Thursday, October 4. 2007
لقد دار نقاش طويل منذ زمن حول ما إذا كان الإنسان يتحرك ويفعل ويحكم من خلال الإدراك الظاهري , أو ما يملية علية العقل الباطن ومنذ ذلك الحين والأراء متشعبة ومختلفة ولعل جملة من الأفكار التي حصلنا عليها كانت شاهدة على أن هناك قوانين ونظم وإرادات تتحكم بها قوانين الإدراك المحسوس
. هذة قائمة بإحتمال الإدراك التجريبي . ولا يخفى أن مبادئ التجربة ثابتة بتحديد الظواهر وعلاقاتها من مبادئها العامة سواء فيما يتعلق بالفكر وحدود التفكير أو القوانين الممتدة إزاءها , وهي ليس حكم بإزاء قوانين علمية يحكم العقل بقبولها قبلياً على أساس التكرار والديمومة , فتلك من المبادئ الأولية للبرهان ولا يحتمل التكرار إلابوجود العلل الرئيسية له من وجود وطبيعة وقدم أي أنها لا تخرج عن مفاهيم المادة بجوهرها وماهيتها , في حين أنها لا تحتمل الإستثناء الإ من خلال الإختلاف في طرق المعالجة الموضوعية عينياً ... مما يولد إستنتاج مباشر يثبت ما قررته التجربة ضمن أجواء الملكة الناتجة بالذات لظواهر المعاني العامة المبتكرة التي قد تندفع إلى علاقات أخرى لها نفس المقدمات العقلية والقوانين العلمية الموضوعية , ولعل ذلك يشمل التقسيم المنطقي للظاهرة حسب ما يدركه العقل بإعتبار ذلك بداية مقدمة ليست هي توكيد لارقي منابع المعرفة المحرزة بل هي من باب المقدمية المنهجية ذات الأستقراء المتكرر المحكوم عليه موضوعاً على أنه تمثيل طبيعي لتوفر الأساس المنطقي العام في وظائف العقل وإحتوائه على ملكة المبادئ ولكن يقتضي أن ننبه إلى أن مصطلح مبدأمصطلح غامض يرمز عادة إلى نوع ما من معرفة الذي قد يجوز فقط إستعماله كبدأ مع انه بذاته ووفقاً لأصله ليس بمبدأ إطلاقاً . إن كل قضية عامة حتى مع أنها قد تكون مستخلصة بواسطة الأستقراء يمكن لها أن تقوم مقام القضية الكبرى في قياس العقل . ولكنها لا تكون نظراً لهذا الإعتبار مبدأ فالبدهيات الرياضية مثلاً كالبدهية القائلة بأنه من الممكن أن نرسم خطاً مستقيماُ واحداً فقط بين نقطتين تشكل مفهوماً قبلياً للمعرفة العامة , ولهذا جاز أن تسمى اصطلاحاً وحسب ما تقدم بالمبادئ ولكنه أستخدام صحيح بناءً على ما أدخل تحتها من قوانين موضوعية , ولكن تبقى المسألة عندنا مورد تأمل فليس ذلك هو مفهوم قبلي جاء ذاتاً عيناً ولهذا يمكننا أن نورد قياساً للعقل هو شكل لأستقراء نوع من بعض المعرفة لأحد المبادئ تلك , ذلك لأن القضية الكبرىتحتوي دائماً على معنى عام يمكن أن ندركه بمقتضى شروط العموم تلك , في حين قد يتسنى أن تقوم المعرفة العامة مقام القضية الكبرى في ذلك القياس الذي قلنا به , لكن تبقى المسألة قائمة على أساس أن ما ندركه سواء بالتحصيل أو بالوعي هو قضايا عامة أمكن على ذلك الأساس أن ندعو ما توصلنا إليه بالمبادئ الممكنة لأن ما ندركه أن يتحصل بناءً على القياس الأستقرائي لكلي القضايا التي منها البديئيات مقدمة من التحصيل الذي كونها عن القياس العقلي لكليات القائمة موضوعياً , ولكن إذا تأملنا في مبادئ الفهم هذه وبناء لأصلها نجد أنها أي شئ فضلاً عن معرفة من المعاني العامة وهي بعد لن تكون ممكنة إلا إذا جعلنا مبدأ الإحتمال قائم , أو جعلنا شروط الخبرة المتقدمة ممكنة بصورة عامة في حين نعلم أن لكل شئ يحدث علة لا يمكن بأي وسيلة من الوسائل أن يستنتج من المعنى العام , لذلك الذي يحدث بل على العكس فإن ذاك المبدأ بالذات يرينا أي نمط نستطيع أن نشكل وقفه وحدة معنى عاماً تجريبياً معرفاً لذاك الذي يحدث . وهذا يدفع إلى الأستحالة بأن الفهم يزودنا بالمعرفة التركيبية , ولكنه يزودنا بمعرفة هي ما نطلق عليها بالمبادئ تماماً . ولهذا تقسم القضايا بحسب المعرفة تلك إلى مطلقة ونسبية . ولكن هذا التقسيم يدعو إلى تنوع لامتناه من القضايا والمفاهيم المركبة والبسيطة ولا يخفى أن المعرفة بهذه الأشياء ستظل نسبية طالما هناك من تعارض بين قوانين الطبيعة المجردة وقوانين الطبيعة العملية . وهذا التعارض يكشف عن مدى قابلية العقل في القياس والإستقراء , ومدى ما يستنبطه وفقاً لتلك المظاهر التي قد تشكل هيئة قوانين تضفي على الفرد صيغة تشريعية قسرية مما يحد من إبداعه تجاه معرفة تلك القضايا وأستنباطها آخذ اً بعين الإعتبار , التباين المشار إليه في القوانين الطبيعية , ولأنه في بعض الأحوال يبدو التناقض شديداً لأن المعرفة بالذات ليست هي تمامها المعرفة المجردة مما يشكل فهماً أولياً حول سهولة الحل القائم بين التناقضات لأن الفهم هنا هو الملكة المشار اليها لتحقيق الوحدة بين الظاهرات وفقاً لقواعد , ولأن العقل هو الملكة لتحقيق الوحدة بين قواعد الفهم وفقاً للمبادئ , لذلك فإن العقل قد ينظر مباشرة إلى الخبرة أو إلى أي موضوع لأنه نظر للفهم بإعتباره مقدمة قبلية في النظر للموضعات التي تشكل المعاني وسائط لها , مما يولد وحدة المعرفة بين الفهم الظاهري والعقل .وهذه تدور حسب قوانين العلاقات الطبيعية بوصفها قاعدة غير جامدة قائمة مقام الأدراك الذي نعني به الفهم المجرد البعيد عن التجربة ولكنه يوافق ما تقدمة التجربة من مقدمات موضوعية وفقاً لأحساسه بالظواهر الكلية ,ولكن هذا الإحساس قائم بدرجة معينة على وعي بالوحدة تارة وطوراً بالوعي الخالص .
ومن هنا أمكن التمييز بين مدركات العقل الوافدة إليه سواء ما يتعلق بالمباشرية او ما يتعلق باستدلال ,وليس المباشرية هي نفي للاستدلال على أساس نفي العلل التي ساهمت في الأحداث . لكنهما هو نفي بمثابة ترتيب درجة الوعي المطلق . تجاه الظاهرة التي هي بالإساس علاقة قياسية لكنها محدودة . والمحدودية فيها إنما ترتكز على ما يقيسه العقل استنباطاً وهذا ما يمكن معرفته بالفهم القائم على حساب الأبعاد النظرية البحتة . لذلك فما أدركناه مباشرة يوجد أولاً في كل قياس قضية أساسية . وثانياً قضية أخرى تستقرأ منها وأخيراً استنتاج حيث تربط وفقه حقيقة القضية الثانية المستقرأة بحقيقة القضية الأولى الأساسية ربطاً محكماً غير قابل للانحلال أو الذوبان . فما يمكن ملاحظته دون تدخل ثانوي نسميه مباشرية الحكم تارة الحكم الإستدلالي أو النتيجة المستقرأة ولا يعقل ان يكون استنتاج لطريقة المعرفة المؤطرة . إذ ذلك ليس مما نقول به بناءً على ما نعتقد من المباشرية الذي هو باللحاظ فهم استدلالي يعني تحتمه الأرادة ويقره الأستنتاج المرتبط بالمعرفة الأصلية ذلك ما نطلق عليه بالبرهان العقلي . فالقضية القائلة كل مادة تتعرض للجاذبية ثم أفرض أنني لم أستبح لنفسي أن أحكم هذا الحكم في النتيجة إلا بعد أن استقصيت ذلك في كل أجزاءالمادة -
ولنرمز لعينات المادة التي بحثناها ووجدنا أنها معرضة للجاذبية بالرمز :
س1 , س2, س3,... س ق معرضة للجاذبية .
س1 ,س2 ,س3, ... س ق هي كل أجزاء المادة .
أي اذن : كل المادة معرضة للجاذبية )
وإليك مثالاً آخر أكثر وضوحاً عندنا قضية تقول : جميع الناس هم فانون . تحتوي على القضايا التالية : بعض الناس هم فانون , أو بعض الفانين هم ناس . أولا يوجد أي شئ يكون خالداً هو إنسان فهذه جميعا استدلالات مبائرة من القضية الأولى . ولكن هذا الإستدلال لا ينطبق على المقولة بأن جميع المتعلمين هم فانون , لأن الحكم الأساسي لايحتوي عليها وذلك لأن المعنى العام للمتعلم لايحدث فيه . أما الحكم عليه فبأستقراء منطقي على الواسطة الحكمية المتداخلة , لأن لكل قياس قاعدة من قضيتين كبرى وصغرى شرط أن يتوافق محمول القضية وموضوعها جرياً مع شروط المعرفة والحكم . ويجب أن لايغيب عن الذهن أن القياسات هي أحكام ولكنها مختلفة تبعاً لآختلاف منهج الفهم في المعرفة . فحينما نقول بالقياس الشرطي المقولي والقياس الشرطي الأتصالي والقياس الشرطي الأنفصالي نعني به الأحكام الشرطية المقولية والأتصالية والأنفصالية . ولكنها لا تستنتج صدفة إنما تأتي بإعتبار الموضوع والمحمول والحكم عليهما داخل القضية سواء الأ ساسية أو الثانوية . ويقوم العقل بأختزال التنوع الضخم في القضايا ليصل إلى معرفة كاملة في الفهم مستقرأة بأصغر وأرقى وحدة للمبادئ والحكم عليها !!
|