النزول القرآني - -
أختلف المسلمون في موضوعة - نزول القرآن - تبعاً لما أعتمدوا عليه في هذا الموضوع من أخبار وروايات ، ولأنني أعتبر إن - نزول القرآن هو بداية البعثة النبوية ، وإن القرآن المجيد نزل في شهر رمضان ، فعلى ذلك تكون البعثة النبوية في رمضان أيضاً ، ولكي نثبت ذلك بالدليل يلزمنا مناقشة وتحليل النصوص الواردة في هذا المجال والتعرف عليها وعلى صحتها ومدى إنطباقها على الواقع ، ومن تلك النصوص :
ما روي عن الإمام جعفر الصادق إنه قال - أنزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى - البيت المعمور - في مدة عشرين سنة - أنظر أمالي الشيخ الطوسي المجلس 15 الحديث 5 ، وفي أصول الكافي ج2 ص628 ...
وفي البداية لابد من القول إن هذه الرواية ضعيفة السند وهي لذلك غير مقبولة ، ولكن البعض قد أعتمد عليها في فهم مسألة - النزول القرآني - ، وعلى ذلك قرر هذا البعض بأن للقرآن نزولين :
أحدهما - دفعي - والمُراد به نزول القرآن دفعة واحدة ، في شهر رمضان ، ولكن هذا النزول لم يكن على قلب محمد ، بل نزل إلى - البيت المعمور - في السماء !! ، .
وثانيهما : - تدريجي - والمُراد به نزول القرآن على قلب محمد بالتتابع ، وقالوا : إن النزول التدريجي لم يكن في شهر رمضان ، بل كان في شهر رجب على قول ، وفي شهر ربيع الأول على قول أخر !! ، وطبعاً لم يبين لنا أصحاب هذا القول الفاصلة الزمنية بين النزول الدفعي والنزول التدريجي !! .
ونحن لم نفهم من لسان حال الروايات معنى - البيت المعمور - كوجود واقعي حقيقي في السماء ، والظاهر إن وجود - البيت المعمور - في السماء قد تسلل إلى الثقافة الإسلامية من فكرة - البيت المعمور - الذي ورد ذكره في سورة الطور ، ومعلوم إن لفظ - البيت المعمور - في سورة الطور ورد في صيغة القسم ، والطور في هذا النص هو - الجبل - ، أو المكان الذي كلم الله به موسى ، وقيل : بل إن- الطور - هو جبل الطور الذي فيه بيت الله الحرام ، ولهذا أقسم التنزيل به ...
والقسم : في لسان النص يتخذ في العادة من بعض المفردات والوجودات إشارة لقسمه ، فتارة يقسم بالكعبة ، وأخرى بالكتاب ، وثالثة بالتين والزيتون ، وبالطور وهكذا ، نقرأ ذلك كما في قوله : - والطور ، وكتاب مسطور في رق منشور ، والبيت المعمور - ، و في سورة التين قول تعالى : - والتين ، والزيتون وطور سينيين وهذا البلد الأمين .. -
والمقسوم به هنا هو الكعبة المشرفة ، في إشارة لعمارتها بالحجاج والزائرين والمعتمرين ، يدل على ذلك قوله : - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر - ، وفي سورة التين جاءت مكة بعنوان - البلد الأمين - مصداقاً لقوله - من دخله كان آمناً - آل عمران 197 ، وقد سمى الكتاب المجيد الكعبة - بالبيت الحرام - ، والحرام من الحرمة وهي تقديس للشيء في ذاته ، كما في قوله : - جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس - .
إذن فالبيت المعمور والبيت الحرام والبيت العتيق ، هي أسماء لمسمى واحد هو - الكعبة المشرفة بيت الله - ، وبناءً على ذلك يكون معنى - البيت المعمور - الوارد في سورة الطور ، هو بيت الله أي الكعبة المشرفة ، وليس البيت الذي في السماء كما زعمت روايات بعض الصحابة وبعض التابعين ، ومن بين تلك الروايات :
1 - مارواه قتادة بن دعامة السدوسي حين قال : - ذكر لنا إن رسول الله قال يوماً لأصحابه : هل تدرون ما البيت المعمور ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنه مسجد في السماء بحيال الكعبة ، لو خر خر عليها ، يصلي كل يوم فيه سبعون ألف ملك ، إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم - الدر المنثور ج6 ص118 .
ونسبت عائشة هذا القول إلى رسول الله ، إنه قال : - إن هذه الكعبة بحيال البيت المعمور الذي في السماء ، يدخل ذلك المعمور سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة لو وقع حجر منه لوقع على ظهر الكعبة - الدر المنثور ج6 ص118 .
ويبدو إن عائشة وقتادة لا يعلمون ما معنى حركية الأرض ، ولهذا جاء كلامهما مسترسلاً بعيداً عن منطق العلم والحقيقة ، [ هذه الكعبة بحيال البيت المعمور الذي في السماء ] ، ألاّ ترون معي غموض هذه المقولة وإفتقادها للمعايير العلمية الرصينة !! ، ثم مامعنى قوله [ لو وقع حجر منه لوقع على ظهر الكعبة ] ؟ !!!! ، فهل إن السماء والأرض بهذه الحالة من السكون وبهذه السنخية والتشابه ؟!! ، ثم هل إن المادة التي صُنع منها البيت المعمور الذي في السماء كما يقولون ؟؟؟ هو نفس المادة التي صُنعت منها الكعبة المشرفة !!!
2 - قال الضحاك بن مزاحم الهلالي : - البيت المعمور - أُنزل من الجنة ، فكان يُمر بمكة ، فلما كان الغرق رفعه الله فهو في السماء السادسة ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من [ قبيلة ابليس ] ثم لا يرجع إليه يوماً واحداً أبداً - الدر المنثور ج6 ص117 .
وقال الربيع بن أنس الحنفي البصري : - إن البيت المعمور كان في الأرض موضع الكعبة في زمان آدم ، فلما كان زمان نوح ، أمرهم أن يحجوا فابوا عليه وعصوه ، فلما طغى الماء رُفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا ، فيعمره كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يرجعون إليه حتى ينفخ في الصور !! ، قال : فبوّأ الله لإبراهيم مكان البيت حيث كان ، قال تعالى [ وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا ] - تفسير القرطبي ج17 ص61 ..
ونحن لم نفهم ماذا يعني بقوله نزل - البيت المعمور - من الجنة إلى الأرض ؟ فهل يقصد بالجنة هي ذات الجنة الموعودة ؟ أم يعني بذلك جنة الأرض ؟ أم إنه يريد بالجنة شيئاً أخر ؟!! ، كما إن الضحاك هذا لم يبين لنا طبيعة المواد التي صُنع منها البيت المعمور الذي في السماء ، ولم يوضح لنا مالمُراد بقوله ملائكة من - قبيلة أبليس - ؟ فهل يعني ذلك إن - البيت المعمور - الذي في السماء يُمنع فيه دخول الملائكة من غير قبيلة أبليس ؟!!!! أي إن القبائل الأخرى ممنوعة بحكم الضحاك بن مزاحم !!!
ثم لم نجد بين قول الضحاك وقول الربيع وحدة موضوع ، فالأول يقول إن - البيت المعمور - موجود في السماء السادسة ، والثاني يقول إن - البيت المعمور - موجود في السماء الدنيا !!
3 - ونسب أبو هريرة إلى رسول الله إنه قال : - في السماء السابعة بيت يُقال له المعمور بحيال الكعبة ، وفي السماء الرابعة نهر يُقال له - الحيوان - يدخله جبرئيل كل يوم فينغمس فيه أنغماسةً ثم يخرج فينتفض إنتفاضة ، يحزّ عنه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكاً يؤمرون ان يأتوا البيت المعمور فيصلون فيه فيفعلون ، ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبداً ، ويُلى عليهم أحدهم يؤمر ان يقف بهم من السماء موقفاً يسبحون الله فيه إلى ان تقوم الساعة - تفسير أبن كثير ج4 ص239 .
ولم يقل لنا أبوهريرة ما إذا كان جبرئيل من الموجودات الجسمانية حتى يصح منه الإنغماس في ماء نهر الحيوان كما يزعم ؟!! وهو كذلك لم يبين لنا ما طبيعة الماء المقصود ؟ وهل هو نفس الماء الذي نعرفه في الأرض ؟ أم إن ذلك ماء خاص لا نعرفه ويعرفه أبوهريرة خاصةً ؟ !!
4 - ونسب أنس بن مالك الأنصاري المعروف بخادم النبي قول إلى رسول الله جاء فيه : - إن النبي لما عرج إلى السماء !!!! قال : ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور .. - الدر المنثور ج4 ص 136 .
ولم أفهم ماذا يعني بقوله مسند ظهره إلى البيت المعمور ؟ والذي أعرفه إن إبراهيم هو في عالم الآخرة ، فهل يريد القول إن البيت المعمور الذي في السماء هو بيت في الآخرة ؟ فهل يعني إن إبراهيم كان متكئاً وهو في العالم الآخر ؟ .
5 - وكذلك نُسب إلى الإمام علي قوله : - حينما سُئل عن - البيت المعمور - قال : ذلك الضراح [ الضريح ]- ذكره أبن جرير الطبري في تفسيره ج27 ص17 - بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يدخله كل يوم ألف ملك ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة - الدر المنثور ج6 ص117 .
مما مضى يتبين إختلاف الروايات في مكان البيت المعمور ومحله في السماء :
فمنهم من قال هو في - السماء الدنيا - ، ومنهم من قال هو في السماء الرابعة ، ومنهم من قال هو في السماء السادسة ، ومنهم من قال إنه في السماء السابعة ، ومنهم من قال هو فوق السماء السابعة وتحت العرش . - أنظر تفسير القرطبي ج17 ص60 ، وتفسير الجلالين تفسير سورة الطور .
ويمكننا تلخيص أقوالهم عن البيت المعمور الذي في السماء على النحو التالي :
1 - البيت المعمور هو مسجد أُنزل من الجنة إلى الأرض .
2 - وهو لما أُنزل من الجنة إلى الأرض وضع في مكان الكعبة ليكون محلاً للعبادة والزيارة .
3 - وإن نبي الله نوحاً دعا الناس لزيارته ، ولكنهم خالفوه فعمهم الله بالطوفان عقوبة لهم ، وعند ذلك رفعه الله إلى السماء ، ليكون محلاً لعبادة الملائكة .
4 - وإن هذا البيت يُصلي فيه كل يوم سبعون ألف من الملائكة ، وإذا خرجوا منه لا يعودون إليه مرة أخرى .
5 - وإن الذي يُصلي فيه من الملائكة هم - قبيلة أبليس - .
6 - وإن الله يخلق الملائكة من القطرات التي ينتفضها جبرئيل عندما ينغمس في نهر الحيوان الموجود في السماء الرابعة !!! .
7 - والله يخلق كل يوم سبيعن ألف ملك للصلاة في البيت المعمور هذا .
8 - وإن كل واحد من هؤلاء السبعين ألفاً ، إنما يصلون البيت المعمور هذا مرةً واحدةً ثم يولى عليهم أحدهم ، ويؤمر ان يقف بهم من السماء موقفاً يسبحون الله فيه إلى ان تقوم الساعة !!! .
9 - وإن إبراهيم مسند ظهره إلى جدار البيت المعمور الذي في السماء .
10 - وإن محل البيت المعمور هو بحيال الكعبة ، وإنه مكان لعبادة الملائكة كما إن الكعبة مكان لعبادة الناس !! .
11 - وإن محله في السماء هو : إما السماء الدنيا ، أو السماء الثالثة ، أو السماء الرابعة ، أو السماء السادسة أو السماء السابعة ، أو إنه فوق السماء السابعة وتحت العرش !!!!! .
ولعلهم حين قالوا بالسماء مكاناً لهذا البيت إنما أعتمدوا في ذلك على الإعتبارات التالية :
أ - إن السماء بإعتبارها مكاناً علوياً فهي لهذا الإعتبار أفضل من الأرض .
ب - إن زوار البيت المعمور الذي في السماء من الملائكة ، وزوار الكعبة من الناس ، بإعتبار إن الملائكة مخلوقات روحانية معصومة ، وهي ليست كالبشر الذين يعملون السيئات .
ج - كما إن زوار البيت المعمور الذي في السماء هو أكثر بكثير من زوار الكعبة المشرفة ، فحاصل ضرب 70000من الملائكة كل يوم من أيام السنة القمرية البالغة 355 يوماً يكون الناتج 24850000 كل سنة ، وهذا العدد هائل بالقياس إلى زوار وحجاج الكعبة المشرفة في اليوم وفي السنة ..
إذن فالبيت المعمور الذي في السماء هو أفضل من الكعبة بلحاظ هذه المزايا والإعتبارات أعني ، المكان ، والعدد ، والكيف .
وأبوهريرة الدوسي هذا صاحب مقالة إنغماس جبرئيل في نهر الحيوان ، قد أعطى لجبرئيل وظيفة وعملاً يومياً ، هو الإنغماس بهذا النهر والإنتفاض منه وتكوين سبعين ألف ملك كل يوم ، يخلق من كل قطرة ملكاً !!!!! لا زايد ولا ناقص !!!!! هذه المسرحية الفكاهية تنسجم مع طبيعة التكوين الفكري لأبي هريرة ، وهي طبيعة بدائية وسطحية وكانت تستخدم وتوظف من قبل الجهاز الحكومي آنئذاك ، من أجل تعميم الخرافة والجهل ، وهذا كما أعتقد هدف مقصود بذاته من قبل الحكام ، فأبوهريره كان يحظى بمكانة متميزة في المملكة الأموية والحزب الأموي الذي تصدى للترويج لأفكار وروايات أبوهريره التي أصبحت مقدسة وغير قابلة للطعن ، بحجة واهية مفادها إنه صحابي وقد ورد خبر كاذب منسوب للرسول يقول فيه بعدالة الصحابة....
نعم إن هذه الموجة الفكرية سادت بقوة السلطان والمال ، وهي جارية إلى يومنا هذا تعززها نفس القوى وتدعمها ، وهذا ما جعل شخص بقيمة الطبري الإتكاء على مرويات من هذا القبيل من دون مناقشة لها ، وطبيعي يكون ذلك من الطبري ، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ماكان يمكن ان يواجهه الطبري فيما لو خالف أبوهريره ، فإنه حتماً سيقال إنه خالف صحابي ومخالفة الصحابي مخالفة لله ورسوله ، وأنا أعرف حجم الضرر الذي سيحل به ، لذلك آثر السكوت وإعتمد على روايات أقل مايقال فيها إنها زائفة ، ولقد حدثنا التاريخ عن رجال تمسكوا بالحق مخالفين إرادة السلطان ، وماتعرضوا له في سبيل ذلك ، روى السيوطي في تاريخ الخلفاء ص111 قال : - قال أبو معاوية الضرير ، حدثت الرشيد ذات يوم ، قلت له : أحتج آدم على موسى !! وكان في حضرة الرشيد رجل من وجوه قريش ، فأعترض عليّ قائلاً : وأين لقي آدم موسى ؟ فغضب الرشيد على القرشي ، غضباً كاد يودي به ، ...
لاحظوا كيف إن كبيراً من وجوه قريش يتعرض للطعن والتنكيل وكاد يقتله الرشيد ، لا لشيء إلاّ لمجرد إستنكاره وإعتراضه على مقالة أبو معاوية الضرير ، والتي نسب فيها قولاً كاذباً للرسول محمد !!!! ، إذن وضمن هذه الحالة من اللاعقل وردت روايات وأكاذيب نُسبت للرسول محمد على لسان بعض الصحابة المقربين للخلفاء والحكام .
نعم إن ماقاله - أبو هريرة – في شأن البيت المعمور الذي في السماء ، أنتشر في المراكز والمعاهد الدينية بقوة السلطان كما قلنا ، وهذا الإنتشار لم يقتصر على طائفة من القوم بل شمل الجميع ، وهذا مارأيناه مع الطبري ونرآه مع الطبرسي ، فهذا الأخير أعتمد في تفسيره لسورة الطور على ماأسسه وأنتجه أبوهريرة في هذا المجال ، ومما يثير الدهشة إن الطبرسي كدأب الطبري لم يناقش هذه الروايات ولم يقف عندها لا من جهة الدلالة ولا من جهة السند الروائي !!!
ويجب القول إن الواقع الموضوعي الإجتماعي والسياسي يؤثر جدلاً في صناعة الفكر الثقافي والإنتاج المعرفي ، خاصةً مع تدخل القوى السياسية في صناعة الفكر والثقافة ، وهذا يجري في الوسط الإسلامي على نحو واضح في القديم وفي الجديد ، وطبيعي يؤثر هذا على طريقة النقد والتحليل ، ونظرة متأملة فاحصة في مجمل الروايات التي جاءت في معنى - البيت المعمور - يتضح لنا من مجملها إنها تفتقد للمعايير وللقواعد العلمية التي تضبط النص ، فمن جهة تفتقد هذه الروايات للسند الروائي الصحيح ، ومن جهة ثانية مضمون ومعنى هذه الروايات لا يعتد به لأنه مخالف لما ورد في الكتاب المجيد ، ونسبت هذه الروايات إلى الرسول محمد لايجعل منها صحيحة أو معتبرة لمجرد النسبة ، وحتى لو تنزلنا وقلنا بالإحتياط فإن هذه الروايات لا تفيد غير الشك ، والشك كما هو معلوم في هذه المسائل لا يغني عن الحق ، ومن هنا نقول : إن تلك الروايات وأمثالها هي من نتاج خيال عقل بعض الصحابة وبعض التابعين ، ذلك العقل البعيد عن جو الإحتياط والخشية ومايقتضيهما ...
ثمة أمر أخر يجب التنويه والتذكير به ، هو جهل بعض الصحابة وبعض التابعين مما أدى ذلك لإرتكاب أخطاء فادحة في هذا المضمون وفي غيره ، لنأخذ مثالاً : - هذا سهل بن سعد الصحابي ، كان يقول : لما نزل قوله تعالى [ كلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ] قال : كان رجال من الصحابة إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه - بالخيط الأبيض والخيط الأسود - فلايزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما ، قال : فأنزل الله بعد - من الفجر - فعلموا إنما يعني الليل والنهار !!!!! - الدر المنثور ج1 ص199 .
إذن فالجهل كان متفشياً بين أوساط بعض الصحابة ، وهذا الجهل أثر على ثقافة المسلم وإنتاجه ، والغريب إن السلطات الحاكمة عادة ما تقف مع هذا التخلف وتعضده وتضيف إلى ذلك أقوال تنسبها إلى الرسول زيادة في التجهيل !!!
ونتيجة لهذا الزيف الثقافي والفكري ، حدث التناقض في تفسير وتحليل مفهوم - النزول القرآني - الكيفية والطريقية ، ونحن سنناقش هذا في التفصيل مع الحلقة القادمة ...
آية الله الشيخ الركابي