اصوات في الخليج العربي وتدعو الى عدم الاصغاء الى غوغائية دونالد ترامب. هذه الاصوات تستهجن «الترحيب الحار» من بعض الكتاب المقربين من اهل السلطة في احدى الدول العربية باستراتيجية قرع الطبول، مرة اخرى واخرى، في الشرق الاوسط...
بين هؤلاء مفكرون، وديبلوماسيون سابقون، ويعتبرون ان الانضواء في تلك الاستراتيجية يعني الانتحار ما دام الرئيس الاميركي يبدو كما لو انه يرقص على سطح القمر (حالة انعدام الوزن)، بحسب الباحث الفرنسي اوليفيه روا...
وكلام عن تواصل جرى بين عاصمة عربية والبيت الابيض جاء فيه ان هذه الدولة مستعدة لحمل فصائل اساسية في المعارضة السورية على التفاهم مع النظام اذا كانت واشنطن ترى ذلك ضرورياً، كاجراء تكتيكي، شرط اجتثاث ايران و«حزب الله» من الارض السورية بحيث لا يبقى لهما من اثر هناك. تأكيد حول عرض مبالغ هائلة لتنفيذ هذه الصفقة.
الكلام اياه يشير الى ان ترامب يمضي في هذا الاتجاه، وانه سيبعث بـ«فريق عمل» الى انقرة للالتقاء برجب طيب اردوغان للبحث معه في تفاصيل المسألة.
وتبعا لما تقوله مصادر خليجية، اكد ترامب التخلي عن «السياسات المائعة» التي اعتمدتها ادارة باراك اوباما، حيال «التغلغل الايراني في اليمن». بالتالي تمكين قوات التحالف من الدخول الى تعز، ثم الى صنعاء اذا ما بقي الحوثيون على اصرارهم مواصلة القتال.
عراقياً، تعهد من الرئيس الاميركي بانه لن يدع هذا البلد، في حال من الاحوال، في قبضة الايرانيين، مع حديث مبدئي (ومشوش) بان فريق ترامب، في مجلس الامن القومي، والبنتاغون ينكب الان على دراسة، وتقييم، الاوضاع كافة في الشرق الاوسط، بما في ذلك العراق، وستكون هناك سياسات اكثر وضوحاً وفاعلية بالطريقة التي تعيد هندسة التوازنات في المنطقة...
ماذا يقول الروس في هذه الحال؟ حتى الان لم تحدث اي اتصالات حول اي مسألة بين الكرملين والبيت الابيض. لا يزال الوقت مبكراً للجلوس الى الطاولة، وان كان ترامب، بشخصيته الاستعراضية، يفضل الان ان يكون كل الضوء مسلطاً عليه، بطريقة «وان مان شو» (One man show).
والذي يلفت الروس ويجعلهم يتوجسون من مسار العلاقات الاميركية - الروسية، المنحى الارتجالي، وحتى العشوائي، الذي يحكم الادارة الآن، ترامب خالف كل الرؤساء الاميركيين، لا سيما الكبار منهم، الذين ما ان تسلموا مقاليد السلطة حتى عقدوا جلسات عميقة ومعمقة، فضلاً عن كونها متلاحقة ومكثفة، من اجل بلورة السياسات والاستراتيجيات في ضوء المعطيات التي باتت بين ايديهم...
حتى الآن دونالد ترامب هو الذي يفكر، وهو الذي يوقع، ما دام كبير مستشاريه ستيف بانون يجلس القرفصاء في رأسه، وربما وهو ينتعل حذاءه، حتى ان سيرغي لافروف تريث في الاتصال بريكس تيلرسون لتهنئته بالمنصب ريثما يعرف وزير الخارجية الجديد اين يضع رأسه (او قدميه) بين بانون وصهر الرئيس جاريد كوشنر.
ويقول الروس انهم كانوا يتوقعون كل المفاجآت من ترامب، ولكن ليس الى الحد الذي يجعله يقفز بهلوانياً فوق كل الحقائق، والوقائع، والمصالح الدولية، في الشرق الاوسط، وسواء كانت المصالح الجيوستراتيجية ام المصالح الجيوسياسية.
من بعيد بعث لافروف باشارات حول جاهزية بلاده للتعاون مع واشنطن. حتى الان لا خطوات اميركية تنبئ بأن دونالد ترامب في الطريق الى الشراكة مع الكرملين في ارساء قواعد جديدة ان للعلاقات بين البلدين او للمسار الذي تأخذه الكرة الارضية.
ديبلوماسي روسي في دمشق لاحظ ان ترامب لا يفقه حتى الان ان روسيا ذهبت الى سوريا، بكل قوتها، وتعاونت مع ايران، من اجل الحفاظ على امنها الاستراتيجي.
الديبلوماسي لاحظ ساخراً ان ثرفانتس الاسباني حين استنبط شخصية دونكيشوت لم يتصور ابداً ان بطله سيدخل، ذات يوم الى البيت الابيض....