العرب لا ينامون عادة الا على الكتف الاميركي. بيان قمة نواكشوط حمل بنداً وحيداً «انتظار الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة». كل البنود الاخرى، وكما قال عضو في وفد عربي لـ«الديار» تركت لتأكلها الابل في ضواحي العاصمة الموريتانية.
سواء وصلت هيلاري كلينتون ام دونالد ترامب الى البيت الابيض، من يستطيع اقفال كل تلك الازمات التي تشق الطريق امام ازمات اخرى. فلاديمير بوتين نصح قادة خليجيين بالتنبه الى ما ستحمله الرياح المقبلة. ثمة من اخذ بالنصيحة واستكان، وثمة من يصر على الذهاب بالصراع الى نهايته حتى ولو لم يبق حجر على حجر.
اكثر من ذلك، وكما يكشف مصدر خليجي رفيع المستوى، فان الرئيس الروسي تعهد بالا يكون لطهران اي دور في تقرير مصير سوريا، تماما كما لا يكون لانقرة ايضاً اي دور في تقرير مصير سوريا الذي بات مرتبطاً بما يتقرر على مستوى الدول الكبرى حول قواعد النظام العالمي الجديد والذي يشمل، بطبيعة الحال، قواعد النظام الاقليمي الجديد...
الكلام الروسي ترك اثره في اكثر من عاصمة عربية، وتشديد على عدم الرهان العبثي على الانتقال من ادارة الى اخرى في الولايات المتحدة، لا كلينتون ولا ترامب سيحسمان عسكرياً في سوريا، هناك خطوط حمراء، وهناك توافق على عدم تسليم دمشق الى جماعات الاسلام السياسي لان القناعة الروسية هي ان كل اسلام سياسي هو اسلام متطرف...
الاعتدال حالة تكتيكية لا اكثر ولا اقل، وما دام الموقف السياسي يبنى على قاعدة ايديولوجية، هذا يعني الاندفاع نحو الحدود القصوى، الروس يقولون ان كل الافرقاء السوريين في مأزق. والرهان على «جبهة النصرة» هو رهان احمق، ولن يقبل به الكرملين حتى ولو اضطر الى ارسال مائة الف جندي الى سوريا، الاميركيون تراجعوا، واتفاق بين جون كيري وسيرغي لافروف سيرى النور بعد ايام.
لم يكن منتظراً من القمة ان تقول اكثر مما قالت، والمصدر اياه يقول ان السبب الذي جعل الصقور داخل القمة لا يضغطون من اجل «قرارات حامية» هو الوضع التركي الذي اثر كثيرا في الضغط او حتى في التوجهات نحو الملف السوري. الكل الآن في حالة ذهول حيال ما يجري وحيال ما يمكن ان يجري لان الاوساط الديبلوماسية الغربية تجمع على القول ان ما يحدث حالياً ليس سوى... البدايات.
احد اعضاء الوفد المصري قال ان ما حدث في تركيا انقذ المنطقة من مخططات رهيبة، بعضها يتعلق بتنفيذ اغتيالات حساسة للغاية وهدفها اثارة الفوضى في بلدان معينة، ولاسباب تتعلق باستراتيجية انقرة لاعادة حكم السلطنة في بعض الدول العربية...
من كلام مصري في نواكشوط عن محاولة اغتيال الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن جهة اعلامية في القاهرة قالت لـ«الديار» ان الاستخبارات التركية كانت ضالعة في سيناريو الاغتيال الذي كان بادارة حقان فيدان..
وتبعاً للمعلومات، فان فرقة من «الاخوان المسلمين» جرى تدريبها على الاراضي التركية لتنفيذ عملية اغتيال، كما ان الاستخبارات التركية هي التي وفرت كل الخدمات اللوجستية اللازمة للمنفذين، وتردد انهم سجلوا في عداد مهندسي وتقنيي شركة تعمل في مشاريع محددة في نواكشوط، ودون استبعاد ان تكون الشركة نفسها هي من «اعدّ خيمة القمة».
واللافت هنا ما تقوله الجهة الاعلامية القريبة من النظام في مصر من ان الخطة التي وضعها رجب طيب اردوغان، قبل محاولة الانقلاب، وهي لا تزال قابلة للتنفيذ تقضي بتكثيف دعم «الاخوان المسلمين» في لبنان بكل الوسائل الممكنة ليشكلوا قوة ضاربة على الارض.
ولا يعرف ما اذا كان المقصود بهذا الكلام «الجماعة الاسلامية» التي هي الجناح اللبناني في التنظيم العالمي لـ«الاخوان المسلمين» وان كان معروفاً ان الجماعة تميل الى الاعتدال «لكن التشابكات الاقليمية، كما على مستوى الداخل اللبناني، تجعل الامور كلها قابلة للتحقيق وللتصديق».
الرئيس تمام سلام، اطلق صرخة امام اهل القمة وعادت مصادره تقول ان الوضع العربي الراهن صعب ومعقد، ولا يبدو ان الاشهر المقبلة ستشهد جديداً، كما ان الحديث في المساعدات المالية لا مكان له الآن ما دام احد لا يعلم على اي اسس ستستقر الامور، هذا اذا استقرت.
المصادر تضيف ان الدول العربية تتابع ما يجري بين واشنطن وموسكو على صعيد الازمة السورية التي هي «ام الازمات»، وان كانت القناعة العامة بان المئة يوم التي تفصل عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هي ايام ضائعة، ولا مجال خلالها لاي جراحة ديبلوماسية يمكن ان تغيّر في المشهد العام، او في المشاهد الجانبية في المنطقة.
في كل الاحوال، المسؤولون اللبنانيون ابدوا ارتياحهم لان لبنان «نجا» من القمة التي كانت قراراتها باهتة، الى حد قول احد وزراء الخارجية «لكأننا كنا في حضرة بديع الزمان الهمذاني»، ولم يعرف حتى الآن ما هو رأي الوزير رشيد درباس الذي كان الوزير الوحيد في حاشية رئيس الحكومة. هل ينظم قصيدة في رثاء العرب؟حول الارهاب، مكافحته «ايا كانت صوره» انتهى الامر...
لا رهان على اي حلحلة في وضع النازحين، دول عربية تقول همساً ان المسألة تحتاج الى بعض البراغماتية، فالملف يضع لبنان امام مخاطر سياسية واجتماعية وامنية واقتصادية وحتى مخاطر استراتيجية، ولا مجال البتة للتقدم خطوة واحدة نحو الحل بالاعتماد على الكلام الاوروبي، او على المعونات المقننة..
وهنا تكشف «الديار» ان احد الوزراء البعيد عن دمشق اقترح على مرجع كبير عرض المسألة على طاولة الحوار في ثلاثية آب على انها المسألة الاكثر تهديداً للواقع اللبناني وللمصير اللبناني.
ولا يخفى على احدا ن هناك وزراء في تيار المستقبل لا يمانعون مبدئياً في فتح قناة تواصل مع دمشق (في الاطار التقني لا السياسي) من اجل ايجاد حل لخفض عدد النازحين في لبنان...
الوزير درباس رأى «ان اقحام فكرة التواصل مع الحكومة السورية حول ملف النازحين يؤخر الفكرة المطروحة حالياً، وهي اقامة مناطق آمنة للنازحين وقد يحبطها».
الديار