غريب الأمر!
تحضرني هذه الصورة منذ صباح "الخميس الأسود" كالهاجس، دون سواها من صور جبران... كأنها تعلن علاقة قَدَرية ما، بين استشهاده هو واستشهاد اللواء فرنسوا الحاج في ذكرى استشهاده... وبالتفجير البربري ذاته اياه!
الصورة تمثّل جبران يقود تظاهرة طالبية انتصاراً للجيش أوائل السبعينات من القرن العشرين، أيام كان يقال، مع كتاب عونٍ ما – غير الجنرال – ان "الجيش هو الحل"!... أظن في مواجهة تصاعد الظهور الفلسطيني المسلّح، وما كان قد بدأ يؤدي اليه من حوادث أمنية مهّدت لما كان قد بدأ يوصف بـ"الحرب الأهلية"... لأن تعبير "الارهاب" لم يكن بعد قد وضع في التداول.
"الجيش هو الحل"؟... إن لم يكن قد كان آنذاك، فهل صار الآن؟ أو هل يصير؟
حتماً هو بعض الحل، على الأقل، في ضوء حرب نهر البارد التي يتراءى لنا انها استمرت في اغتيال اللواء الذي قيل انه كان بطل "العمليات" آنذاك. وقد قيل لما انتهت تلك الحرب، أو ظننا، ان "جيوب الارهاب" التي هربت، أو توارت ستفتح جبهات أخرى في كل بقعة لها فيها مقام أو يمكن ان يصير.
مما يحدونا على القول إنه اذا لم يكن الجيش قد كان هو الحل، عام 1975، فقد يصبح الأمر كذلك الآن، بعد ما يقارب نصف القرن من الحروب التي "تعددّت أوصافها والخطر واحد"...
•••
هل نسلّم بذلك إذاً؟
بل هل نستسلم، وبالذات يوم ينعقد مجلس النواب، أو يحاول، للمرة التاسعة، أو ربما أكثر، للتمسّك بأهداب "الحل الدستوري" ولو باللباس العسكري (كما في الصور التي احتلت الشوارع والساحات)؟
لا، كلا... لن نستسلم!
•••
... وننصح المعارضة بأن تقلع عن محاولة شن "نهر بارد دستوري" مقنّع بطبعة منقّحة من "حرب تحرير" لا أمل في انتصار لها منها، كما لم يكن لها من السابقات!
وحين يصير لبنان الديمقراطية وكأنه في عهدة "عناية دولية فائقة"، لا مجال للسعي الى ما يصح وصفه بالارهاب الدستوري... فيكون مصيره، ولا حاجة الى عسكرة الدستور، مصير الحرب الارهابية الاخرى، ولا شهادات تحمي المعتدين.
الجيل اللبناني الذي تظاهر من نصف قرن مع العلم اللبناني يستحق ان نظفر له بهذا الانتصار في وجه الارهاب الجديد، كيفما تنكّر، ولو كان مجرّد ارهاب نفسي أو فكري يتوجه حتى الى ضعاف النفوس!
حاشية، بحثاً عن مخرج:
لما كانت الأكثرية قد لجأت الى اختيار العماد سليمان مرشح "توافق"، ومن دون شروط، وفي وسعها اعلان ذلك وتأكيده، فمن تريد ان تفاوض المعارضة؟
الأكثرية؟ اذا كانت المفاوضة حول الترشيح، فقد قضي الأمر...
أما اذا كانت لديها مطالب أو شروط تريد بحثها مع العماد – الرئيس، فلماذا لا تنتخبه ثم تطرح عليه مطالبها وشروطها بعد انتخابه؟
والأفضل لها وللنظام ان تبقي المطالب والشروط سرية... هذا في حال وجودها. علماً بأن الرئيس عند انتخابه، سيجري الاستشارات البرلمانية الدستورية الملزمة، التي من الطبيعي ان ترافق اختيار رئيس الحكومة والبحث في شكلها وتوجّهاتها، وخصوصاً اذا كان الرئيس يطمح الى تأليف حكومة "توافقية".
... ويكون اذذاك اول "شروط" المعارضة قد سقط تلقائياً، عنينا حكومة الرئيس السنيورة وما تحمّلها المعارضة من "آثام"، بما في ذلك لا شرعيّتها ولا دستوريّتها ولا ميثاقيّتها!!!