تعتبر معركة حلب المعركة الدولية بامتياز حيث يخوض الجيش العربي السوري وحلفاؤه معركة استرجاع المدينة من ايدي الثوار التكفيريين الذين يحتلون تقريبا 50 في المئة من المدينة.
والخطر في الأمر ان القلعة الاثرية في قلب حلب هي في ايدي الثوار ويتمركزون فيها ومن الصعب على جيش النظام العادي المسيطر على هذه القلعة المحاطة بالمياه، لذلك فان الدبابات لم تعد تستطيع التحرك كثيرا، مع ان الجيش العربي السوري يتقدم واستطاع اخذ 60 في المئة من حي العامرية في حلب، لكن القتال شرس جدا واذا كانت اميركا اقترحت سحب المسلحين من حلب مقابل حل المدينة، ووافقت روسيا على ذلك فان شروط الانسحاب يبدو انها لن تناسب موسكو، فتريثت وطلبت جلسة خاصة لحلب في مجلس الامن تكون مغلقة، انما فرنسا دعت مجلس الامن للاجتماع في 8 كانون الاول لبحث موضوع حلب في جلسة علنية فردت روسيا بأنها ستستعمل الفيتو ضد أي قرار في هذا المجال وان الدعوى لبحث موضوع حلب هو امر خطر وسيئ.
لكن المعارك الشرسة جارية على الأرض، والجيش السوري يحاول ان يقتحم بقية المواقع، ويتقدم ولكن ببطء لان المقاتلون التكفيريون بنوا الانفاق وبنوا مراكز ودشم لا يستطيع الجيش السوري خرقها بسهولة، ولذلك فمعركة حلب هي معركة فاصلة لان اميركا لا تريد ان تعطي الرئيس الأسد حلب كي لا يكون قويا ولا يعود يفاوض وروسيا تريد ان تكون حلب بعهدة الرئيس الأسد ليسيطر هو على الوضع وينهي قسماً كبيراً من الازمة.
توقفت المحادثات الروسية - الأميركية عند هذا الحد، اميركا تقول بانسحاب المسلحين، وبقاء الجيش العربي السوري خارج مناطق المسلحين وعدم دخوله هذه المناطق، اما روسيا فتقول بانسحاب المسلحين ودخول الجيش العربي السوري والسيطرة على حلب كلها، ولكن الامر مرفوض من المقاتلين المعارضين الذين قالوا انه لو طلبت منهم اميركا الانسحاب فلن ينسحبوا.
وتخوض جبهة النصرة بكل ثقلها معارك عنيفة وذهبت عناصر من طرابلس من شمال لبنان ومن الضنية ومن عكار ومن ادلب ومناطق أخرى باتجاه حلب لتقاتل الى جانب المقاتلين هناك ضد الجيش السوري فيما الجيش السوري يضع كل ثقله للسيطرة على حلب مستعملا الطيران والمدفعية بكثافة والمشاة بكثافة انما دون نتيجة قوية تجعله يتقدم على المحور الرئيسي للوصول الى القلعة الاثرية. ورغم بقاء 600 متر بين والجيش السوري العربي وبين القلعة الاثرية فان الـ 600 متر مكلفة للغاية بالقتلى والجرحى فمن يتقدم هناك يموت، ولذلك أصبحت هذه المسافة مسافة موت، وقد ظهر للمرة الأولى ان الثوار المعارضين التكفيريين يملكون صواريخ مضادة للدروع من طراز متقدم حصلوا عليه من قطر والسعودية وتركيا.
وما زالت تركيا تزود المقاتلين المعارضين بالأسلحة رغم اتفاقها مع روسيا وتقاربها مع موسكو، ورغم ان اردوغان وعد بوتين بعدم دعم المعارضة الا ان تركيا مستمرة بدعم المعارضة طالما ان اميركا تدعم الاكراد في سوريا، وشرط روسيا على اميركا هو ان تتوقف واشنطن عن ارسال الصواريخ والأسلحة المتطورة الى الاكراد في العراق وسوريا.
وفي المقابل ترفض اميركا كلياً التراجع عن دعم الاكراد، وتعتبرهم انهم هم البنية التحتية القوية التي سيستند اليها الجيش الأميركي للسيطرة على المنطقة.
اما روسيا فقد حسم الامر بوتين باعتبار ان حليفة الأساسي هو الرئيس بشار الأسد ولذلك فهو سيقاتل الى اقصى الحدود الى جانب الاسد، والدليل على ذلك ارسال الرئيس الروسي بوتين حاملة الطائرات الضخمة التي تحمل طائرات سوخوي - 35 وسوخوي - 33 التي تحطمت امس طائرة منها وهي تحط على حاملة الطائرات الروسية. هي طائرة حديثة جدا توازي الـ اف 22 وتطلق صواريخها لمسافة 150 كلم باللايزر. إضافة الى ان بوتين عقد مع سوريا اتفاقا لاستخراج الغاز من البحر السوري كذلك سيبني قاعدة بحرية عسكرية على شاطئ طرطوس، كذلك سيبني في منطقة دير الزور مطاراً عسكرياً يكون للطائرات الروسية فيه مكان كبير ويتسع لحوالى 100 طائرة عربية، ويعني ذلك ان روسيا التزمت كليا العلاقة مع الأسد وضمان بقائه في الحكم مهما حصل.
اما متى تنتهي الحرب في سوريا فلن تنتهي قبل سنة 2020. هذا على الأقل، وقد بدأ وسطاء يتصلون بالرئيس الأميركي الجديد المنتخب ترامب، ومنهم منذر سليمان السوري الأصل ليقوم بوساطة بين سوريا وترامب، لكن ترامب حتى الان لم يتخذ أي قرار وهو يفاجئ الجميع بالمواقف، فقد يعلن تأييده للرئيس بشار الاسد وقد يعلن مطالبته بإسقاط الأسد فليس من شيء مضمون مع الرئيس ترامب.
ونعود الى ساحة المعركة. حتى الان المبادرة هي في يد الجيش العربي السوري الذي يهاجم ويتقدم ولكن بصعوبة كبرى، ولا يستطيع السيطرة على حلب بسبب المقاومة القوية من جبهة النصرة والجيش السوري الحر وبقية المقاتلين، ووصل الامر الى استعمال المدفعية بكل أنواعها والقصف الجوي ولم يعد هنالك من مستشفى في حلب وجبهة النصرة والجيش السوري الحر لا يقبلون الانسحاب في حلب، وقد بنوا مستشفيات مثل المستوصفات تحت الأرض، كذلك بنوا مراكز لهم تحت اقبية الأبنية، كي لا تؤثر فيها الطائرات وقصف المدفعية، فيما هم يملكون صواريخ مضادة للدروع، وقد تم تدمير عدد من الدبابات السورية وهي تهاجم الشوارع الشرقية لحلب.
لكن في المطلق، الرابح على الأرض هو الجيش العربي السوري وحلفاؤه، حزب الله والإيرانيون وروسيا، لكن الغريب في الامر ان روسيا ما زالت متوقفة عن القصف الجوي لحلب، وهي تعلن ذلك علنية عندما يقول وزير دفاعها انه منذ 141 يوما نحن لم نرسل طائرة حربية واحدة لقصف مدينة حلب.
حلب ام المعارك، وحلب هي الفاصلة، فالرئيس بشار الاسد يريد ان تنتهي المعركة قبل رأس السنة الميلادية، أي قبل نهاية 2016، والمقاتلون يعتبرون انفسهم باقين لسنتين وثلاث وقادرون على حماية الاحياء الشرقية في حلب، والخط مفتوح للانفاق تحت الارض بينهم وبين تركيا للحصول على المؤن والحصول على الذخيرة والأسلحة، وتركيا والسعودية وقطر حلف واحد لدعم المعارضة ورغم ان روسيا طلبت من تركيا عدم دعم الثوار التكفيريين فان تركيا خففت من هذا الدعم لكنها مستمرة في تقديم الدعم، بحجم اقل وهي تريد وتعمل جديا من اجل اسقاط الرئيس بشار الأسد.
ـ روسيا والصين تستخدمان حق الفيتو ـ
استخدمت روسيا والصين، امس، حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار بشأن وقف الأعمال القتالية في حلب والذي قدمته إسبانيا ومصر نيوزيلندا.
وحصل مشروع القرار على دعم 11 عضوا في مجلس الأمن، من بينهم مندوبون عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وصوتت 3 دول، وهي روسيا والصين وفنزويلا، ضد الوثيقة، بينما امتنعت دولة واحدة، وهي أنغولا، عن التصويت.
وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الأمن عقد لبحث المشروع، أن روسيا صوتت ضد الوثيقة لأنها لا تتحدث عن خروج المسلحين من حلب.
كما شدد تشوركين على أن عرض الوثيقة للتصويت في مجلس الأمن يعد انتهاكا لقواعد عمله، موضحا أن مشروع القرار وزع بين أعضاء المجلس لدراسته قبل التصويت في الساعة 11.20 من يوم الاثنين بتوقيت نيويورك فقط، ويجب انتظار مدة 24 ساعة على الأقل قبل إجراء الاجتماع حول الوثيقة.
وركز مشروع القرار على ضرورة وقف الأعمال القتالية في حلب من قبل جميع الأطراف المتناحرة خلال 7 أيام في البداية، وتعليق شن ضربات على موقع كافة المجموعات المسلحة بالمدينة، بما في ذلك التابعة لتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» المصنفين إرهابيين على المستوى العالمي.
وقالت الوثيقة إن «جميع أطراف النزاع السوري عليهم الوقف الفوري لجميع العمليات الهجومية في مدينة حلب لضمان إمكانات الإيصال الفوري للمساعدات الإنسانية».
وكان تشوركين أعلن، في وقت سابق من الاثنين، أنه ليس من الممكن أن يجرى الاثنين التصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع القرار حول حلب، مؤكدا في تصريحات صحفية أدلى بها قبل الاجتماع، على ضرورة انتظار نتائج المشاورات حول سوريا بين الخبراء الروس والأميركيين في جنيف قبل إجراء التصويت في مجلس الأمن.
الديار