نهنئ أحبتنا وأشقاءنا في العراق بفوز منتخبهم بكأس آسيا. نعبر عن سعادتنا الغامرة لسعادتهم. ورغم معرفتنا أن الأمر ينحصر في فوز كروي، لكن أمراً مهماً هو أن الشعب المثقلة بلاده بالحرب والاحتلال والتفجيرات والخراب العام الذي فاقمه الاحتلال،
برهن انه قادر، من وسط كل هذا الخراب، على أن يحرز نصراً، حتى لو كان ذا طبيعة معنوية.
يحتاج العراقيون لمثل هذا النصر المعنوي، ليس لأنهم عاجزون عن تحقيق نجاحات أخرى، وإنما لأن حجم المحنة التي تمر بها بلادهم يجعل من هذا النصر بشارة أمل، تذكر العراقيين بوحدتهم، وبأن العراق الواحد الممتد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً هو عراق واحد، رغم مكائد السياسة وعبثها، ورغم مساعي المحتل ومن معه ليجعلوا من هذا العراق “عراقات” كثيرة مقسمة على الطوائف والمذاهب والاثنيات وربما حتى على العشائر.
فقد العراقيون طويلاً مذاق الفرح، وهذا البلد العظيم الذي أعطى العالم منذ فجر التاريخ الشرائع، ومنه انطلقت الحضارة العربية الإسلامية حاملة للعالم مشاعل النور والتقدم والحكمة، بات ساحة مستباحة من المحتلين وعصابات الإرهاب وأمراء الطوائف.
يهفو العراقيون للفرح، سواء كانوا داخل البلاد المزنرة بدبابات المحتلين، أو خارج البلاد حيث ضاقت بهم الأرض على ما وسعت. لذا بوسعنا أن نحس بمقدار فرحهم وهم يرون منتخبهم الوطني متوجاً بطلاً على آسيا.
فرحنا لفرح العراقيين لا يوصف، فأعراس النصر الكروي العراقي في أرجاء بلاد العرب بدت استفتاء على مشاعرنا جميعا تجاه العراق والعراقيين الذين نرجو أن يجتازوا المحنة التي تعيق العراق من أن يعود عامل قوة وعزة وكرامة لأبنائه وللعرب أجمعين.
رجاؤنا أن تنجلي عن العراق غمة الاحتلال البغيض، وتصفى آثار الديكتاتورية والعسف والعنف والقسوة، التي لا يستقيم وجودها في بلد مهيأ لأن يدهش العالم بما يملك من موقع حيوي ومن ثروات ومن عقول مبدعة معطاء.
رجاؤنا أن ينهض العراق من محنته ويتعافى من جراحه، ويعود إلينا شامخاً، أبياً، موحداً، قوياً نحن الذين اعتدناه يشد أزرنا عند الملمات، وأن تعود البسمة على شفاه أبنائه وبناته، والبهجة والأمل إلى قلوبهم.