أختلف مع كافة الآراء التي تصنف الليبيرالية كأيديلوجيا سواء كانت هذه الآراء صادرة عن الليبراليين أنفسهم أم نقادها،
فالليبرالية هي تعبير عن نزوع الفطرة الانسانية الى الكرامة الفردية والحرية وتقديس العقل والعدالة والتسامح وحركة السوق الحرة والعولمة وحقوق الانسان وشيوع مفهوم الاخوة الانسانية بين المجتمعات المختلفة.
لقد مرت البشرية بتجارب قاسية مع الايديولوجيات الشمولية كسيطرة الكنيسة والشيوعية والنازية والقومية والاسلام وكانت تجارب مروعة بجحيم إنتهاك حقوق الانسان (وعبودية الايديولوجيا) والمعتقلات والحروب، وكل قباحات الشر التي نتجت عن تلك الافكار الشمولية الشريرة القاتلة للحياة وروح الانسان والمجتمعات.
والليبرالية ليست صناعة بشرية وفكر أُنتج داخل التاريخ وتحولت الى أيديولوجيا، وإنما هي الروح الازلية التي وجدت مع الخليقة والجينات الضرورية التي زُرعت في النفس البشرية التي تنزع الى الحفاظ على الفردية من الانسحاق تحت أقدام الجماعة، والدفاع عن الحرية والكرامة والانسانية والتعبير عن الذات وطاقاتها، ونور العقل كمرجعية لقيادة الحياة والتقدم والتطور والابداع، والعدالة الاجتماعية والمساواة، والتسامح وإحترام حق الاختلاف وغيرها من المقولات التي تمثل أولويات العيش الانساني الكريم.
وكان دور الليبراليين فقط تأصيل هذا النزوع الفطري الانساني ووصفه وتحليله والتبشير به.
مهما حاولت أبواق الايديولوجيات الشمولية تشويه صورة الليبرالية، فأنها لن تستطيع إخفاء حقيقة النجاح العملي الباهر الذي تحقق على أرض الواقع في الدول الليبرالية التي حققت أعلى درجات التنمية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان... في مقابل فشل الافكار الشمولية وهزائمها المخزية ودمارها للحياة وللبشرية .
ولعل نجاح المعجزة الأمريكية خلال فترة قصيرة وتشييد أعظم دولة عرفتها البشرية على مدى التاريخ ودول أروبا الغربية خير دليل على ان الليبرالية هي الخيار الأمثل والوحيد امام البشرية .
والليبرالية ليست نهاية التاريخ فقط.. بل هي قبل التاريخ حيث صرخة الروح الانسانية الاولى منذ الازل وهي ما بعد التاريخ وداخل التاريخ إنها القانون الكوني الابدي لديمومة وصيروة الحياة وإزدهارها.
kodhayer1961@yahoo.com