يزودنا القصص النبوي في الكتاب المجيد دائماً بكم هائل من المعارف واليقين ، وهي بمثابة الينابيع و الروافد التي توسع مداركنا في الإيمان والثقة بالله وبالغيب وبرسل السماء ورسالاتها ، لأنها في الغالب العام وسائل معرفة و إيضاح يقدمها الرب لتعليمنا وهدآيتنا ، ولذلك فهي من الأهمية بمكان بحيث يجب أعطائها القدر اللائق من الرعاية والنظر والتحقيق ، مع إعترافنا بان البعض من هذه القصص قد لعبت به يد الأقدار و التدوين والتحريف عن قصد أو بدونه ، خاصةً بلحاظ ما يُنظر إليها وما تُقدمه من سردية يشوبها الكثير من الإطناب والإطالة ، وليس في بعضها ما يفيد غرض النبوة ومُرادها ، مما يجعلنا أكثر ميلاً لذلك الظن الغالب : - و بأن ما جرى فيها كان بفعل فاعل - من جهتي التدوين والإحاطة ، ولا علاقة للنبي بذلك الفعل يقيناً .
وهذا التنبيه يقودنا للتذكير بما قلناه سابقاً وأكدنا عليه ، من رجاحة قول القائلين ( بوجود التحريف في الكتاب المجيد ) ، والذي مال إليه غير واحد من الأعلام والمفكرين ممن أهتم بدراسة الكتب المقدسة وتوثيقها ، ولا يفوتنا في هذا المجال من التنويه بماكتبه المحدث النوري الطبرسي في كتابه - فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب - في هذا المجال ، والذي قدم لنا فيه أكثر من أحدى وعشرين نوعاً و بيَّنة دالة على ذلك ، ومما يؤكد هذه الإحتمالية ويصدقها ذلك التناقض والحشو الزائد عن الحاجة ، ولنا على ذلك دليل
في ذلك السجال الذي دار بين [ موسى النبي والعبد الصالح ] ، كما في قوله تعالى : - [ فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله ، قال : أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا ؟ ] – 74 .
وهذا الفعل المثير جعل النبي موسى يعترض وبشدة على ما قام به العبد الصالح في ( قتله للغلام ) !! ، قائلاً : - أقتلت نفساً زكية بغير نفس - ؟ !! ، هذه الجملة المعترضة وردت بصيغة الإستفهام الإنكاري ، أي كيف لك ياهذا ان تقوم بهذا الفعل المحرم ؟!! ، إعتراض منطقي قائم و مؤوسس على أصل أولي من أصول الكتاب المجيد ، ورد على النحو التالي : - ولا تقتلوا النفس التي حرم الله ..- ، أي إن الأصل المطلق عند الله وفي كتابه المجيد هو تحريم القتل .
تتمة موضوع "موسى النبي والعبد الصالح ــــــــ آية الله إياد الركابي "