لم أُرد الحديث عما يجري في سوريا لأني كنت من الداعين والمشجعين على الثورة الشعبية وإلى رحيل الأسد عن السلطة ، ذلك لأن الحرية التي أومن بها شيء ثمين بل هي أثمن شيء في الوجود والظلم وحاكمية المخابرات والأقبية السوداء أتعب شيء في الوجود ،
وثورة الشعب السوري التي بدأت بتظاهرات سلمية ومطالب إنسانية كنا معها من غير تردد وأيدناها من غير تحفظ ودعونا إلى - رحيل الأسد - ، وكنا نحدث أصدقاء لنا في العالم أهمية التغيير في سوريا ليكون مواكباً مع حركة التغيير في المنطقة ككل ، وكنا في ذلك من أشد الناس حماسة لبناء شرق أوسط جديد غير ذلك الذي ألفناه من حقبة العسكر وذيول المخابرات ..
لكن الذي يجري اليوم في سوريا شوه الصوره وخرب قناعات الشعب وبدد فيهم حلم الحرية ، فاللجوء للسلاح ليس مرجلة وليس قوة بين أبناء البلد الواحد ، كما إن الإستقواء بالأخر عمل مشين ، لهذا أعتبر مايجري في سوريا حرب أهلية مدعومة من جهات عربية حاقدة ، لاتعنيها الديمقراطية ولا حقوق الإنسان إنما فقط وفقط تدمير بنى الشعب الواحد والمجتمع الواحد ، وأغراض هذا النزوع معروفة فهناك في بلد الحرمين يجهد قليلي الذمة والضمير لجمع المال والرجال للحرب في سوريا ، وهناك في قطر العظيمة تسخر الأموال والإعلام لضرب وحدة الشعب وإذكاء روح الطائفية البغيضة ، الطائفية التي آلمتنا نحن في العراق فقسمتنا وفرقتنا وباعدت بيننا ، الطائفية هذه المدعومة من الأموال الخليجة شر مستطير ستعم بلواه كل أقطار الوطن العربي والإسلامي ، ولايظنن أحد إنه في مأمن من هذا الكابوس المرعب .
القضية في سوريا تحولت من مطالب شعبية ضرورية لتغيير سلمي في بناء الدولة والحكم ، إلى حرب طائفية بين السنة من السلفيين وبين العلويين ، وكلنا يعلم فتاوى الجهال والضلاليين في بوح دماء وأعراض العلويين ، من هذا المنطلق أقول : إن العالم الحر لن يسير بهذا الإتجاه إلى نهايته ، بل إنه سيتراجع عن دعمه لمشروع الإصلاح وسيتراجع عن مفهوم الحقوق التي تدنست من خلال المشاهد التي تُظهر الإرهابيين وهم يقتلون الناس ذبحاً وهم يكبرون ، هذه المشاهد المروعة هي طلقة الرحمة لهذه الحرب القذرة التي ظهر فيها سلوك العدوانيين من الإرهابيين والطائفيين جناة التاريخ .
أكتب هذا المقال مدفوع بهول ماأرى وأشاهد وإذا كان بشار لايستحق أن يحكم شعبه فإن هؤلاء الجناة لا يستحقون الحياة ، هؤلاء يثبتون بان سوريا لن يكون من الممكن حكمها من خلال او شبيه لما حدث في بلدان عربية أخرى ، سوريا مختلفة من الناحية الإجتماعية والسياسية والجغرافية ، وفي هذا الإختلاف يكون التفريط بسوريا لمن هب ودب أمر مستحيل وغير ممكن ، امريكا وأوربا تشعر بذلك تتلمسه لهذا هي تتراجع في ادائها وفق معايير التغيير بشرط الزمان والمكان ولنقل وفق الشرط الموضوعي .
الجماعات الإرهابية تختطف اليوم كل شيعي لبناني إيراني عراقي سعودي بحريني ، هدفهم هو هذا هدفهم العودة إلى حياة الملل والفرق والنحل ، لأنهم لايمتلكون البديل وكل مالديهم هذيان عن الزمن الجميل والتاريخ المشرق في عصر الغزوات وتسخير الناس بالقوة ، الحرب هذه في سوريا ليس حرب تحرير ولا هي حرب إستقلال بل هي حرب قذرة سوداء في هدفها وغايتها ومايخطط لها ، وكنت أمل من قمة مكة أن تقول شيء حسن يؤد الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد ، لكنهم أجتمعوا مع الأسف الشديد مدفوعين بالطائفية والمذهبية وكل مايهمه طرد العلويين وتبديد شملهم وتقسيم سوريا ، مدفوعين بمذهبية مقيتة وسوء سلوك مُنفر ، وتناسوا إن شعوباً عربية أخرى تطلب الحرية وتريدها من غير سلاح كما في البحرين ولكنها تقمع ، بل ويفتي المفتون بقتل الشعب البحريني لأن في بعض مسوحه شيعة وموالين لعلي وأهل بيت علي .
هي فتنة قبح الله شاعلها ومؤججها وهي وساخة وقذر في جبين كل مسلم ، الذي صار بفعل فعلات هؤلاء القتلة شر وجهل وتخلف ووضاعة وحماقة وإرهاب ، اقول قولي هذا : ونحن نستقبل العيد وأملي كل أملي ، أن يعود شعب سوريا إلى تظاهراته السلمية ويدع السلاح فإنه بأيدهم مضيعة وقتل وتفتييت ، شعب سوريا شعب متحضر وذو تاريخ نعرفه ، هو شعب الحضارات والتاريخ الطويل في الثقافة والفن والحياة والأمل ، ورجائي لهم في هذا العيد أن يكفوا أسلحتهم عن التدمير والدمار والقتل المتبادل ، كما أرجوهم أن لايعيشوا تجربة العراق المريرة والتي فعلها إرهابيي القاعدة وشذاذ الآفاق من نبذة الكتاب ، ويتركوا هذه الحرب القذرة وماتنتجه فخطرها ليس على وحدة المجتمع والشعب السوري فحسب بل وعلى عموم المنطقة ، والكيًس من أتعض بغيره ..