ليس من شك بان ماتقوم به السعودية هو إنتهاك واضح وتعدي صريح على حقوق الشعب البحريني الشريف ومطالبه العادلة في الحياة الحرة الكريمة ،
، وإنني أقول وأُذكر العرب والمسلمين بحقيقة النوايا السيئة التي لا يجهلها أحد من بعض بلدان الخليج تجاه مملكة البحرين وشعبها ، وهذه النوايا في العادة تنطلق من نظرة طائفية ومذهبية مقيته وسلوك بغيض ضد مبدأ التعايش السلمي المشترك بين الفئات والطوائف .
أقول : إن أخطر مايواجه العرب والمسلمين اليوم هو هذا الإصطفاف الطائفي البغيض و الكريه ، والذي تتصدر فيه السعودية المرتبة الأولى ، يغذي هذا عندها حقد على الشيعة مدعوم بتهريج وفكر ظلامي غير ديني وغير إنساني ، ولد هذا ويولد فكر هزيل مليء بالعقد والتطرف والإرهاب ورفض للآخر وتكفيره ، وإنني أقول : لمن يهمه الأمر ولمن يستمع لخطابي هذا : إن السعودية لم تذهب للبحرين كما تقول حفاظاً على الأمن والإستقرار ولا درءاً للمشاكل التي تواجه البحرين شعباً وحكومة ، ولكنها دخلت إلى هناك كما دخلت الحرب في اليمن أيام الحوثيين ، ودخولها في الحالين هو من أجل قمع الشعوب وأسكاتها عن مطالبها في العدل والحرية والسلام ، نعم وهي كذلك مدفوعة لإسكات صوت الشيعة وإسكات مطالبهم العادلة في العيش المشترك والعيش الكريم .
إن السعودية لم تتخلص بعد ولن تتخلص من عقدة الإرتباط التاريخي المشدود بينها وبين الوهابية ، بكل ما تحمل من فكر تكفيري مشوه للإسلام وللمسلمين ، ولا أجافي الحقيقة حينما أُذكر و أقول : بإن موقف السعودية في هذا يشبه موقفها من الحكم الجديد في العراق ، ففيه رأينا وشاهدنا كم من القتلة والإرهابيين جاءوا من نواحيها ، ولم نسمع منهم من يرفض ذلك أو يشجبه ، ولهذا نشك في دعواهم وحرصهم على وحدة البحرين ، ونشك في موقفهم القومي الجديد ، إننا نرفض تدخل تلك الدول في شؤون الدول الأخرى ورفضنا هذا ينطلق من معرفتنا بعدم نزاهة وكفاءة وحيادية هؤلاء ، بل ولمعرفتنا المسبقة بأنهم إنما يتحركون وفقاً وعلى أساس النزعة الطائفية ، التي لا ترى عندهم أية حق أو أية حقوق للشيعة لا في القيادة ولا في الحكم ، هذه هي القصة بإختصار وببساطة .
ومن هذا المنطلق أدعوا شعب البحرين من تفويت الفرصة على هؤلاء الغزات ، أدعوهم لكي يتحلوا بكثير من الصبر وكثير من الحكمة ، فالقوم حسب ما أرى قادمين لقتلكم ، وهم يقولون إنهم مصحوبين بمباركة أمريكية ، تحت غطاء الخشية من النفوذ الإيراني في مناطق الخليج النفطية ، وأنا أعلم إن دوافع التحرك الجديد معلومة ، وهي دوافع لن تستطيع خلق التعايش بالإكراه وبالغصب ، كما ولا يمكنها فرض إرادة القوة على الشعب ، كما لا يمكن لهذه القوات الغازية أن تخلق وضعاً جديداً على شعب البحرين ، فشعب البحرين من الشعوب العربية المكتملة ذهنياً وثقافياً وسياسياً ، ولهذا لن تسمح بتمرير المخططات كما تشتهي القوات الغازية وكما تريد ، أضف إلى هذا إن ملك البحرين لن يقبل ان يكون رهناً لإرادة القوات الغازية على طول الخط مهما تحججت ، نعم إنه لن يقبل بها إلى الأبد ، ولهذا فليس له غير شعبه فبه ومعه يمكنه الخلاص من كل المشاكل والإشكاليات ، وأظن إن الملك وولي عهده يعرفون هذا ، ويعرفون ثقل ومعانات الحكومات التي تحميها القوات الأجنبية الغازية ، ولهذا هم حريصون كما أعتقد على خلق مناخ الحوار الوطني الذي يقوم على إحترام الحقوق ويرفض القبول بالامر الواقع ، كما إني أعلم إن المعارضين والحالمين بالغد الجديد من شباب البحرين وشاباتهم ، هم كذلك شديدوا الحرص على الخروج بالبلاد من المأزق الذي دفعوا إليه ، وحرصهم يتأكد حينما ينفتحوا على الحوار بروح المسؤولية وروح الولاء للوطن والإيمان بالعيش المشترك ، ولهذا كنت معهم في شعاراتهم التي رفعوها عن الوحدة والتلاحم الشعبي بين كافة المكونات ، وكنت معهم في دعواتهم للحوار على أساس بناء الدولة من جديد ، واليوم أنا معهم ضد كل غزو وإنتهاك لحرمات بلدهم الصغير الذي لا يستوعب الكثير من المشاكل والتعقيدات ، وإنني أدعوا ملك البحرين لعدم الإصغاء للمهرجين و النافثين في بوق التفرقة والتمذهب والكراهية وتقسيم الشعب الواحد والوطن الواحد إلى كانتونات وكيانات ممزقة ومتخالفة ، كما أدعوا الحكومة السعودية للعناية بشعبها وما يعانيه من فقر وتخلف مجتمعي وإضطهاد ، وأدعوها لكي تعالج هذه المشكلات الداخلية وغيرها بدل أن تحمل الأخرين وزر ما تعيش من عقد ومشكلات ، فشعب الجزيرة العربية كله من نجد والحجاز غير مقتنع بهذه التوليفة من الحكم التي تمزج بين التطرف الوهابي ومحاولة الإنفتاح على الغرب ، فالوهابية هي من صنعت التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم ، وهي من ساهمت وأعطت المجال للأخرين لكراهية الإسلام والمسلمين ، إذ منها أنطلق أبن لادن يبشر بالتكفير والتدمير ، ومنها أنطلقت الفرق الإنتحارية التي تقتل وتنتهك الأعراض والممتلكات ، ومنها أنطلقت فرق التطرف والتخلف تبث سمومها في الحقد والكراهية لكل مخالف مقسمة الناس شيعاً وطوائف وملل وقوميات ، ومنها أنطلقت دعوات التفريق في الوطن الواحد والدين الواحد والشعب الواحد ، نرى ذلك جلياً في طرابلس لبنان وفي فلسطين وفي أفغانستان وفي الشيشان وفي غيرها من المدن والأوطان .
إنني أقول للشعب البحريني : إنكم اليوم تمرون بأيام عصيبات من تاريخكم الحديث ، ولذلك أدعوكم ومن أجل تجاوز هذا المعضل السياسي والأمني ، إعتماد الحوار سلوكاً وعملاً وموقف فبه ومن خلاله تضيعون الفرصة على القتله والحاقدين ، وتجنبون شعبكم المزيد من المحن و الأضرار ، وإنني أدعوكم للتركيز على مطالبكم العادلة وتسويق ذلك بين الدول الكبرى والدول الإسلامية والعربية ، إن شياع الديمقراطية والتركيز عليها يجعل من دعوتكم صادقة ومعبرة عن تطلعات كل الشعوب المقهورة ، كما أدعوكم لتعرية وكشف المرتشين الذين يثبطون من جهودكم في العالم عبر الرشوة التي توزع على دهاقنة السياسة والفاعلين والمؤثرين ، كما وأدعوا العلماء والمفكرين و رجال الدين المحترمين في كل أصقاع الأرض للوقوف معكم في محنتكم هذه وفي دعمكم كي تستردوا حقوقكم المغصوبة ، وأدعوا بصفة خاصة السبيد السيستاني بإعتباره مرجع تقليد لكم ، التدخل لدى القوى العظمى لثنيها عن القرارات التي أتخذتها على الظن ، فشعب البحرين أولى بالنصرة من غيره في هذه الأيام ...