لودفيج فويرباخ ، فيلسوف ألماني توفي سنة 1872 ، يعتبر تلميذا لهيغل لكنه يحسب على الجناح اليساري . له تصور للدين أريد ادراجه في منتدانا الحبيب لمزيد من المعرفة والنقاش ، مع ادراج آراء مجموعة من الفلاسفة الكبار في الكتابات القادمة .كتب فويرباخ مؤلفين هامين حول الدين ، الأول ( ماهية المسيحية ) والثاني ( أصل الدين ) ، وفيهما يعطي نظرية للدين تنتقل من الفكر الى الواقع ، من المجرد الى المادي ،
في قطيعة مع التحليل الهيغلي الذي كان قائما على المطلق المجرد ، وهكذا فتح الطريق أمام كل المفكرين بعده لتحليل الدين بعيدا عن المناهج المثالية السابقة ، حيث يؤكد فويرباخ بأن الدين ماهو الا وعي الانسان لنفسه لكن على نحو غير مباشر ، وهذا ماحدث للوثنية كدين ، فقد عبد الانسان ماهيته ، وتموضع الانسان دون أن يعي ماهيته ، ثم تقدم الوعي بالذات أي تقدم الدين ، بحيث وعى الانسان بذاته ، وهكذا رفض الدين الجديد الوثنية ، متصورا أنه حصل على موضوع أسمى وأعلى من قوانين الطبيعة ، معتقدا بأنه خارج الطبيعة ، ثم يدلل فويرباخ على الكيفية التي تتخارج فيها الصفات الانسانية ، وتشكل لنفسها عالما آخر تنسب له صفات التعالي والألوهية ، متناسية أنها مجرد صفات انسانية ، بمقولات الحب والخير والوجود ،فالانسان مع الدين الجديد يجعل الحب صفة لله لأنه شخصيا يحب ، كما أنه يتصور الله حكيما وخيرا ، لأنه يتصور أن أسمى ما في الانسان الحكمة والخير .ان منهجية فويرباخ في تحليله للدين تقوم على قرائته كرموز تحيل الى نمط من الحياة يجري على الأرض ، صانعها الوحيد هو الانسان ، ان اللاهوت في حقيقته ماهو الا انتروبولوجيا انسانية ، ان الدين بهذا المعنى ، هو خلق عالم آخر يتمايز ويتفاضل ويسمو على الموجود الانساني ، وذلك من خلال التعالي والمطلقية في الصفات التي هي في آخر المطاف ليست سوى صفات انسانية تم التسامي بها على نحو غير مباشر ، وهكذا أكد فويرباخ أن اللاهوت ماهو الا انثروبولوجيا مقلوبة ، وأن ما يظنه اللاهوتي على أنه وصف لله ، ماهو في حقيقة الأمر الا وصف للانسان ، فاللاهوتي يصف نفسه ظانا أنه يصف الله ، ويقوم بعملية خفية ، وهي تشخيص صفاته الخاصة ، ثم اخراجها وتثبيتها على شخص آخر هو الله ، فالدين هو علاقة يقيمها الانسان بماهيته الخاصة ، لكنها ماهية خارجة عنه ومنفصلة عن جوهره ، وكأن صورة الذات الالاهية في الدين ، المختلفة عن الذات الانسانية ، ليست سوى عملية قلب واعلاء للذات الانسانية بصفاتها المتعددة ، وبالتالي اغترابها عن الجوهر الحقيقي للوجود الانساني ، ومن هنا جاء المفهوم الشهير لفويرباخ ( الاغتراب أو الاستيلاب الديني ) والذي سيستعمل عند باقي الفلاسفة والعلماء الغربيين من بعده الى اليوم ، وخاصة عند فرويد أب التحليل النفسي .