لا أملك محلا لبيع الخمور , ولست من مستورديه إلى العراق , ولا أنا من معاقري الخمرة ولله الحمد , حتى لا يكون هذا المقال ذريعة للبعض لمهاجمتي بدعوى الترويج للخمور , فالعراق ليس أفغانستان وبغداد ليست قندهار , والذي يحظر استيراد وتصنيع وبيع الخمور , عليه أولا أن يثبت للشعب العراقي أنّ يداه نظيفة من سرقة المال العام , وإنّه لم يثري على حساب الشعب , ولم يستغل موقعه الوظيفي لصالح عائلته وحزبه , وشارب الخمر عندي أشرف من ألف مصلي سارق للمال العام ومتعاط للرشوة , ومحل لبيع الخمر لأطهر من ألف مسجد تصنّع فيه المفخخات والأحزمة الناسفة التي تفتك بأرواح الناس في الشوارع , والعراق بلد ليس للمسلمين فقط , بل هو للمسيحيين والصابئة والأيزيديين واللا دينيين , والنظام السياسي القائم في العراق ليس نظاما إسلاميا ليمنع فيه استيراد وتصنيع وبيع الخمور , ودستور العراق دستورا مدنيا ضمن الحقوق والحريات الشخصية لعموم العراقيين .
فما علاقة قانون واردات البلديات لتحشر فيه في آخر لحظة المادة 14 التي تضمّنت حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها ؟ ولماذا تعمّد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري عدم قراءة هذه الفقرة بالرغم من مطالبة بعض النوّاب بقراءتها ؟ وهل يعلم رئيس مجلس النوّاب ورجل القانون أن هذه المادة مخالفة للفقرة ج من المادة الثانية من الدستور العراقي والفقرة أولا من المادة 17 من الدستور ؟ وهل راعا سيادته دستور العراق الذي أقسم عليه في صيانة الحريات العامة والخاصة ؟ أم أنّ اصوله الإخوانية منعته وتغلّبت على قسمه ؟ .
إنّ تشريع هذا القانون المخالف للدستور والمخالف للحقوق والحريات الشخصية , قد اثبت أنّ أحزاب الإسلام السياسي غير مؤهلة لبناء الدولة المدنية التي تضمن الحقوق والحريات العامة والخاصة , وأنّ من شأن هذا القانون الغبي أن يشيع وينعش تجارة الحشيش والمخدرات , والدولة التي لا تستطيع أن تمنع دخول الإرهابيين إلى البلد , من المؤكد أنّها لا تستطيع أن تمنع تجار المخدرات من إدخال المخدرات إلى العراق , لأنه لا يوجد بلد في العالم منعت فيه الخمور لا يتعاطى سكانه شرب الخمور والمخدرات , وهذا القانون الغبي سيجعل من العراق ممرا وسوقا دولية لتجارة المخدرات , وكما يقول المثل الشعبي ( راد يكحلها عماها ) , ومن أجل صيانة الحريات العامة والخاصة وبناء الدولة المدنية في العراق , أناشد منظمات المجتمع المدني بتقديم الشكاوى لدى المحكمة الاتحادية العليا لنقض هذا القانون المخالف للدستور , وعدم الاستكانة والرضوخ لأعداء الدولة المدنية وأعداء الحريات الشخصية من أحزاب الإسلام السياسي .