امس وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مراسيم تمنع السياحة من روسيا باتجاه تركيا، وعدد السياح الروس الذين يذهبون الى تركيا هو 3 ملايين روسي، ولان الشواطئ التركية دافئة فان الروس يذهبون الى تركيا للسياحة والاستجمام على شواطئ تركيا الدافئة. لكن الرئيس بوتين قطع السياحة بين روسيا وتركيا، ثم وقّع على عريضة بمنع الطائرات السياحية كلها من الذهاب الى تركيا، كذلك وقّع على مراسيم تقضي بفرض ضرائب عالية على بضائع تركية تأتي الى روسيا، وهو في تصعيد مستمر ضد تركيا ولكن ماذا يريد بوتين من تركيا بالضبط؟
في المفهوم العسكري، عندما تقوم دولة باسقاط طائرة عسكرية لدولة أخرى على حدود غير مرسومة بالضبط، يكون ذلك طعنة لهيبة الجيش الذي تم اسقاط طائرة منه، واليوم الجيش الروسي هو جيش مجروح من اسقاط طائرته الحربية من قبل الطائرات التركية، ولا يفهم الرئيس بوتين لماذا تم اسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية، ولماذا قامت المعارضة باطلاق النار على الطيار وهو يهبط بمظلته لقتله وهو في الجو كما فعلوا، ولذلك قام الرئيس بوتين بمنح الطيار القتيل اعلى وسام في روسيا وهو وسام بطل روسيا، وهذا يعني عندما يقول انه بطل روسيا فان روسيا ستدافع عن بطل روسيا ولن تسكت بل ستنتقم له. ووقّع الرئيس بوتين على الغاء تأشيرة الدخول بين البلدين، فكل تركي يريد الدخول الى روسيا اصبح عليه الحصول على تأشيرة مسبقة قبل الدخول الى تركيا، وردت تركيا أيضا بأن كل روسي يريد الدخول الى تركيا عليه ان يحصل على تأشيرة دخول، لكن عدد الاتراك الذين يذهبون الى روسيا قليل بينما هناك 3 ملايين روسي يذهبون الى تركيا للسياحة وللاعمال الاقتصادية والتجارية، ولذلك فتركيا هي الخاسرة من فرض تأشيرة الدخول بين روسيا وتركيا، كما ان البضائع التركية فرض عليها بوتين ضريبة عالية والسوق الروسية الكبيرة المؤلفة من 340 مليون روسي والتي كانت تستهلك بضائع تركية فقدت هذه السوق وعلى تركيا ان تفتش عن أسواق أخرى تبيع بضاعتها فيها.
الذين يعرفون إسطنبول يدركون تماما ان إسطنبول فارغة من دون الروس، وان الأسواق ضعيفة جداً وان حركة البيع والشراء في المحلات التركية قد خفّت جداً بسبب غياب الروس عن إسطنبول.
لكن يبقى السؤال الأساسي، هو ماذا يريد الرئيس بوتين من تركيا، وكما ذكرنا فان الجيش الذي سيتم اسقاط طائرة حربية له هو جيش مجروح، خاصة اذا كان بحجم الجيش الروسي، والجواب على هذا السؤال ان الرئيس بوتين يريد الانتقام عسكريا وليس اقتصاديا، ويريد الرد عسكريا على تركيا بعمل ما، والا لما جلب صواريخ منظومة الدفاع الجوي «اس ـ 400» وجلب الطراد موسكو الذي يحمل منظومة الدفاع «اس ـ 300» والمنظومتان الدفاعيتان «اس ـ 300» و«اس ـ 400» قادرتان على اسقاط أي طائرة تركية في الأجواء فتركيا لا تستطيع الصمود في وجه المنظومة الدفاعية «اس ـ 400»، لذلك يريد الرئيس بوتين اختلاق مشكل وافتعال حادثة بينه وبين تركيا يقول الخبراء العسكريون ان الرئيس بوتين قد جهز لها مع القيادة العسكرية الروسية كل شيء، وعناصر الخطة هي انه فور اسقاط طائرة تركية من قبل الجيش الروسي ستحاول تركيا الردّ على روسيا، بالهجوم على قاعدة اللاذقية الروسية او بقصف بارجة في البحر، وعندها عناصر الخطة التي وضعها الرئيس بوتين مع القيادة العسكرية، هي توجيه حوالى 30 ضربة الى البنية التحتية التركية أي الى كل شركات الكهرباء ومعاملها، والى السدود الضخمة في تركيا وهي سدود مياه قد تؤدّي الى فيضانات في نهري دجلة والفرات. إضافة الى ضربة عسكرية لكل الثكنات الحربية التركية وان يحصل الامر دفعة واحدة كي لا يكون هنالك وقت للدول الأوروبية وأميركا للردّ على الضربة الروسية. وقد جهز الرئيس بوتين اكثر من 300 طائرة حربية تنطلق في ذات اللحظة وكل طائرة تعرف هدفها لتقصفه، بمعدّل 4 طائرات لكل هدف، فيتم تدمير معامل الكهرباء والإنتاج في تركيا وتصبح تركيا من دون كهرباء، ثم يتم تدمير السدود المائية وهي سدود كبيرة جدا وتؤدّي الى فيضانات، ثم في ذات الوقت يتم قصف الثكنات العسكرية التركية والقواعد الجوية، كذلك يتم ضرب كل المراكز التجارية الكبرى والمعامل والمصانع دفعة واحدة، وهكذا تنتهي هذه الضربة خلال ساعة، ويعتبر الرئيس بوتين ان أوروبا ستتفاجأ بالضربة التركية، وان اميركا أيضا ستصاب بالمفاجأة، وإذ ذاك لن ترد لا أوروبا ولا اميركا على الضربة الروسية لانها تخاف من حرب مع روسيا، وأوروبا غير مستعدة لحرب مع روسيا لانه وفق ميثاق حلف الناتو الذي تركيا عضو فيه، فان كل دولة ترى اذا كان الخطر كبيرا عليها فانها تشارك في الحرب ضد روسيا، لكن أكثرية دول أوروبا لن تفعل شيئا لان روسيا ضمت ثلث أوكرانيا وضمت شبه جزيرة القرم ولم تفعل شيئا أوروبا تجاه هذا الواقع، فكيف بضربة ضد تركيا ولماذا ستتدخل أوروبا وتشن حرب ضد روسيا وهي غير قادرة على ذلك، وعندما سترى ردة فعل بوتين بالضربة العاصفة التي ستصيب تركيا في كل بنيتها التحتية ومراكزها العسكرية والتجارية والصناعية ومرافئها ومطاراتها، فستعرف أوروبا ان أي حرب مع روسيا ستكون هذه المرة شاملة وربما نووية ودول أوروبا لا تريد انهاء العالم والدخول في حرب نووية. مع ان الرئيس بوتين جاهز لضرب قنابل نووية على مراكز تركية، اذا اضطر الامر لذلك. انما الرئيس بوتين اعطى الأوامر للقيادة العسكرية بأن لا يتم ضرب المدن التركية بالقنابل الذرية والنووية، بل ضرب الثكنات العسكرية والبنى التحتية من كهرباء وسدود ومصانع ومعامل بالسلاح النووي، كي لا يسقط كثير من المدنيين، أي انه لن يتم ضرب إسطنبول وانقرة وانطاليا وماردين والمدن التركية الأخرى، بل سيتم ضرب المعامل والمصانع والثكنات العسكرية والمطارات والمرافىء البحرية ومعامل انتاج الكهرباء والسدود المائية. وهذا كافٍ كي تتلقى تركيا ضربة قاضية لها من روسيا ستصبح فيها تركيا غارقة في مشكلة كبرى جداً لم تحصل لها في التاريخ وقد يقوم الاكراد الذين هم في تركيا وعددهم 17 مليون بالانفصال عن تركيا والانضمام الى كردستان، وقد تقوم أرمينيا إزاء هذه الضربة القوية باسترجاع الأراضي التي احتلتها تركيا، وربما سوريا قد تسترجع لواء اسكندرون وكيليكيا من تركيا بعدما يصاب جيشها بهذه الضربة النووية اذا حصلت وتفاقمت الأمور لانه من غير المؤكد ان الضربة النووية حاصلة لكنها موضوعة على جدول الاعمال لدى الرئيس الروسي بوتين لضرب هذه الأهداف، وضرب هذه الأهداف يعني ان تركيا قد أصبحت كسيحة ومشلولة، وجيشها مضروب كلياً ولا طاقة عسكرية عندها ولا طائرات ولا مراكز تدريب ولا ثكنات عسكرية ولا قواعد جوية ولا كهرباء ولا ماء ولا مطارات ولا مرافىء، وإذ ذاك ستنقض دول عديدة حول تركيا لاخذ اقسام من اراضيها التي احتلتها تركيا اثر مجيء مصطفى كمال اتاتورك رئيسا لجمهورية تركيا وانهاء الخلافة من إسطنبول وتعيين تركيا دولة علمانية قائمة على المبدأ الأوروبي وليس على المبدأ الإسلامي.
انه سيناريو مطروح لدى الرئيس بوتين، والرئيس بوتين قد يأخذ قرارا خطيرا من هذا النوع وينفذه، والرئيس بوتين شجاع الى حد المغامرة الكبرى، وهو لن يسكت عن اسقاط طائرته الحربية، والرئيس بوتين غضب جدا لانه لو كان هنالك قتال جوي بين الطائرة الروسية والطائرة التركية وتم اسقاط الطائرة الروسية لما غضب لكن الطائرة الروسية كانت تسير في رحلة عادية ودورية على الحدود السورية التركية فجاءتها الطائرات التركية من الخلف وغدرت بها واطلقت عليها صواريخ واسقطتها وقتل قائد الطائرة، فيما نجا مساعده، وتأكد الرئيس بوتين ان الطائرة الروسية كانت فوق الأراضي السورية، بدليل ان الطيارين هبطا بالمظلة في الأراضي السورية، ويعتقد الرئيس بوتين او لديه معلومات ان تركيا افتعلت الامر بأن اطلقت صاروخ ارض جو ضد الطائرة الروسية وليس صاروخ «جو- جو» لتقع الطائرة الروسية في مناطق المعارضة ويسيطرون على الطيارين الروسيين، وان تركيا دبرت مقلبا وكمينا لروسيا في هذا المجال وهو لن يسكت عن ذلك. وللدلالة على غضب بوتين فانه لن يستقبل أي شخصية ولا يجتمع مع احد بل فقط يجتمع مع رئيس وزرائه وقائد الجيش الروسي ومنع كل الزيارات الأخرى عنه، ولا يريد ان يبحث الا في الانتقام من تركيا. فهل يستطيع الرئيس الفرنسي هولاند جمع الرئيس التركي اردوغان بالرئيس الروسي بوتين في باريس في 30 الشهر، ام يبقى الخلاف التركي ـ الروسي وتنتقم روسيا من تركيا ويحصل ما يحصل من مفاجآت وحروب ودمار لا احد يعرف مصيرها وتداعياتها ونهايتها.
عن الديار