سنناقش هنا الموضوع من وجهة نظر إيبستيمولوجية خالصة تمكننا من التعرف على معنى الدين الذي يرفض الإكراه سواء أكان هذا الرفض في - الأين اوفي الذات -
والمشروع كله خيار قرآني بل هو منهج عقدي ومنظومة قيم فكرية تستهدف تحرير عقل الإنسان وخلق مناخ تحرري يستطيع معه الإنسان من صناعة نفسه ليكون بذلك قادراًعلى تحمل تبعات فعله وقادراً على مواجهة قدره . إذن فالمشروع القرآني يكرس مفهوم الحرية ويلغي فكرة الهيمنة والأستبداد , ولم يكن ذلك من قبيل الأرشاد إلى أهمية الحرية في مجال أحكام الدين . كما يفسر ذلك فقهاء مسلمون بل كان تعزيز لفكرة ومفهوم ( ولقد كرمنا بني أدم ) وهو تكريم أنطولوجي بمعايير تتجدد وفق آليات الزمان والمكان التي يحكمها القانون السنني التأريخي والطبيعي . وهنا ثمة إجراء لجعل مفهوم الحرية في الفكر قيمة منفصلة ومستقلة بذاتها . ونعني بالأنفصال والأستقلال هو الجانب الموضوعي فيها وهو الذي يجعل من قواعدها في باب السلوك مصادر لأنتاج المعرفة . ولأننا في سياق حركة تعليل المفهوم نجد في ذلك دعوة للخروج من خزان اللاوعي التأريخي , الذي يحدد مستقبلنا كما نشاهد في الصراع الطائفي الذي يتحرك في الساحة الرسمية والساحة الشعبية , طبعاً هذا الصراع هو نتاج للوعي التأريخي وللتراكم الذي هو بالأساس تراكم للاستبداد وللظلم الذي ألغى مفهوم الحوار في منظومة القيم وفي الجوانب العقدية والسلوكية , بذلك نفهم طبيعة - لا - الناهية التي تمنع تقسيم الآدميين إلى معسكرين , وتضييق هذا التقسيم في ظل الأحتباس السياسي الذي هو نتيجة منطقية , لسيادة النظم الشمولية وعلى مساحة واسعة من فكرنا التأريخي والحديث الإكراه مع لا الناهية موضوع للتربية والتعليم في كيفية الحكم على الأشياء من دون نوايا مسبقة . وإضافة الدين في الخطاب إعلان من إجل نبذ التقديس والإنجرار وراء أهل الطوائف من دون وجة علم , كما إنه تدريب سلوكي على قمع - الأنا الذاتي - التي تحتكر المعرفة وتحتكر العلم وتدّعي نيابتها عن الله من دون الخلق نافية روح الأستخلاف التي جعلها الله للناس كافة , ولم تترك هذه الرسالة بل عززها الله بسلة من البيانات التي ترجح الحرية في السلوك والإعتقاد . ولاضير من ملاحظة بعض ما جاء في الأثر تدعيماً لذلك , إذن فالحرية هي المناط الذي يرسم خارطة الطريق للإنسان , ولا يجوز تقييدها في نوع الأستنتاج الذي يحصل لدى البعض فيغلب على من سواه لأن ذلك ضد الحرية , والمدارس الدينية تلغي مفهوم الحرية بحجة الرشد الذي بلغته وبالتالي فهي متحررة في الأطار الذي تعتقد به أو هونهاية ما توصلت إليه . هنا تحدد المدارس الدينية أطار الحرية وتلغي المنافس لها وتعتبر الألغاء هو الرشد الذي يعنيه سياق الذيل . كما يقولون مسقطين ذلك على رؤيتهم لمن بدل دينه أو لمن أنتقل من مذهب إلى أخر في نفس الدين فيحكمون بقتل ذلك المرتد . مع إنه قام بعمل فكري محض لا علاقة له بالحرابة والتآمر . مفهوم الحرية عند الجماعة المسلمة قد صودر بالفعل يوم هيمن معاوية بحركة إنقلابية وتمرد , جر لاحقاً إلى ما نحن عليه في الأمصار المسلمة من قتل وتشويه وخوض في دماء لن ولم تنتهي طالما فقدنا المعنى القيمي والروحي للحرية في سياق لا إ كراه في الدين ...!