تحوّلت كارثة سقوط الطائرة الماليزية «أم أتش 17»، التي قُتل فيها نحو 300 شخص أمس الأول فوق شرق أوكرانيا، إلى نقطة شد حبال بين موسكو والغرب الذي حمّل مسؤولية اسقاطها للميليشيات الانفصالية المؤيدة لروسيا في المنطقة، بينما طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته بتحقيق «شامل غير منحاز» في هذه المأساة.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، إن صاروخ أرض جو أُطلق من أراض يسيطر عليها انفصاليون تدعمهم روسيا في شرق أوكرانيا هو المسؤول عن اسقاط طائرة الركاب الماليزية، مشيراً إلى أن بوتين لديه أكبر نفوذ لتقليل العنف في أوكرانيا لكنه لم يفعل ذلك. وفي تلميح إلى قدرة المتمردين على إسقاط الطائرة، لفت أوباما النظر إلى أن الانفصاليين تلقوا دعماً مستمراً من روسيا شمل أسلحة مضادة للطائرات.
من جهتها اتهمت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور موسكو مباشرة، بقولها أمام مجلس الأمن خلال جلسة حول كارثة سقوط الطائرة الماليزية، إنه «بسبب التعقيدات الفنية للصاروخ إس.إيه ـ 11 فإنه من غير المرجح أن يتمكن الانفصاليون من تشغيل النظام بفاعلية من دون مساعدة من أفراد على دراية، ولذلك فانه لا يمكننا ان نستبعد تقديم مساعدة فنية من أفراد روس في تشغيل النظام».
ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أمس، خلال مناقشة نص اعدته بريطانيا، الى إجراء «تحقيق دولي كامل ومستفيض ومستقل» في حادث اسقاط الطائرة الماليزية. وحث جميع الأطراف على السماح للمحققين بالوصول الى موقع الحادث. كما دعا، في بيان تمت الموافقة عليه بالإجماع، الى توقيع «العقاب المناسب».
وفي السياق ذاته، قال مسؤول أميركي إن أفراداً من مكتب التحقيقات الفدرالي وهيئة سلامة النقل الأميركية بصدد الذهاب إلى المنطقة ليقدموا المساعدة الاستشارية للتحقيق في الحادث. كما أعلن رئيس «منظمة الأمن والتعاون» في أوروبا ديدييه بوركهالتر أن المنظمة تبحث مع الانفصاليين فتح «ممر» آمن للمحققين الدوليين ليتمكنوا من الوصول الى موقع تحطم الطائرة.
في غضون ذلك، قال المكتب الصحافي للرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو إن الاخير تحدث إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، بشأن الفريق الدولي الذي سيجري تحقيقاً في ملابسات إسقاط الطائرة الماليزية. وأضاف المكتب، في بيان، إن «الرئيس شدد على بقاء الصندوقين الأسودين الخاصين بالطائرة لدى خبراء دوليين وأنه لا يجب السماح للإرهابيين بنقلهما إلى دولة ثالثة»، مشيراً إلى أن الرئيس الأوكراني «دعا إلى مشاركة خبراء ألمان وبريطانيين في التحقيق».
في المقابل، قال الرئيس الروسي إنه على اتصال ببوروشينكو، ودعا إلى وقف إطلاق النار بين الإنفصاليين والقوات الحكومية الأوكرانية في شرق البلاد لإتاحة الفرصة لإجراء مفاوضات.
وأفاد الكرملين، في بيان، بأن «رئيس الدولة الروسية (بوتين) أكد أن المأساة تبرز مجدداً الحاجة إلى حل سلمي عاجل للأزمة الحادة في أوكرانيا».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مسـار الطـائرة الماليـزية يقـع في مرمى الأنظمة الصاروخية للدفاع الجوي الأوكراني. وأوضح المكتب الصحافي للوزارة، أن جزءاً من مسار الطائرة ومكان تحطمها يقعان في مرمى اثنتين من بطاريات الصواريخ «أس ـ 200» للدفاع الجوي الأوكراني و3 أنظمة من طراز «بوك ـ أم 1».
من جهته، أمِل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في «محاسبة المسؤولين» عن سقوط الطائرة، معتبراً أنه «حادث يثير صدمة كبيرة ومروع ولا يمكن التساهل معه».
بدوره، ألقى رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت باللائمة على روسيا بشأن إسقاط الطائرة، بينما قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الانفصاليين مسلحون تسليحاً جيداً وإن بعض أسلحتهم تأتي فيما يبدو عبر حدود روسيا.
وحذرت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» من التسرع في توجيه الاتهام لروسيا باسقاط الطائرة، لكنها قالت إنه ينبغي تقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة لارتكابهم «عملاً إرهابياً لا يمكن التسامح بشأنه».
أمنياً، قال المكتب الصحافي لـ «جمهورية لوغانسك الشعبية» الانفصالية إن «القذائف تتساقط في كافة المناطق تقريباً، بما في ذلك في وسط المدينة، وحسب معلومات أولية غير مؤكدة فإن أكثر من 20 مدنياً قتلوا ابتداء من صباح أمس، حسبما نقلت قناة «روسيا اليوم».
من جهته استبعد «رئيس الحكومة» في «جمهورية دونيتسك الشعبية»، المعلنة من جانب واحد في شرق أوكرانيا، الكسندر بوروداي التوصل الى وقف لإطلاق نار كما تطالب واشنطن والدول الأوروبية بعد حادثة سقوط الطائرة الماليزية. وقال، في مؤتمر صحافي في دونيتسك، إن «وقف اطلاق النار ليس مطروحاً ولكننا سنسمح للخبراء بالوصول الى مكان الكارثة».
(«السفير»، أ ف ب، رويترز، أ ب)