قفص كالأقفاص القديمة التي مرت من هنا أيضا في يوم حزين بتاريخنا حينما حُملت الرؤوس مع السبايا في رحلة قهر لقيم السماء من كربلاء إلى دمشق مرورا بنفس الأرض ونفس الشعب المخدر بين أطياف الفسق المغمور بشرور الدعاية..
يعود اليوم وكأنه يعيد رسم الصور وتصوير المشاهد لمن فاتته فضائح الجيل الفائت….!!
في موكب الأقفاص الحديدية التي صنعتها اليوم داعش لواحد وعشرين أسيرا كرديا..
جردتهم من ملابسهم…. ووضعت على أجسادهم الرداء البرتقالي صاحب اللغة العالمية المفعمة بدخان الموت حين يأتي دائما كجار للبشاعة عندما تغرب عن بلادنا مشاعر الإنسانية وقيم الأخلاق
الرداء الذي يجاور سكينا أو شعلة من النار أو لغما جاهز للانفجار..!
ولكن من الضروري أن يكون الرداء نظيفا حتى يبهر المُشاهد عبر الصور التي ستُشرف عليها بعد قليل كاميرات هوليوديه متخصصة في بث الرعب كجزء من سيناريو الحرب النفسية التي تقودها داعش السلفية من أجل قهر أمة العرب والمسلمين بينما تَسلم إسرائيل وتَفرح أمريكا و ترفض قطر مس هؤلاء الأوغاد بالإيذاء أو وصفهم بالضلال والسفه..!
بل لم تخرج عاصمة عربيه واحده منددة بفعل داعش كونه مسيئا للإسلام والقرآن ودين الرسول….!
بينما خرج العالم الإسلامي باكيا صارخا وقد شق الحناجر من أجل رسم منقوش بجريده مغمورة بنوع من الحبر الردئ قيل أنه ينقل رسما لسطر في كتاب تراثي قديم يصور النبي على أنه رجلا جنسي وقد نقلت عنه الأحاديث ما بثته الرسوم التي اعتبرها القوم مسيئة دون أن ينزعجوا ممن كتب الصورة وقدم السيناريو فاعترضوا على التصوير ولم يعترضوا على التَصَور كجزء من بيئة الجريمة التي يتكفل بها العقل العربي المسيء لكوكب الأرض
العقل الذي لم يعد يعرف منظومة الخطأ من الصواب ولا الأخلاقي من الشيطاني…!
هذه البيئة هي التي أنتجت داعش…
دخلت المخابرات على الخط نعم….
استخدموا داعش ليمروا على أنوفنا بخط النفط نعم…..
ولكن يقينا لم يخترعوها… فقط استثمروا فيها..!!
لقد هالني الحدث وما يحيطه من بشاعة…!!
فشريط الفيديو يقدم مشاهد متتابعة لأسرى مكبلين الأيادي داخل أقفاص حديديه على سيارات حديثه ممتلئ خزانها بالوقود تمر وسط طرقات مدينة كركوك بثقة المنتصر…!!
لن نتحدث عن مصدر السيارات التي تجري شبيهتها بشوارع الدوحة القطرية….
ولا مصدر النفط المصفي الذي لم تعاني منه نقصا مناطق داعش القاحلة…!!
ولا مشاعر الطمأنينة هذه التى أمنت العقاب وهي تحت عيون الأقمار الصناعية التي كانت تزعم بها أمريكا أنها تستطيع معرفه نوع الملابس الداخلية لصدام حسين…!!
في وسط الشوارع ووسط الجماهير يمر موكب الأسرى سيارة خلف الأخرى وفوق ظهرها علم داعش الذي يغازل جنون الغافلين بينما جماهير العرب السنة في كركوك قد اصطفوا على جانبي الطريق في صخب المحيين….!
يحيون موكب يحمل الناس إلى الذبح…!!
يكبرون وسط هياج فرحه تقول أننا أمة لا تستحق النصر..!
هذه الحواضن الإرهابية كيف كبرت…؟
كيف امتزج وعيها بالعنف والتزم به ورآه دينا..؟
هل ولدت لكم أمريكا شعبا بديلا أيضا…؟
هل ألقت بهم إسرائيل من تل أبيب كي يستقبلوا هكذا الموكب الإجرامي في تهليل وتكبير…؟
إنها الثقافة السلفية التي غزت الأزهر لتصبح المسئولة الأولى عن هذا الإجرام الذي ينتشر ويكبر…
وهي نفسها الثقافة التي أشرف عليها الإرهاب الأول حينما مر يوم كربلاء موكب السبايا وبذيله بنات الرسول وفي المقدمة صناديق الرؤوس…!!
وبين تهليل وتكبير لنفس الجماهير التائهة عن معرفه الحقيقة
وكأن الإرهاب فينا قد أصبح جينا سوف ينهينا….؟
لم نعد نحتاج لتحصين…
بل لتفريغ كل القذارة التي برؤوسنا والتي سكبها الكهنة والمفسرين في جماجمنا وإعادة الوعي إلى الصفر ثم التعلم من جديد….
من الكتاب دينا رحمانا رحيما حقوقيا عاقلا يهدي إلى سواء السبيل
وإلا فالأقفاص ستمر من كل شوارعنا في يوم قريب.