بنت التسع شهور …. صغيره كلوحة رسمها الجمال بريشة من نور ..ملامحها …. تتجمع فيها طبيعة أمه اختارت أن تعيش خلف الغروب بعدما صمتت على سحق يذوب براءتها ويناصر قتلتها… براءتها …. تحكي عن وثنيه الأفكار التى احتلت شعاب القلوب
نحرها …. على مذبح سلفي يدفعك لأن تمسك بتلابيب تاريخك كله ثم تلقيه من فتحه الباب …أمامها سجد باكيا الفكر التنويري الذي لم يستطيع هزيمة البلاء الذي يحتل صدور المسلمين على يد شيوخ المنكرات وزواج الصغيرات والشحن الطائفي ووجوب قتل المخالفين وإهلاك زراري المحاربين ..!!
عندها اختبأ الضياء … فقد ترك ساحاتنا نهبا كي تأخذ نصيبها من ظلام يقترب غصبا بعدما وقع لنورهان لم يبقى في هذه الأمة أملا ما دام ظلها خلف شيوخ الفتنه مصرا أن يركع ….!!
قصتها.. طفله سنيه.. لأب سني.. من مدينه الرمادي.. لم تتم سنتها الأولى فهي لازالت تخوض بغمار شهرها التاسع…
كما بالصورة .. والدها احد الرجال الذين اختاروا الخروج إلى الجبال لقتال داعش التى روعت الأحياء وقتلت الأقارب والأصدقاء وترفع راية تزعم أنها تريد حكم الشريعة بفقه شيخهم السلفي ابن تيميه وابن عبد الوهاب..!!
لم يرى في عملهم دينا يعرفه …. فهو ابن الحارة التى تآخت فيها الكنائس بالمساجد …. وحفيد ثقافة شعبيه ترى الأخوة في الإنسانية أصلا تعضده الديانات وتقويه الأعراف وتعززه الفطرة السوية لم يرى الله يطالبه بذبح بل حياه …. ولا بقتل بل رحمه … ولا بتخريب بل نهضة ونماء .. ولا بهدم للتراث بل صيانة لتاريخ من مروا على هذه البلاد ..
فالتاريخ يحتل أكثر من نصف سطور كتابه القرآن الكريم ..!
خرج والد نورهان ليكون بجوار إخوانه في الوطن والدين من المسلمين الشيعة الذين جاءوا من الجنوب لحماية أهله في الرمادي وأخواله في تكريت وأعمامه في ألأعظميه وباقي أقاربه في الأنبار التى احتلها داعش ..!
جاءوا يبذلون الجهد والدم والمال في سبيل الحفاظ على وطن واحد لمواجهة الطائفية ومن غذاها حتى صنع منها داعش التى استقبلت مجرمي الأرض من اجل احتلال العراق توطئة لتقسيمه الذي يستهدف العمل بأجندة بني إسرائيل..!..
علت الأصوات التى لا تريد للعراق خيرا … تطالب بألا يدخل الحشد الشعبي القادم من الجنوب لغسل العراق بماء التضحيات المقدس … وأن أهل الرمادي من السنة هم من سيدافعون عنها في مواجهة الدواعش …
لم يكن الحوار في فهم الأوطان مقبولا فالعراق وطن الجميع ولكنها المكيدة التى كانت تُدبر كي يبلعها الساسة من جديد ..!!
وما هي إلا عده أيام حتى دخلت داعش على الرمادي وهرب منها الجنود من الشرطة والجيش السنة كما يحب أن أسميها الطائفيون
فماذا صنعت داعش حينها بنورهان …؟
لقد نحرتها مع أسرتها جميعا ….!طفلة .حرب .قتل
ورد بطيف يختلط فيها البياض بضوء الشمس المائل للاحمرار وكانت جنايتها مع أسرتها أن أبوهم يقاتل مع الآخرين حفاظا على العراق من مكر الداعشين ..
فيا لصرخة الدين ويا لنكبة الخلق الكريم..!!
هم مجرمون رحل يعيدون لخيال الحياة أفلام دراكولا ومصاصي الدماء ..صمت خلف صغرها الجميع .. تشمعت بالتراب أفواه الطائفيين …
ركنت خلف الصمغ المر ألسنة أصحاب الفتاوى والمهرجين على القنوات من دعاة الفتن وعيال الخيام وطوابير الفيسبوكيه ممن يجيدون النسخ على سطور الفتنه لنحر هذه الأمة من الوريد إلى الوريد …!!
لم يذكر أحد نورهان …
لأنها من بيت سني والسكنيين الذي نحرها من أعالي الفكر الحنبلي السني ….!!
ولكن هل هذا مبرر …؟
ألا يظل الإجرام جريمة تحتاج للتشهير بالمجرمين …؟
ساعتها عرفت أن الحلف متسع بين داعش التى تنحر وداعش بيننا في كل وسائل التعليم والإعلام والفتوى التى حين الضرب على دفوف الفتن الطائفية تظهر …!!
ماذا لو كانت نورهان قتلت خطأ بسلاح الحشد الشعبي الشيعي مثلا ..كم كانت ستملأ صورتها القنوات ووسائل الإعلام وحولها أكوام الزهور وبحور من الدموع ..؟
ربما استمر ساهرا لشهور حشد الموساد ومعه حشود المشايخ ومن معهم من المشايعين البسطاء الذين رباهم الجهل والسطحية ….!
أود أن أؤكد كراهيتي للطائفية والتمييز بين البشر ولكن هنا التوضيح واجب حتى لا نقع بين الحين والآخر في الخطر
أحذروا من الطائفية فهي سم الأوطان …
تعلموا الموضوعية والإنسانية فهما الجسر الواصل بنا لبر الأمان ..
أنكروا المنكرات كلها حتى لو صدرت من يد محب على خد من لا نحب …!
تعلموا أن تكونوا بشرا … كي تكونوا بحق مسلمين …!
سلام على العراق الجريح الذي بين ترابه الشريف ترقد نورهان البرئيه التى ستسقط براءتها داعش ومن سلحها …..
وسلام على الشام التى لا زالت من فعل المجرمين تسيل منها الدماء …
وسلام على أوطان ينهشها مكر من كنا نظنهم يوما كبارا خلقا ودينا وعطاء ….
وفي درس نورهان تكتمل القصة الشنيعة …
استيقظوا قبل فوات الأوان ..!