كان «أبو العلا عبد ربه» عضو الجماعة الإسلامية يجهز سلاحه مساء الثامن من يونيو عام 1992؛ فى انتظار خروج المفكر «فرج فودة» من مكتبه بمدينة نصر، معتمدا على فتوى ما سمّي وقتها بجبهة علماء الأزهر برئاسة عبد الغفار عزيز، والتى قالت بكفر فرج فودة، ونشرت بيانا بذلك فى مجلة النور، والقتل اعتمد أيضا على فتوى من شيوخ جماعة الجهاد، وعلى رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد يظن البعض أن القتل اعتمد على جماعات تكفيرية مثل الجماعة الإسلامية، وجماعة الجهاد، إلا أن شهادة الشيخ محمد الغزالي عضو جماعة الإخوان المسلمين الذى وصف دائما بوسطيته ورفضه للتطرف خيبت الآمال، حيث قال أن فرج فودة مرتد مضيفا أن المرتد وجب قتله، وأن ما فعله أبو العلا عبد ربه لا يستوجب القصاص؛ لأنه طبق حدا معطلا من حدود الله.
وفى الذكرى الـ 22 لاغتيال “فرج فودة” عام 2012 احتفل التيار الإسلامي بخروج قاتله بعفو رئاسي من الرئيس السابق محمد مرسي، فى سابقة هزت الأوساط الثقافية، وخرج علينا أبو العلا فى شاشات الفضائيات ليعلن أنه لن يعتذر عن قتل فرج فودة؛ لأن الكاتب من وجهة نظره هاجم نصوص القرآن. ورغم أن قاتل فرج فودة حاول فى أحد اللقاءات على قناة القاهرة والناس بتاريخ 29 سبتمبر 2012 أن يبرئ ساحته، حين قال أنه لو عاد به الزمن لن يقتل فرج فودة، إلا أن لقاء آخر لأبو العلا عبد ربه على فضائية صدى البلد بتاريخ 12 نوفمبر 2012 تحدث عن اعتقال زوجته قائلا أنه لو كان خارج السجن حينها لما تورع عن قتل أى فرد ينتمى للداخلية والشرطة، مما يؤكد أن عقيدة القتل لم تبارحه، لكنها التقية التى حاول التيار الديني تصديرها فترة حكم الإخوان تحت دعوى وفاق القوى الوطنية، لكن الوضع اختلف بعد إزاحتهم عن كرسى الحكم، وأصبحت الدموية هى السبيل.
ولد المفكر فرج فودة 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا محافظة دمياط، حصل على ماجستير العلوم الزراعية، ودكتوراه الفلسفة فى الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس.
استقال من حزب الوفد الجديد؛ لرفضه تحالف الحزب مع الإخوان المسلمين أثناء خوض انتخابات مجلس الشعب المصرى عام 1984، ليأتى ذلك الموقف تعبيرا عن فكرة صريحة لا تحتمل التأويل سطرها فى كتابه الوفد والمستقبل قائلا: “فليست العلمانية إنكارا للأديان، إنما هى إنكار لدور رجال الدين ـ بصفتهم رجال دين ـ فى إدارة سياسة الدولة أو توجيهها“.
حاول فرج فودة بعد ذلك تأسيس حزب “المستقبل”، وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى المصري، إلا أنه هوجم بشدة على ذلك الحزب من قبل “جبهة علماء الأزهر”، والتى طالبت من اللجنة رفض الحزب، وسارعت بإصدار فتوى تكفيره التى كانت سببا فى قتله قبل أن يخرج الحزب إلى النور.
من مؤلفات فرج فودة، الحقيقة الغائبة، والملعوب، والنذير، وزواج المتعة، ونكون أو لا نكون، وحوارات حول الشريعة، والوفد والمستقبل، وحوار حول العلمانية، والطائفية إلى أين، وقبل السقوط.
من كلمات فرج فودة: “القرآن لا يفسر نفسه بنفسه، والإسلام لا يطبق نفسه بنفسه، وإنما يتم ذلك من خلال المسلمين، وما أسوأ ما فعل المسلمون بالإسلام”