يقدم هوشيار زيباري رؤية مغرقة في السواد، عندما يتحدث عن الاحتمالات التي يمكن ان تقع نتيجة انسحاب اميركي مبكر من العراق: "ان ذلك يمكن ان يؤجج حربا اهلية ويقسّم البلاد ويشعل حروبا اقليمية ويؤدي الى انهيار هيكل الدولة عندنا".
لكن وزير الخارجية العراقي الذي يصور هذه الرؤية المتشائمة، لا يغالي اطلاقا لان من الواضح تماما ان الانسحاب الاميركي على خلفية احداث فراغ في العراق سيؤدي حتما الى وقوع البلاد في حال من الفوضى الدموية والابوكاليبسية التي لن تلبث ان تمتد الى خارج الحدود، حيث تبدو التناقضات المذهبية والتنافس الاقليمي بمثابة هشيم هائل قابل للاشتعال السريع في كل ذلك القوس من الدول الاسلامية الممتدة من موريتانيا الى الجنوب الغربي الى افغانستان الى الشمال الشرقي.
واذا كانت الحشود العسكرية التركية في شمال العراق قد وصلت الى 140 الف جندي، فان المخاوف من تقسيم العراق لم تعد من التحليل او فبركة المخيلات. واذا تذكرنا حركة الامداد الايرانية الناشطة لدعم الشيعة الذين يقاتلون الاميركيين والسنة في العراق، وكذلك حركة الامداد السورية الناشطة اكثر، لدعم السنة والتنظيمات المتشددة التي تقاتل الاميركيين والشيعة، يصبح في الامكان وصف العراق في وضعه الراهن بانه بركان مشتعل لن يلبث ان يقذف بحممه في اتجاهات اقليمية!
❒❒❒
ان التدقيق في ارتفاع حدة الصراع السياسي في واشنطن، حيث تبنّى مجلس النواب الاميركي قرارا ينص على سحب القوات المقاتلة من العراق بحلول شهر نيسان من السنة المقبلة، متجاهلا تهديد جورج بوش باستخدام الفيتو ضد هذا القرار، يكشف ان الانهيارات السياسية داخل الادارة الاميركية بشأن العراق، باتت توازي الانهيارات العسكرية التي واجهتها اميركا في مستنقعات العراق الدامية.
يستطيع جورج بوش ان يستعمل الفيتو ضد هذا القرار، لكنه لن يستطيع وقف وتيرة الانهيار التي اصابت جوهر القرار السياسي في واشنطن، حيث وصل الامر الى حد بروز جماعات متزايدة من "الخوارج" الجمهوريين الذين ينشطون ضد البيت الابيض.
❒❒❒
يتعين على المراقب ان يوسع افق مراقبته للأحداث وللاحتمالات ايضا. ففي باكستان بركان سني يغلي ضد نظام برويز مشرف حليف الاميركيين. وفي افغانستان تسير الامور في اتجاهات عكسية تهدد بنسف نظام حميد قرضاي واعادة بصمات "طالبان" وتشددها السني المعروف.
في طهران يتحسس نظام الملالي التوجس وهو وسط بحر هائل من الاحاسيس السنية الملتهبة التي تنظر الى ايران بكثير من الغيظ، انطلاقا مما يجري ضد السنة في العراق. فاذا اضفنا الى هذا، المسالة النووية المتفاقمة يصبح في الامكان طرح تساؤل بسيط:
هل ان حشد ارمادا اميركية كبرى تتألف من ثلاث حاملات للطائرات امام الشواطئ الايرانية، يشكل مقدمة لتوجيه ضربة الى المنشآت النووية الايرانية وهو ما قد يشعل شريطا واسعا من الاضطرابات الاقليمية، يكون للبنان دور بارز فيه بالتأكيد عبر "حزب الله"، ام انه يشكل اسنادا ضروريا لاي انسحاب سريع من العراق، وهو ما سيفجر البركان العراقي لتصل حممه الى امكنة كثيرة في العالم الاسلامي.
ان الحديث عن هزيمة اميركا وهزيمة المشروع الاميركي في المنطقة ينطوي على كثير من السطحية والغباوة ايضا. ففي نهاية المطاف سيخرج الاميركيون لكن النيران التي ستتأجج قد تحرق اذيال الجميع من دون استثناء.
وفي ظل ما تفرضه مستلزمات الصراع المذهبي الذي ارسته الخطط الاميركية والاسرائيلية ونفخت فيه ايران بكثير من الحماقة والعمى، وتحديدا من منطلق سعيها الى فرض نفسها قوة هيمنة محورية استقطابية على المستوى الاقليمي، اولا انطلاقا من التقدم على طريق امتلاك القدرة النووية، وثانيا تأسيسيا على نجاحها في الحاق هزائم باسرائيل عبر "حزب الله" وجنوب لبنان.
في ظل كل هذا، يمكن فعلا فهم الذعر الذي يرتفع في امكنة كثيرة، وقد وصل الامر ضمنا على الاقل الى حد ان الذين دأبوا على المطالبة دائما بانسحاب الاميركيين من العراق، يقيمون الصلوات سرا كي لا يقع ذلك الفراغ البركاني المتفجر فتشتعل المنطقة مع جلاء الاميركيين عن العراق.
❒❒❒
تقضي الامانة بالقول ان هذا الشريط من الاحتمالات المقلقة جدا، كان دائما في مقدم هموم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي بذل ويبذل جهودا على مدار الساعة، سواء عبر نشاط الديبلوماسية السعودية وسلسلة الاتصالات التي ركزت في شكل اساسي على التعاون مع القيادة الايرانية، لخلق مناخ من العلاقات الاخوية المتعاونة، او عبر المؤتمرات ومنها مؤتمر الدول الاسلامية، ثم القمة العربية في الرياض التي حثتها المملكة على مواجهة مسؤولياتها الاقليمية بما يساعد طبعا على وضع الاطفائيات اللازمة لاي حريق يطول اذيال المنطقة انطلاقا من البركان العراقي.
جاءنا التوضيح الآتي:
"بوكالتنا عن شركة "السلام للتطوير العقاري ش.م.ل."، وجوابا على تصريحات بعض السياسيين في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة حول تملك بعض الاجانب لمئة مليون 100000000 متر مربع في منطقة صنين دون حصولهم على ترخيص من مجلس الوزراء، فاننا نوضح لحضرتكم ان هذه المزاعم هي عارية عن الصحة جملة وتفصيلا، وان شركة السلام للتطوير العقاري ش.م.ل. هي شركة مساهمة عقارية لبنانية مسجلة في السجل التجاري في بيروت تحت الرقم 1000766 تاريخ 17/12/2002 ويملك جميع الحصص فيها (اي مئة في المئة 100%) اشخاص طبيعيون لبنانيون، كما وان نظامها الاساسي يمنع التفرغ عن هذه الحصص الى غير اللبنانيين او الى غير الشركات اللبنانية الصرف".