انتظرت زمناً وفكرت كثيراً فيما يمكن وفيما لا يمكن ، وكنت كغيري من العراقيين الراغبين بالتغيير ، ورجوت الله في كل مرة ان يساعد العراقيين على بلواهم وأن يتخطوا أيامهم السود ، ولكن دائماً تكون الإنتكاسة في شكل ما وبيد من بيدهم المسؤولية ، ولم أجد لكثير منهم عزماً ومجالدة فضاعوا في التفاصيل وغلب عليهم الكسل والهوان ، وأستهوتهم الدنيا ولم ينقذوا العراق كل العراق من الوحل الذي هو فيه .
إلى أن جاءت الفرصة للأخ الكاظمي ولم أبادر مع علمي به وبنواياه الطيبة ، وبقيت أرقب الإيام وأعد الساعات وأرى كيف يمكنه العمل في ظل واقع ممزق ؟ ، وكان رهاني على العقلانية والرزانة التي أتصف بها ويتصف ، واعجبني فيه بعده عن الشعارات والخطب والضجيج ، ووجدته في كل يوم يبرهن على أن العمل الصالح والجد وتسخير الطاقات هي الممكن في تحويل وتبديل حال العراقيين ، ووجدتني أرصد تحركاته وهو يجوب العراق من شماله لجنوبه يكتشف مواطن الخلل ويشير للضعف ويؤشر على مكامن الخطر أين وكيف ؟ .
وكان في كل مرة واقعياً غير مندفع ويتحرك وفق آليات الدولة التي يجب ان تكون ، وهو يعلم أن حلم العراقيين كبير في الإنتقال من هذه الفوضى ، وهذا الفساد إلى دولة النظام والقانون والعدل والحرية والسلام ، وفي ذلك الطريق جهداً كبيراً يجب ان يبذل .
ولهذا أدعوا أبناء الشعب كافة بكل أطيافهم وتلاوينهم شباباً وشابات رجالاً ونساءً ، أن يشدوا العزم مجتمعين لبناء دولتهم وتعمير ما تحطم عبر هذه السنيين العجاف التي مرت ، وكلنا يعلم مدى هول وعظم التحديات التي يواجهها العراق الشعب والدولة ، نعم النوايا الطيبات وحدها لا تكفي ، إنما المشاركة من غير ضجيج ومن غير صراخ ، فلا أحد مهضوم دون أخر فالعراق كله ناله من الضيم ما نال ، والمسؤولية جماعية كلنا نشترك فيها كلا حسب موقعه وحجمه ، وعلينا أن لا نفوت الفرص لأننا نعلم جميعاً ، أن العالم قد تغير وسيتغير أكثر فأكثر في ظل ما يحدث من هزات إقتصادية وصحية وسياسية ، ولا يجوز ان نقف لا مبالين فكلنا مسؤول عما يحدث وسيحدث .
وهناك صرخة شعبية نسمعها تقول : لا تزيدوا على العراق ما عانى ، واسمحوا للحكومة ان تمسك الخيوط ، وان تبادر بالحل وايجاد المنافذ الصحيحة للحياة في الحاضر والمستقبل .
وإذا كانت صرخة الأخ الكاظمي في القضاء على التسيب وعلى السلاح المشاع وعلى الفساد وعلى الميليشيا المنفلتة ، فإن حركة ضبط المنافذ والحدود ، ولجم العابثين من أحزاب ومنظمات وعصابات مسؤولية لا تقبل القسمة أو التهاون ، فإن الوقت قد حان لكي ينتظم الجميع ويعود إلى رشده ، فليس هناك متسع من الوقت للفوضى وتخريب ما تبقى من وطن ، وليشعر الجميع ممن يصرخون خارج اطار المسؤولية ، إن الوطن أغلى من كل غال ، هذه هي الحقيقة التي يجب الإيمان بها ، مع جُلّ الإحترام للجيران من هنا وهناك ، فالكل منهم يهمه وطنه وليس العراق ، وعلينا نحن ان نفكر كذلك وبنفس الدرجة وزيادة طالما عشنا الغدر من كل جانب .
إن مساندة الأخ رئيس الوزراء واجب نرآه في كل تفاصيل العمل اليومي ، وعلى كل عراقي مخلص لوطنه أن يشعر بالمسؤولية في حماية وصيانة العراق ، فالإيمان بشرف الإنتماء يتوجب النظر إلى بناء دولة المستقبل التي تتسع للجميع وتحتضن الجميع ، والكل فيها سواء فلا فضل فيها لطائفة على أخرى ولا لقومية على أخرى ، الكل والجميع فيها مواطنون من الدرجة الأولى ، دعونا أيها العراقيون نهدأ وننتظر ونعمل لمصلحة الوطن .
وإني وأثق ان الحكومة الجديدة ستعمل على توفير الأمن والعدالة والمساواة ، وستوفر كل ما من شأنه إعلا كلمة الوطن ، في منطقتنا والعالم ، ودعوتي هذه أبعثها للجميع أن لا يفوتوا الفرص فإنها أن مرت هذه المرة فلن تعود ..