ليس من شك ، فينا من يجهل حجم معانات الشعب والوطن من الإرهاب وخطره !! ، وما يسببه لنا ولمن حولنا من مشكلات وأزمات تحاصرنا في الحاضر وتسرق مستقبل أجيالنا القادمة ، وفي هذه النقطة لا بد من توجيه الأنظار إلى الطريقة الخاطئة والتي تعاطينا فيها مع الإرهاب ومع مجمل هذه القضية ، وهنا نُشير إلى تلك الطريقة الغير نزيهة والغير صادقة والغير واضحة والتي أدخلتنا في الكثير من التدجيل والتعميه وعدم الصواب وفقدان الكثير من الوقت والمال والجهد ،
والإرهابيون في بلادنا لهم حواضن تزودهم بالمال والسلاح والتعبئة والتجهيز الإعلامي والحشد الدعائي ، وهؤلاء المزودين يناصرونهم مدفوعين بالحقد والجشع والتضليل وسوء النية والكراهية ، وهؤلاء هم ليسوا فقط الواقفين هناك خارج الحدود ، بل إن لهم المناصرين في داخل الوطن من سياسين خونة ومرتزقة ونفر من المائعين التاهين اللاهثين وراء الدرهم والدينار ، نجد هؤلاء في أجهزة الدولة ومؤوسسات الحكم ، ونجدهم إيضاً في أجهزة الأمن والجيش والشرطة ، مستغلين هذا التفكك في جسد الوطن وهذا التنازع بين أطراف سياسية بغيضة ، ولا أدلكم على جديد فإن أساليب التضليل والإغراء لا يقيدها شرف ولا تحدها قيود ، ولا يردعها ضمير لدى بعض سياسينا ، ونحن نخوض حرب الإستنزاف ضد قطعان الإرهاب نشكو في الوقت عينه ضعف مؤوسسات الدولة وعدم تركيزها على ما ينفع العراق ويعزز موقفه ، وهاكم معي أدلكم على معالجات وزير خارجية العراق السطحية والساذجة والبعيدة عن الواقع والبعيدة من الإقتراب عن الحقيقة كما هي من غير تلبيس ، وأرآها مكتفية بالتلهي وبالتجول هنا وهناك ، ولا اجد لها موقفاً حازماً بين العرب فيما يخص قضايانا المصيرية ، ولهذا تبدو ليَّ صورتها كما تبدو للجميع من غير طعم ولا لون ولا رائحة ، وها أنا أشير لدور وزارة الخارجية في الإجتماع الوزاري اليوم في القاهرة لمناقشة الأزمة بين طهران والرياض ، ولم يتعض وزير خارجيتنا من موقف وزير خارجية لبنان الذي عبر عن رأيه بكل وضوح وقانونية وشفافية ومن غير إلتباس لدى السامع ، والموقف يتطلب توضيح ما يلي :
أولاً : يجب أن يكون موقف العراق واضحاً ومندداً في التجاوز على السفارة السعودية لأنها في حماية الدولة الإيرانية ، ويجب إستنكار ذلك الفعل بأشد العبارات ومحاسبة الفاعلين وضبطهم ومحاكمتهم وهذا ما تقوم به إيران بالفعل ، وهؤلاء يجب إدانتهم وتوجيه الأنظار لموقفهم الخاطئ .
و ثانياً : يجب أن يكون للعراق دوراً واضحاً في مسألة الصراع ، وليس موقفاً موافقاً فقط أو تكرار القول حول مفهوم الإجماع العربي الهزيل البائس ، كان يجب على وزير خارجية العراق ان يكون بمستوى الحدث ويُظهر الكثير من الشجاعة والحزم والإرادة ، فهو كما نسمع أراد أن يكون وسيطاً أو قد دخل وسيطاً ، وفي هذه الخطوة عليه تتبع ذلك وأبداء الرأي الذي يحد من التنازع وفق الإستحقاقات القادمة ، لا التوقيع على بيانات الجامعة التي لا تحل ولا تربط ، كان عليه أن يكون له موقفاً متميزاً نسمع عنه ونسمع صدآه ، بحيث يُقال لنا هكذا تحدث وزير خارجية العراق .
في السياسة لا يجب ان تكون مفكراً ، بل يجب ان تكون رجلاً محاوراً تستخدم أبسط العبارات وأدلها على المُراد ، لكي تقول كلمتك حيث تُسمع وتكون جزء أساسي وطرفاً فاعلاً ، والمؤسف إنه ومنذ 1990 ضاع العراق وسقطت هيبته وأصابه الخمول والتردي - وأكثر هذا السقوط كان بفعل العرب أو بفعل تآمر العرب - ، نعم كنت أتمنى لو كان وزير خارجية العراق أن يُقدم لنا صورة مغايرة ، صورة نعتز بها ونفتخر ، ولأن ذلك لم يحدث كم تمنيت لوكان لنا وزيراً بحجم شخصية - السيد مثال الألوسي - ، فهو بكل الإعتبار كامل من جميع الأوصاف ، شجاع متمرس خبير وله دراية بخفايا العرب وبمزاجهم وهو خير من يُحسن التعامل معهم من غير عوج .
إن كل مصائبنا جاءت من هذه التوليفة السياسية الفاشلة ومن هذه المحاصصة الفاشلة التي قدمت لنا نوعاً من البشر غريبي الأطوار ، وكل مؤهلاتهم إنهم خير سُراق وحرامية ، وأخرت لنا عن عمد رجال من الطراز الذي يريده العراق .
إن الإستمرار في تكرار الأخطاء يولد النفور والتراجع وعدم الثقة ، ولكي لا نسيء الظن بالجميع ندعوا الأخ رئيس الوزراء ليقرأ الأمور قراءة واقعية جديدة ، تخرجنا من هذا الذي نحن فيه من تهالك وتردي وميوعة وخمول ، ودعوتنا للأخ العبادي تتلخص بنقطتين :
الأولى : هي بالتركيز الجدي على الإصلاح في مؤوسسات الدولة والنظام ، بشكل حقيقي وليس شعاراتي وعاطفي ومزاجي ، وفي ذلك العمل سنلتقي سوياً في وسط الطريق جميعنا لكي نبني ونعمر وننتج ، وفي الإشتراك بالعمل الإصلاحي ستتلاشى صور الغدر والطعن سواء من الرفاق أو من الأغيار ، وهناك سيتجمع الشعب حول وطنه وقضاياه من دون خيانات وأحلاف أو إنكباب على فتات أقوال نفر خارجين ، إن دور الإصلاح الحقيقي يكون في فضح ما يُراد للعراق وشعبه من التمزيق والتفتييت وفضح تلك المؤامرات ومن يعمل داخلها ومن خلالها ، وأظن إن الباب يجب ان يكون مفتوحاً لأبناء الوطن يدولون بدلوهم ، ومن ثم نمد اليد وهي عزيزة للعالم الغربي وروسيا ، ومن دون الإعتماد على عرب اللسان أو عرب الجنسية فهم أعداء بالفطرة ، وفي ذلك ترآنا ندعوك للحذر من الدول الماكرة ، والتي لم تكن في يوم من الأيام إلاَّ عدو فاحذرهم ، وفي ذلك الأمر من التحذير إنما نقوم بواجبنا الوطني والأخلاقي تجاه شعبنا ووطننا .
إن واجبنا دائماً يكون في صون حقوق شعبنا وكرامته لا الضياع في إطلاق الوعود والفلسفات البائسة ، ودعونا لا نذكر الشعب بالفساد الذي خرب على الوطن مستقبله ونظامه وعيشه العام ، دعونا نركن للعمل ودعونا نركز على ما يجمعنا ، وذلك هو الإصلاح الحقيقي الذي هو معركتنا جميعاً ، وفي ذلك إنما نواصل الجهد في حربنا المفتوحة على الإرهاب .
والثانية : هو في إدامة الجهد المتواصل ضد الإرهاب ، ولا يجب ان نخلط في المشاعر أو نُسرف في ذلك حتى لا نُصاب بالإكتئاب أو القنوط ، ونحن نعلم إن هناك من يدبر لنا في الخفاء والعلن ، كيف نفشل ؟ وكيف تذهب ريحنا ونتفرق ونذوب ؟ ، وعليكم أخي رئيس الوزراء تقع المسؤولية في تقليص مساحات الذين يُسمح لهم بالكلام والخطب ، حتى لا تتناقض الأقوال والأفعال ونكون كالتي نقضت غزلها أو بقول غوار الطوشه - حارة كلمن أُيده ألو - ، وتُستغل هذه الحالة من قبل الإرهابيين ، وكلنا يعرف وسائل هؤلاء الإرهابيون وإمكانياتهم ، وما يُقدم لهم في السوق الإعلامية والسياسية من تسهيلات دعائية ووظائفية .
إننا نرى الخطر محدقاً ولكي نستعد له ، لا بد من حجب الأنظار عن أولئك المهرجين الذين يعطون للعدو الوسيلة والقصد التي تُصيبنا بالوهن والتخاذل والتراجع .
إن موقف العراق من الأحداث لا يجوز ان يكون مهزوز أو باهت أو غير منسجم مع واقعه ، وفي هذا المجال لا يجب أن نعيش أحلام اليقظة ظانين بها الواقع ، وهذه من السفسطة المذمومة ، إنما نريد للعراق مع الحق بكل صلابة وعنفوان ، وهذا عهدنا به ومن لم يجد في نفسه الكفاءة في ذلك ، فليفسح الطريق لغيره ، إن كان هناك بعض ضمير ..