أوشكت مظاهرات تشرين والانتفاضة الشبابية الباسلة التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي إن تكمل شـهرها الرابع وهي تزداد روعة وبهاء رغم تضحياتها الجسيمة حيث تجاوز عدد الشهداء الستين بطلا وبلغ عدد ألجرحى والمعاقين أكثر من 25 ألف في حين يتواصل مسلسل القتل والاختطاف والتعذيب والاغتيال من قبل أجهزة الحكومة المستقيلة ومليشياتها القذرة لتتوج جرائمها بحرق خيم مظاهرات أبناء الناصرية الأشاوس مساء الأحد صباح الاثنين وبعملية جبانة جرى التمهيد لها من قبل الأجهزة الأمنية وكذلك بقطع التيار الكهربائي وقت تنفيذ الجريمة والتي أدت إلى سقوط شهيدين و25 جريحا .
لقد كانت محافظة ذي ومدينة الناصرية في مقدمة المحافظات المنتفضة منذ الأول من أكتوبر وتعرضت الشهر الماضي إلى مجزرة دموية بشعة سقط فيها خلال يومين أكثر من أربعين شهيدا على يد المجرم جميل الشمري الذي لا زال يحمل رتبته العسكرية بدل إن ينال عقوبة الإعدام رميا بالرصاص إن كانت هناك عدالة أو إي تحقيق في مسلسل الجرائم التي تحاول الحكومة عن غباء مكشوف تحميلها لطرف ثالث مجهول .
حاولت الأحزاب الطائفية الفئوية الضحك على ذقون أبناء الشعب في الانتخابات الماضية عبر ارتداء ثوب ورفع شعارات ووعود براقة كاذبة وادعاء المدنية ولكن سرعان ما انكشف زيفها سواء عبر تزوير الانتخابات والفشل في تشكيل الحكومة لفترة ستة أشهر ولم تتمكن في تقديم أي انجاز يذكر بل ازداد الفساد وتعمقت الطائفية والمحاصصة وتفاقمت معاناة مختلف فئات الشعب وخاصة ملايين الشباب العاطلين الذين يعانون الأمرين ولم يعد لديهم إي أمل أو ثقة بهذه الحكومات الفاشلة المتعاقبة مما أدى إلى اشتعال الغضب في هبة جماهيرية سلمية عارمة حيرت الأحزاب الحاكمة وأفقدتها توازنها وأخذت تتخبط دون أن تجد لها مخرجا .
تعول السلطة الغاشمة والأحزاب الحاكمة على عامل الزمن والاعتماد على أجهزتها القمعية ومليشياتها المجرمة في مواصلة سياسة القتل والادعاء بان هناك "طرفا ثالثا " يقوم بها ولكن سرعان ما انكشف زيف هذا الادعاء ليظهر أن هذا الطرف ما هو إلا الأذرع المسلحة للأحزاب السلطوية الفاشلة الحاكمة ويعرفها شباينا المتظاهر بأسمائها ومسمياتها ولقد أثبتت تجربة الأشهر الماضية إن مواصلة سياسة القتل الدموية تزيد من زخم وعنفوان الثورة كما أن الفتل الممنهج أوضح بان هذه الجرائم البشعة تجري وفق مخطط مدروس يتحمل المجرم رئيس الوزراء مسئوليتها المباشرة بصفته القائد العام للفوات المسلحة وهذا ما تم تأكيده مؤخرا من قبل أصوات ارتفعت أخيرا من داخل القوى المشاركة في سلطة ما بعد 2003 لتؤكد إن أوامر القمع والقتل تصدر من مكتب رئيس الوزراء .
من الملاحظ إن إيران تحاول زج العراق في معركتها مع أمريكا عبر تحريك أزلامها للقيام بإعمال استفزازية ضد السفارة والقواعد الأمريكية في العراق وهي أعمال لا توجد مصلحة وطنية للعراق فيها بل إن الهدف الرئيسي من إثارتها هو لحرف الأنظار عن المعركة الحقيقية بين الشعب العراقي وثورته السلمية ضد الأحزاب الطاغية الحاكمة التي تستخدم نفس أساليب نظام صدام البائد بقمع الشعب.
لايمكن تصديق تبريرات الحديث عن سيادة العراف المنتهكة من قبل الأمريكان فقط إذ كيف يمكن أن ننسى بان الطبقة الحاكمة الحالية قد نصبت من قبل الأمريكان بعد غزو العراق عام 2003 كما لم بفقد العراق سيادته اليوم أو البارحة بل هي منتهكة منذ الاحتلال الأمريكي وحتى قبله فكفى ضحكا على الذقون بالتباكي على انتهاك سيادة مخترقة من إطراف كثيرة في مقدمتها إيران وأمريكا وتركيا بل وحتى دول مثل السعودية والكويت وقطر لا تحترم سيادتنا بل تتدخل بشئونه بإشكال وأساليب شتى وان السؤال هو من يتحمل مسؤولية ضعف الدولة العراقية وأجهزتها وكيف تتخاذل الأحزاب الحاكمة أمام الدول الأخرى عالميا وإقليميا في وقت تستعمل أبشع أساليب القتل والقمع تجاه أبناء شعبنا وكيف تمادت وتوغلت في طريق دموي مجرم منذ الأول من تشرين الأول يفوق ما اقترفته سابقا من قتل وترويع .
تعجز أحزاب الطغمة الفاسدة الحاكمة عن إدراك أن ثورة شباب العراق السلمية تستهدف فتح أفاق واعدة جيدة تخلص العراق من حكم المحاصصة الطائفي وتقدم المجرمين الذين أوغلوا بدماء الشعب لمحاكما علنية عادلة وتضع العراق على عتبة النهوض من جديد بعد أن خسر 17 عاما أضيفت لسنوات الخراب السابقة ونجحت الأحزاب الخائبة الحاكمة في إرجاع عجلة التقدم للوراء لعقود .
تزداد عزلة السلطة الغاشمة الحاكمة يوما بعد يوم وبعد جرائمها في ذي قـار أدانت 16 دولة برزة بينها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا " الاستخدام المفرط والمميت للقوه من قبل قوات الأمن العراقية والفصائل المسلحة ضد المتظاهرين المسالمين في بغداد والناصرية والبصرة " ليضاف ذلك إلى العشرات من بيانات الإدانة السابقة من منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ولاشك إن الدعم الاممي لانتفاضة العراقيين عامل هام وضروري يساعد على قرب انتصار الشعب وسيكون مصير الأحزاب الاسلاموية الطائفية الفاسدة في مزبلة التاريخ .
محمد الموسوي