أعلن الرئيس الأميركي في الأسبوع الأخير من حزيران (يونيو) الماضي انه قرر تعيين مبعوث خاص لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك بهدف تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي.
هذا الإجراء جزء من اعتقاد الولايات المتحدة بأن أزمة العلاقة بينها وبين العالم الإسلامي أساسها الفهم الخاطئ لدى الدول الإسلامية للسياسات الأميركية. واستقبل هذا الحدث في العالم الإسلامي عموماً بحذر شديد، ذلك أن واشنطن فقدت ثقة العرب والمسلمين في عهد هذه الإدارة بسبب احتلال العراق ومساندتها المطلقة للعدوان الإسرائيلي وتصديها للإسلام والمسلمين تحت شعار مقاومة الإرهاب. في الوقت نفسه اعتبر البعض أن تعيين ممثل خاص للرئيس الأميركي هو لفتة غير مسبوقة في الاهتمام بمنظمة المؤتمر الإسلامي. ويمكن تقييم الخطوة الأميركية في ضوء عدد من الاعتبارات: 1- الصورة الذاتية الأميركية، فما دامت واشنطن ترى أنها على حق، فلن تنجح أي سياسة لتجميل الصورة القبيحة، ولسنا في هذا الصدد بحاجة إلى التأكيد أنه لا يمكن أن يستقيم الظل والعود أعوج. فلا تزال لدى العالم الإسلامي عشرات الأسباب لمعاداة الولايات المتحدة، ولذلك فان تجاهل الواقع ينطوي على إمعان في الخط الأميركي الذي لا يكترث بالآخر. فهل ترى واشنطن في دعمها المطلق لاسرائيل ما يجب توضيحه حتى يقبله العالم الإسلامي؟ وهل ترى واشنطن في جرائم قواتها وسياستها التدميرية في العراق بطولة لا يقدرها العالم الإسلامي؟ وهل تصر واشنطن على أن وجود قوة دولية قوامها 24 ألفاً تنفق البلايين هو الحل الصحيح للجوانب الإنسانية من مشكلة سياسية تعيق واشنطن حلها من طريقها الصحيح في دارفور؟ وماذا تقول واشنطن عن استهداف المسلمين حتى داخل الولايات المتحدة؟ وهل هي مقتنعة فعلاً بأن سياستها الباطشة في العالم الإسلامي هي حقا لمقاومة الإرهاب؟ وكيف تستخدم واشنطن المبررات الإنسانية للتدخل في العالم الإسلامي، فيما ترتكب أبشع الجرائم ضد حقوق الإنسان في كل مكان خصوصاً في غوانتانامو؟ وكيف تبرر موقفها من السجون السرية حول العالم؟ وهل ترى أن استهداف «حماس» لأنها منظمة إسلامية وغض الطرف عن المتطرفين الدينيين اليهود يمكن تجميله؟ وهل تنكر واشنطن أنها بامتهانها للقانون الأميركي والدولي هي التي شجعت إرهاب الشباب المسلم وورطته في مقتل فضاعوا وأضاعوا؟ 2- ان اختيار منظمة المؤتمر الإسلامي يظهر فهم واشنطن السطحي للأمور, ذلك أن المنظمة منذ قيامها عام 1969 كان هدفها استرداد القدس والأراضي المحتلة ومقاومة التهويد ودعم الدول العربية التي تحتل اسرائيل أراضيها، فهل هذا يرضي واشنطن ويدفعها إلى العمل مع المنظمة؟ 3- هل تريد واشنطن أن يكون مبعوثها مراقباً كما طلبت موسكو، وهل هناك علاقة بين تقارب واشنطن من المنظمة الاسلامية وعلاقاتها بالأقلية الإسلامية في الولايات المتحدة؟ ان تعيين ممثل أميركي لشؤون منظمة المؤتمر الإسلامي مناورة بائسة جديدة ودليل على تخبط واشنطن وإغفالها للواقع المزري الذي نشأ نتيجة سياساتها في العراق ولبنان وفلسطين ودارفور والصومال. أما القول بأن تعيين هذا الممثل دليل على اهتمام واشنطن بالعالم الإسلامي وأنها تريد أن تتفهم مآخذ العالم الإسلامي ضدها، فربما صدر هذا القول ممن لا يتابع العقل الأميركي وتبعاته.