ا «بحيرى» لا تحزن، فأنت أسعد حظاً من فرج فودة، فالسجن لمدة عام أرحم من القتل. وأوفر حظاً من «الحلاج» فالصلب أقسى وأمر من عام خلف القضبان. ومأساتك أخف من مأساة «ابن المقفع»، فتقطيع أطرافه وحرقها أمام عينيه وصلبه حتى الموت أشد وأقسى من حبسك خلف الأسوار!! لا تحزن فهم يقومون بتعذيب أئمتهم ومشايخهم وإخوانهم ولست أعز منهم، فهذا «النسائى» أحد أئمة الحديث النبوى صاحب السنن الصغرى والكبرى، ضربوه فى المسجد على خصيتيه حتى مات. وهذا الإمام «الطبرى» شيخ المفسرين والمحدثين والفقهاء والمؤرخين، حبسوه وضربوه فى داره، ورشقوه بالحجارة حتى مات وحيداً، ودفن فى داره ليلاً ولم يدفن فى مقابر المسلمين، فقد منعوه من أنس الجوار مع موتى خلق الله. لا فرق بين أسوار سجنك الصغير والأسوار التى حاصرت عقولنا وأخافتنا وروَّعتنا، وحبست عقولنا فى وطننا الكبير المسلوب. سيحاصرنا الرعب والخوف داخل عقولنا، وسنعود إلى عصر الانحطاط الفكرى والتخلف والرعب من مديرى عموم الزندقة. سجنك ليس تحدياً لنا بل تحدٍ للرئيس، فكلما نادى بتجديد الخطاب الدينى ردوا عليه بحبس كاتب أو مثقف، وكلما ارتفع صوته بالتجديد، ارتفعت أسوار التخلف حول عقولنا. لقد وضعنا الرئيس فى مأزق حين تصورنا أن دعوته لحرية الفكر والتجديد باب فتحه لنا، ولكنه باب فتحه علينا، وعرّانا وكشف سترنا أمام برودة وعيون الإرهاب الفكرى. ائتمناه على أفكارنا فتخلى عنا واحتمى خلف منصبه وحصانته وتركنا نواجه الخطر والطوفان والسجن والتكفير وحدنا. ضمن لهم حرية المطاردة وحرمنا من حق الاحتماء، فتح الباب لسيوف الإرهاب الفكرى وحرمنا درعاً يحمينا. فتحنا عقولنا طمعاً فى حمايته ففتحوا لنا أبواب السجون. خدعونا وقالوا الفكر بالفكر والسيف بالسيف لكن يا عزيزى الفكر يواجهونه بالسجن، وسيوفهم نواجهها بالخوف والرعب. خدعونا حين قالوا «على الباغى تدور الدوائر» لكن يا أيها المسجون، على المسالمين وأصحاب الفكر تدور كل الدوائر.
تتمة موضوع "إسلام بحيرى.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون.....عادل نعمان"