريخية للحد من تلاعب البعض بقيم الناس ومشاعرهم ، كما إن التأسيس الذي تبنيناه مهمته وحدة كل الليبراليين الديمقراطيين في العراق وفي المنطقة وتحريرهم من ضيق العمل وضيق الرؤية وضيق الأفق ، كذا وتحريرهم من التنافس السلبي نحو البحث عن أمجاد زائفة ودعوتهم للإنخراط في تغيير قناعات الناس وثقافتهم ، وتلك مهمة يجب أن يضطلع بها كل ليبرالي ديمقراطي ، وكما قلنا في مرات سابقة ليس هدفنا السلطة والبحث عن مناصب زائلة مزيفة إنما سعينا لبناء إنسان جديد يعرف ذاته ويحكم من خلال قناعاته من غير وصاية ومن غير دفع ، مهمتنا ليس في أضعاف دور الناس في الطلب بل بجلب الكرامة لهم وإشعارهم بعزتهم التي هي عندنا أغلى من رغيف الخبز - فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان - تلك هي دواعي التأسيس ببساطة هي علاقة مركبة تفرضها قيم وحاجات شعبية .
وإني أخوف ماأخاف منه هو تبديد قوى - الليبرالية الديمقراطية - وإشغالها في تنافس سلبي يعطل دورها ويبعدها عن مشروعها الذي تأسست من أجله ، ولا أظن إن واحداً يعمل لذلك سواء على نحو مباشر أو غير مباشر ، وليعلم الجميع إن القوى السياسية الأخرى يهمها أن لايستقر لليبرالية الديمقراطية قرار ذلك لأنها تعرف تماماً إن المنافس الحقيقي لها هو الليبرالية الديمقراطية ، وذلك ليس شعوراً ر
فقط بل هو واقع لمسناه من الفئات السياسية ضيقة الأفق ومن رجال دين مزيفين يخلطون بين الأشياء ، ولهذا أدعوا الجميع لوحدة الصف وليكن نصب أعينهم ذلك الهم في البناء وفي نشر قيم الليبرالية الديمقراطية - .