رغم ما يجري في مصر هذه الأيام من التعارك حول تراث المرويات في الإسلام، فإن التأكيد يبقى لازماً على ضرورة التعامل النقدي مع هذا التراث الضخم، لا من أجل مراعاة ظروف التطور، بل من أجل الإسلام ذاته. وهكذا فإن القيمة الكبرى لهذا النقد إنما تتأتى مما دخل على الدين من المفاسد عبر تلك المرويات، أو بعضها. ولعل ذلك ما يُظهره التباين بين طريقتين في التعاطي مع هذه المرويات؛ تتمثل (أولاهما) في طريقة الجيل الأول من المسلمين (الصحابة) الذين ألحوا على الإقلال من رواية ما سوى القرآن، وبالغوا في التحذير من إسناد الأحكام إليها، ومارسوا ضروباً من التضييق بلغت حد إيقاع الأذى البدني بمن يشتغلون بالرواية؛ بمثل ما جرى من عمر بن الخطاب مع الراوية الأشهر أبي هريرة، وأما (ثانيتهما) فإنها تتبدى في طريقة من خلفوهم ممن لم يكتفوا بالتوسِّع في الرواية وإسناد الأحكام إليها، بل وتعدّوا إلى حيث رفعوها فوق القرآن حين جعلوها حاكمةً عليه، وناسخةٍ له.
تتمة موضوع "المعركة الراهنة حول المرويات في مصر...... د. علي مبروك "