استنكف من حبوبتي (جدتي) ادخال كرة القدم في الصلاة، تدعو في خاتمة صلاة الفجر ان ينصر الله الزمالك علي الاهلي، حتي لو كان الزمالك سيلاعب الاسماعيلي بعد الظهر،
لا تعرف من اين استمدت تلك العجوز العتيدة عقيدتها الكروية المكينة، خشيت ان اطلب منها ان تدعو للعراق بالفوز في النهائي الآسيوي ـ الليلة ـ حتما سترفض، ستدعو للزمالك بالفوز علي الاهلي.
من كل قلبي، يا رب العراق يكسب، ليس (كراهية) في السعودية ففيها ما يهفو اليه فؤادي، عـــــرفت الهوي مذ عرفت هواك، ولكن (حبا) فـــــي العراق، هذه المرة فقط يكسب العراق، والجايات اكثر من الرايحات، دولاب بطولات الاخضر السعودي عامر بالبطولات.
مقاهي بغداد وعمان والقاهرة وضواحيها العراقية (مدينة 6 اكتوبر) افتتحت علي النهائي، رفعت الاعلام العراقية في الشرفات، غني العراقيون مع كاظم، سحر كرة القدم سيلف العراقيين، برداء السلام، لا اتصور مسلحا عنده قلب يقتل فرحة العراقيين الليلة، آه لو كسب العراق.
في مباراة الدور قبل النهائي خلع هوار ملا محمد قلوب العراقيين قاطبة، عندما اصطدمت كرة الخلاص، التي سددها بالقائم وتكفل بابعادها المدافع الكوري الجنوبي.. هوار من مواليد 21 ايلول (سبتمبر) 1981 في الموصل بالعراق، وهو لاعب كرة قدم عراقي من اصل كردي، يلعب حاليا مع نادي ابولون ليماسول القبرصي.
لم يلعن عراقي سني هوية هوار الطائفية، لم يلعن عراقي شيعي الكرد وابو الكرد الذين انجبوا هوار ليضيع كرة النهائي، لم يلق كابتن كركوك يونس محمود باللائمة علي الكردي هوار، احتضنه علي امل التعويض، وقد كان بركلات الترجيح.
المسلحون الذين اغتالوا (خال) هوار قبل البطولة كادوا يبعدونه عن النهائيات، طاشت رصاصاتهم كثيرا، لعب هوار وابدع.
كان المشهد بانورامياً بامتياز طوال فترات المباراة، تسمّر العراقيون امام شاشات التلفزيون، وانحبست انفاسهم طوال 021 دقيقة، عاشوا فيها علي اعصابهم، وتفاعلوا مع كل كرة، وابتهلوا الي السماء، ولم يتركوا دعاء الا وقرأوه، لعل دعاء آلاف ـ لا بل ملايين ـ العراقيين والعرب يستجاب الليلة.
نفسي العراقيون يفرحوا مرة، يغنوا مرة، يبلوا شربات احمـــــر بدلا من سفك الدماء الحــــمراء، يطلقون نارا في الهواء (احتفالا)، بدلا من تفخيخ البشر (اغتيالا)، يمكن فرحة الفوز تطهرهم من الثأرية والاحقاد والسواد، تلون ليــــاليهم، يسهرون، يخرقون حظر التجوال الذي فرضته عليهم طيور الظلام.
صرت حتي اخشيي فوز العراق خشيتي من هزيمته، الاحتفالات التي اعقبت مباراة العراق وفيتنام في الدور ربع النهائي اســـــفرت عن سقوط اكثر من 81 شخصا بين قتيل وجريح، وفي نصف النهائي اغتال السفاحون 15 عراقيا وجرحوا 51 آخرين في تفجيرين انتحاريين في المنصور والغدير من احياء بغداد المنكوبة، حتي الاحتفالات كالقطارات تدهس الفرحة.