أنظمة الحكم الجماعي القائمة علي العقيدة والتي أستولت علي مقاليد السلطة في دول العالم في الماضي والتي تريد أن تستحوذ عليها الأن تعتمد أعتماد كلي علي (العقيدة الأيمانيه ) لدي الفرد والمجتمع ولأحكام تلك السيطرة كان حتميا عليها الاستحواذ علي الفكر وأضفاء الصبغة الدينيه عليه ولقد أتفق علماء النفس والفلسفة علي أن (عمق السبب و قوة التأثير يستولدان الدافع الأيماني في مراحله الأولي لدي المجتمع وما أن يستشف الاعتقاد والتصديق به يمكن من خلاله تحديد هوية الأنسان ( الفكرية -وطبيعته -و وماهيتة – عن طريق بث مجموعة من الأفكار والمشاعر والتي بدورها تحسم عملية الاختيار من بين الأفكار والعقائد المختلفة السائدة في المجتمع والتكيف معها يقول ماركس في كتابة ( العقيدة الألمانيه )( أن المذهب ثمرة الظروف الاجتماعية فكل فكر مهما كان شكله فمضمونه عقائدي ) فالطبقة التي تسيطر علي وسائل الإنتاج وتتحكم في تصريفه تسيطر في الوقت نفسه علي وسائل الإنتاج العقلية لذلك يري بعض المفكرين أن نهضة الأمم ورقيها يكمن في ربط قيمها ومبادئها بأنظمة او مرجعيات ذات بنّية عقائديه أو فكرية وقد حفل التاريخ بكثير من تلك النماذج ووثق حقيقة هذه المزاعم.
فالحضارة الإسلامية علي سبيل المثال ذات البنّية العقائدية بلغت أوج قوتها في عصر الأموييين والذي يحسب لهم الحفاظ علي العنصر العربي في بناء الدولة الإسلامية وفي العصور الوسطي قامت السلطة الدينية ممثلة في الكنيسة بأحكام قبضتها علي الحياة العامة في أوروبا كذلك الصراع العربي الإسرائيلي العقائدي وتسويق الأسطورة المكذوبة لاستجداء الوجدان العالمي في إقامة دولتها والتي ترسخت علي مرجعية ذات بنية عقائدية توراتية. النموذج الإيراني بعد سقوط محمد علي بهلوي وقيام الثورة الأسلامية في إيران ذات صبغة عقائدية، الدولة الأسلامية في العراق وسوريا وليبيا ( داعش )، جماعة الحوثيين في اليمن.
ونجد ان البنيّه العقائدية تعد النموذج الأقرب للتطبيق في مصر نظرا لما يتأصل في وجدان المصريين من أن المرجعية الدينية في المعاملات والأمور الحياتية هو فعل صحيح وظهر هذا واضح تمام الأيضاح في أعقاب ثورة 25 يناير2011 وما عرف بالفترة الأنتقالية الأولي والأستفتاء الشهير 19 مارس 2011 علي بعض نصوص الدستور والحشد القوي علي أساس ديني صرّف مما جعل بعض الدعاة الأسلاميين المشهورين بتسميتها ب ( غزوة الصناديق ) فالمؤمن بفكرة الحكم الجماعي العقائدي يري من الواجب والحتمي تغيير نمط التفكير لدي الجماهير وتحويلها إلي فرقة انشاد ديني تعزف لحن واحد منسجما وأي تغيير أو تنوع فهو خروج ونشوز عن اللحن الجماعي فالمعارضة ممقوته وممنوعة ( مبدأ السمع والطاعة – ولاية المرشد والفقية - امير الجماعة ) وحتي المعارضة التي تنبح ولا تعض محظورة لانها تسيئ إلي كبرياء الفكر العقائدي ووجودها يتحدي نظريات العقيدة الجماعية ) وهذا ما زعمة هتلر بأن رجاله من الحرس النازي لا يهتمون بالمشاكل اليومية وإنما بالقضايا العقائدية التي تتناول أهميتها الحقب والقرون “”
وقد أستلهم الأخوان المسلمين علي سبيل المثال في بداياتهم ( الفكر القومي الأشتراكي بصيغتة النازية – والفكر الماركسي بصيغة و فكر لنين وبلغ الأستلهام مداه مع سيد قطب فمن يقرأ كتابي ( ظلال القرأن —ومعالم الطريق ) يشعر وكانه يقرأ كتاب ( ما العمل – للنين — أو كتاب كفاحي ل هتلر ) وأخطر ما قام به الأخوان كنظام جماعي عقائدي هو مزجهم بين الرؤية النازية للعالم بالدين مما أضفي قداسة الأسلام بأكملة علي أيديولوجية شمولية إقصائيه عنيفه - فما كان يعتبر هرطقة دينية في الماضي والعصور الوسطي في أوروبا وهو تحقيق الحكم المقدس للقديسين علي الأرض أصبح في عصرنا هذا عقيدة فكرية ثابتة لدي الأسلاميين ومدعي الخلافة الأسلامية للدفاع عن الدين من العربدة العلمانيه لقد أقنع النظام النازي الجماهير الألمانيه بأن ( النقاء العنصري هو السبيل الوحيد القادر علي أخضاع شيطان الأنظمة الليبرالية القديمة )
ويقول جان جاك روسو صاحب كتاب ( العقد الأجتماعي ) ( أن أقوي الناس لا يكون قويا إلي الحد الذي يمكنه من السيادة دائما إلا أذا حول قدرته إلي حق وطاعته إلي واجب )وجائت العقيدة الجماعية فوضعت هذا الأساس من الحق والواجب في شكل ثوري مقبول لدي العامة والأتباع فهي ألبست الأيمان بالحريه و واجبات الفرد وحقوقة بثقافة التبعية. فهي تنظر إلي المواطنين علي أنهم رعايا مطيعون أكثر من كونهم مواطنين ذوي حقوق. فعندما نشاهد أرهابي يلقي بيانا دينيا لشرح أسباب أنتحاره يفترض البعض أن الدين هو من أمره بذلك وعندما يقتل داعشي أحد بحجة أنه كافر نستنتج أن التكفير والتفكير الديني هما سبب لأصناف العنف المادي والمعنوي في المجتمع.
فالأنظمة العقائديه الجماعية لا تبدي اهتماما بالحياة الأنسانية او تقيم لها وزنا سواء حياة خصومها أو حياة شعوبها فهي تسلب الحياة وتضعها بسهولة اكثر من أنظمة الحكم الاخري وتحاول هذه الانظمة بكل طرق ممكنة أن تحصل علي هذه التضحيه طواعية من مواطنيها وقد تبلغ التضحيات بالنفس أو كما يصور لهم اعتقادهم بأنه أستشهاد في مهام عادية جدا فقد توصلو إلي ما وصل إليه نابليون ذات يوم بأنها سياسات الغد بقوله (( أنها تنظيم الجماهير الراغبة في التضحية دفاعا عن مثل أعلي ) فالرجل المثالي في ظنهم هو من يضحي بنفسه من أجل قضيته سواء في الميدان العسكري او في الميدان السياسي. ولقد قال ( دفيد روسيه في كتابة (( أيام موتنا )) ( أن انتصار الحرس النازي كان يعني أن يطلب إلي الضحية المعذبة السير إلي حتفها دون إعتراض وأن تتخلي هذه الضحية عن مقاومتها وتنحل إلي الحد الذي تعجز فيه عن تأكيد وجودها )
وهذا يوضح لماذا نري الضحية هادئه مستسلمة قبل تنفيذ حكم الاعدام فيها من قبل أنصار الجماعات العقائدية ويتضح مما سبق أن أنظمة الفكر العقائدي لا تعترف بالدولة كاكيان ويجب أستبدلها بالمجتمع الواحد وهو بذلك أنسجمو تمام الأنسجام مع النظرية الشيوعية والنازية. فقد كتب هتلر في كتابة كفاحي يقول ( أن الدولة وسيلة لتحقيق غاية وغايتها هي الحفاظ علي مجتمع يضم أناسا متساويين في أبدانهم ونفسياتهم ودفعهم للأمام وعلينا والكلام لهتلر أن نميز تمييزا كاملا بين الدولة كوعاء وبين العنصر كامحتوي وأذا كان المجتمع عنصرا نقيا واحدا لا مركب من عناصر مختلفة ومتباينة فإن الدولة كسلطه أكراهية تغدو أمرا لا لزوم له )
فالعقل المؤمن بالجماعيه العقائديه يري ان العمل الوحيد للسياسة المجرده من الدين تضليل وخداع بل ولعبة من الدولة للحيلولة دون حكم المجتمع لنفسه - وللوصول إلي العدالة الأجتماعيه النهائيه يجب علي المجتمع أن ينصهر في كيان واحد ومركب فزيائي واحد صلب وأن تزول عوامل التجزئه من المجتمع وهي الحدود بين الدول وتكون هناك عقيدة واحدة سائدة تضم المجتمع كله عندها فقط ستصبح الطريق أمام الشعب السيد مفتوحا لا عقبات فيها يقودهم ( الزعيم الملهم ) في مجتمع يسوده الأخوة.
ويبقي لنا سؤال ؟
هل أنا كفرد ملزم أن أكون ثمرة العقيدة التي أومن بها فأفسر جميع العقائد الاخري علي ضوء ما تتطلبة مني عقيدتي الخاصة ؟
–
للحديث بقية—