وعكس التقرير المرفوع، الذي سيبني الكونغرس عليه أحكاماً «مبدئية» حول استراتيجية جورج بوش المعمول بها منذ مطلع العام الحالي، صورة محيّرة مع تعادل الانجازات والخيبات، وتأرجح الموقف الواجب اتخاذه بين «الرضا» و«عدم الرضا». (تفاصيل صفحة 12). وفي تحد لتهديد بوش باستخدام حق النقض (الفيتو)، صادق مجلس النواب الاميركي، بغالبية 223 صوتا في مقابل ,201 على قانون يطالب البنتاغون بسحب القوات الاميركية من العراق بحلول نيسان .2008 من جهته، أعرب بوش عن تفاؤله بالتقرير، معلناً في الوقت ذاته أنه سيرسل وزيرة الخارجية كوندليسا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس إلى المنطقة، لضخ دفقة جديدة من الدعم السياسي لحكومة نوري المالكي. وحذّر الرئيس الأميركي من أن الانسحاب «المتهور» سيشجع إيران وسوريا و«حزب الله»، على المغالاة في نشاطاتهم «ضد الديموقراطية». وإن كان التقرير يلعب دور القاضي والمتهم، حيث تقيّم فيه إدارة بوش نتائج استراتيجية وضعها بنفسه في كانون الثاني الماضي، وتمسك بها بإصرار رغم اعتراض ديموقراطي شرس، إلا أنه لم يتمكن من عدم الإعتراف بفشل حلفاء بوش العراقيين في تحقيق أكثر من نصف الإلتزامات التي تعهدوا بها، تزامناً مع إطلاق استراتيجيته الشهيرة. ويبقى التقرير نهائي، من المنتظر أن ترفعه إلى الكونغرس القيادة الميدانية العسكرية (قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال دايفيد بتراوس) والسياسية (السفير الاميركي في بغداد رايان كوركر) في العراق، بحلول 15 أيلول المقبل، الكلمة الفصل في مشاورات كونغرسية، قد تدعو، تبعاً لقرار كونغرسي حديث، إلى إدخال تعديلات على الاستراتيجة في حال عدم وفائها بأهدافها، وإلا قطع التمويل عنها. وقد أعرب التقرير عن «الرضا» عن إصلاحات تتعلق بمراجعة الدستور، وإجراءات تشكيل الاقاليم شبه المستقلة، ومساندة خطة بغداد الامنية، وحماية حقوق الاقليات السياسية، وجهود إعادة الاعمار. في المقابل، أعرب التقرير عن «عدم الرضا» عن جهود الحكومة العراقية في ما يتعلق بتشريعات اجتثاث البعث، والنفط، ونقل الملف الأمني، والعنف الطائفي، ومشروع انتخابات المحافظات. وذلك فيما اعتبر أن «من المبكر» تقييم مسألتي قانون العفو، ونزع سلاح الميليشيات. وقد خلص التقرير إلى ثمانية «أهداف جوهرية» سيتم التركيز عليها خلال العامين 2007 و,2008 وعلى رأسها مكافحة تنظيم «القاعدة»، والحد من التدخلات الايرانية والسورية، التعجيل في نقل الملف الامني للسلطات العراقية وفي إنجاز المصالحة الوطنية، وتطوير الصادرات النفطية. ولم يغب عن التقرير انتقاد سوريا وإيران، اللتين اتهمهما بـ«الاستمرار في تغذية عدم الاستقرار في العراق». وفي وقت لاحق، وصف البيت الابيض التقرير، في بيان، بأنه «متوازن وواقعي»، مضيفاً أنه «يوثق التحديات التي واجهت القوات الاميركية والعراقية، ويقدم أساساً لقياس التقدم فيما تكاد الخطة الامنية تكتمل». بوش رغم خيبة لا يخلو منها التقرير، جدد بوش، خلال مؤتمر صحافي في البيت الابيض، «ثقته» بالمالكي، داعياً إلى التأني رغم النتائج الهزيلة للمصالحة السياسية. وكرر رأيه القائل بأن الانسحاب المبكر من العراق سيكون «كارثياً»، معرباً عن ثقته في أن القوات الاميركية ستنجح في هزم تنظيم «القاعدة» والجماعات المتطرفة الاخرى في العراق، وفي مساعدة الحكومة العراقية على النهوض. أضاف بوش، «حينئذ، ستكون الاجواء مهيأة لعودة القوات الاميركية الى الديار، بعد نجاحها في تأمين المصالح القومية طويلة المدى للولايات المتحدة في العراق وفي المنطقة». ولعل الاعلان الاكثر أهمية هو في كشف بوش أنه سيرسل رايس وغيتس إلى الشرق الاوسط، في مطلع آب المقبل، من أجل «استخدام الوسائل الدبلوماسية في تقوية الدعم الدولي والاقليمي لحكومة العراق الاقليمية». وتناول بوش لبنان و«حزب الله» في مؤتمره، قائلاً إن «جميع الجماعات المتطرفة ستتشجع بانسحاب أميركي متهور»، من العراق، حيث أن «الصراع في العراق هو جزء من نزاع أوسع ينتشر في أرجاء المنطقة». وهذه الجماعات، كما عددها بوش، هي: «النظام الإيراني الذي يسعى إلى امتلاك أسلحة نووية ويهدد بمسح إسرائيل عن الخريطة، ويقدم في الوقت ذاته أسلحة متطورة للمتطرفين في العراق لاستعمالها لقتل الجنود الاميركيين»، و«الارهابيون في حزب الله الذين يشنون حرباً ضد قوى الديموقراطية قي لبنان، فيما يدربون المتطرفين لفعل الامر ذاته ضد قوات التحالف في العراق»، وأيضاً «النظام السوري الذي يقدم الدعم والملاذ للجهاد الاسلامي وحماس، ويرفض أن يغلق مطاره في دمشق أمام المفجرين الانتحاريين المتوجهين إلى العراق». («السفير»، أ ب، رويترز، أ ف ب)